ما هو الإعصار؟
يُعتبر الإعصار ظاهرة مناخية تتمثل في تشكيل نظام دائري من الغيوم والعواصف الرعدية ذات الدوران المغلق والارتفاع المنخفض. تتكون الأعاصير غالباً فوق المياه المدارية أو شبه الاستوائية. تُشير المسميات المختلفة للأعاصير في دول العالم إلى نفس الظاهرة، حيث يُطلق على الأعاصير في الدول الغربية من المحيط الهادئ، مثل الصين واليابان والفلبين، مصطلح “التيفون” (بالإنجليزية: Typhoon)، بينما تُعرف في مناطق شمال المحيط الأطلسي وشمال شرق المحيط الهادئ باسم “الأعاصير” (بالإنجليزية: Hurricanes). وفي الدول الواقعة في جنوب غرب المحيط الهادئ والمحيط الهندي، تُسمى هذه الظاهرة “الأعاصير المدارية” (بالإنجليزية: Tropical cyclones) أو “الأعاصير” (بالإنجليزية: Cyclones).
عملية تكوّن الإعصار
تتطلب نشوء الأعاصير توافر ظروف معينة في المياه والغلاف الجوي، حيث تتشكل عند ارتفاع درجة حرارة مياه المحيط إلى مستوى لا يقل عن 27 درجة مئوية. هذه الحرارة الأكوالية تؤدي إلى زيادة تبخر المياه، مما يمد الإعصار بالطاقة الضرورية لاستمراره. بالإضافة إلى ذلك، يمكن للأعاصير أن تنتقل عبر المياه الباردة، حيث تؤدي حركتها فوق المياه الدافئة إلى تبريدها نتيجة امتصاص الحرارة.
يتطلب تكوّن الأعاصير وجود خصائص محددة للرياح في الغلاف الجوي، حيث يجب أن تتسم الرياح السائدة بنفس القوة والاتجاه على جميع الارتفاعات. بالإضافة إلى ذلك، يجب أن تكون الرياح دافئة بالقرب من سطح المحيط وباردة في الطبقات العليا. بينما يمكن أن تتعرض الأعاصير إلى ما يُعرف بظاهرة “قطع الرأس” (بالإنجليزية: Head cut off) في حال عدم توافق سرعة واتجاه الرياح في طبقات الجو المختلفة.
تسهم الاضطرابات الجوية الأولية (بالإنجليزية: Initial disturbance) في ظهور الأعاصير، وتشير هذه الاضطرابات إلى حالة من الضغط الجوي المنخفض الناتجة عن مراكز الضغط الجوي. وغالباً ما تسبق الأعاصير مجموعة من العواصف الرعدية التي تنشأ نتيجة تلاقي الرياح التجارية الأفقية (بالإنجليزية: Horizontal trade winds) القادمة من المناطق المدارية. يتسبب هذا التلاقي في دفع الهواء إلى الارتفاع، مما يؤدي إلى تكوّن تجمّعات من العواصف الرعدية.
أجزاء الإعصار
عين الإعصار
تُعرف منطقة “عين الإعصار” (بالإنجليزية: The Eye) بأنها المركز الرئيسي للإعصار، حيث تتميز بهدوء نسبي وصفاء في السماء. عند دخول عين الإعصار إلى منطقة ما، تتوقف الأمطار وتظهر السماء صافية قبل أن يعود الوضع إلى العواصف من الاتجاه المعاكس. يتراوح قطر عين الإعصار بين 32 و64 كيلومتراً.
جدار العين
يُحيط بجدار العين (بالإنجليزية: The Eyewall) منطقة عين الإعصار، وما يميز هذا الجزء هو قوته وشدته. يتكون جدار العين من عواصف رعدية ورياح شديدة تتسبب في زيادة قوة الإعصار. تلعب هذه الأجزاء دوراً مهماً في تحديد سرعة الرياح المرتبطة بشدة الإعصار.
الدوّامات الماطرة
تُعرف الدوّامات الماطرة (بالإنجليزية: The Spiral Rainbands) بأنها موجات من العواصف الرعدية الممطرة، التي تمتد من خارج جدار العين لعدة كيلومترات. وقد يتراوح عرض هذه الدوّامات من عدة كيلومترات إلى عشرات الكيلومترات، وطولها يمتد من 80 إلى 483 كيلومتراً من عين الإعصار. يوضح مثال إعصار أندرو (Andrew) عام 1992م ومدى امتداد الدوّامات الماطرة المتعلقة به، والتي وصلت إلى نحو 160 كيلومتراً. وبالإضافة إلى ذلك، في إعصار جيلبرت (Gilbert) عام 1988م، امتدت تلك الدوّامات إلى 804 كيلومترات.
مخاطر الأعاصير
تمثل الأعاصير تهديداً خطيراً للمناطق المتضررة، حيث تسبب أضراراً جسيمة للممتلكات وتؤثر سلباً على البيئة الطبيعية، خاصة في المدن والقرى الساحلية. يُسجل سنوياً ما يزيد عن عشرة آلاف حالة وفاة ناجمة عن الأعاصير والعواصف الاستوائية الملازمه لها، حيث تساعد الحركة السريعة للعواصف في ارتفاع مستويات مياه المحيط لتصل إلى 6-9 أمتار، مما يعرض المناطق المنخفضة على الساحل للغمر بالمياه.
تؤدي الأمطار الغزيرة الناتجة عن الأعاصير إلى فيضانات في الأنهار وحدوث انزلاقات أرضية. وعلى الرغم من أن هذه الفيضانات قد لا تستمر لفترة طويلة، إلا أنها قد تسبب أضراراً جسيمة، مما يعتمد على شدة الإعصار وطبيعة المناطق المتأثرة. يمكن أن تمتد آثار الأعاصير إلى ما وراء المناطق الساحلية، لكن غالباً ما تكون تأثيراتها أقل حدة. لا تقتصر الأضرار الناتجة عن الأعاصير على الفقد المادي، بل تشمل أيضاً التأثيرات على البيئة الطبيعية، مثل تآكل السواحل بسبب نقل كميات كبيرة من الرمال.
تصنيف الأعاصير
يمكن قياس شدة الأعاصير باستخدام مقياس سفير-سمبسون (Saffir-Simpson) الذي يقيم حجم الأضرار الناتجة عن كل نوع عند وصوله إلى اليابسة. يصنف خبراء الأرصاد الجوية الأعاصير إلى خمس فئات، تبدأ من الفئة الأولى الأقل تأثراً إلى الفئة الخامسة الأكثر شدة. يوضح الجدول التالي فئات الأعاصير وقوة كل منها، إضافةً إلى الأضرار المحتملة:
(1) | 119-153 | تدمير الأشجار وهدم السياجات | إعصار جاستون (Gaston) الذي ضرب جنوب كاليفورنيا عام 2004م |
(2) | 154-177 | سقوط الأشجار، وتدمير لوحات الطرق، وكسر النوافذ | إعصار فرانسيس (Frances) الذي ضرب فلوريدا عام 2004م |
(3) | 179-209 | انهيار الأشجار الكبيرة، وتدمير الطائرات الصغيرة | إعصار إيفان (Ivan) الذي ضرب ألاباما عام 2004م |
(4) | 211-249 | انهيار الأسقف الضعيفة، وتضرر الأرصفة | إعصار شارلي (Charley) الذي ضرب فلوريدا عام 2004م، وإعصار هارفي (Harvey) الذي ضرب تكساس عام 2017م |
(5) | أكثر من 251 كم/ساعة | تدمير شامل للمباني، وسقوط جميع الأشجار تقريباً | إعصار أندرو (Andrew) الذي ضرب فلوريدا عام 1992م، وإعصار يولاندا (Yolanda) الذي ضرب الفلبين عام 2013م |
أين تحدث الأعاصير؟
تظهر الأعاصير في مناطق متعددة من العالم، ويظهر الجدول التالي المناطق وأوقات حدوثها، بالإضافة إلى معدل وقوعها سنوياً:
خليج المكسيك، شمال المحيط الأطلسي، البحر الكاريبي | يونيو حتى نوفمبر، تصل ذروتها في سبتمبر | 6.4 إعصار في السنة |
أجزاء من المكسيك وشمال شرق المحيط الهادئ | مايو حتى نوفمبر، ذروتها في نهاية أغسطس وأوائل سبتمبر | 8.9 إعصار في السنة |
شمال غرب المحيط الهادئ، أجزاء من آسيا حتى بحر الصين الجنوبي | طوال العام، مع ذروتها بين يوليو ونوفمبر | 16.5 إعصار في السنة |
شمال المحيط الهندي، بما في ذلك خليج البنغال وبحر العرب | أبريل حتى ديسمبر، ذروتها في مايو وأيضاً نوفمبر | 1.5 إعصار في السنة |
جنوب غرب المحيط الهندي من أفريقيا حتى 100° شرقاً | أواخر أكتوبر حتى مايو، مع ذروتها في منتصف يناير وFeb. إلى أوائل مارس | 5 أعاصير في السنة |
جنوب شرق المحيط الهندي، الساحل الشمالي لأستراليا، من 100 إلى 142° شرقاً | أواخر أكتوبر حتى مايو، الذروة في منتصف يناير وأواخر فبراير إلى مارس | 3.6 إعصار في السنة |
جنوب المحيط الهادئ، الساحل الشرقي لأستراليا، من 142° شرقاً إلى 120° غرباً | أواخر أكتوبر حتى مايو، وصول الذروة في أواخر فبراير إلى أوائل مارس | 5.2 إعصار في السنة |