تعاريف تعدد الزوجات
تعدد الزوجات هو مفهوم فقهي يُشير إلى السماح للرجل بالجمع بين أكثر من زوجة واحدة ضمن عقد زواج، بشرط أن لا تتجاوز عدد الزوجات الأربع. وقد تم تناول مشروعية هذا التعدد في النصوص القرآنية والسنة النبوية. حيث يقول الله تعالى: (وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَىٰ فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاءِ مَثْنَىٰ وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَلَّا تَعُولُوا). كما حث النبي محمد صلى الله عليه وسلم من دخل في الإسلام ولديه أكثر من أربع زوجات على الإبقاء على أربع فقط وترك الباقي، كما ورد عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه قوله: (أسلم غيلان الثقفي وعنده عشر نسوة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أمسِكْ أربعًا وفارِقْ سائرهنَّ).
من الشروط الأساسية لممارسة التعدد هو تحقيق العدل، والذي ينطوي على الجوانب المالية والمعنوية. وقد نبّه النبي صلى الله عليه وسلم على مخاطر الظلم عند ممارسة التعدد. فعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: (مَنْ كانَتْ لهُ امْرَأَتَانِ فمالَ إلى إحداهُما جاء يومَ القيامةِ وشِقُّهُ مائِلٌ). وأكد الله تعالى في كتابه أن تحقيق العدل قد يكون صعبًا، حيث قال: (وَلَن تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ).
في حال وُجد حب خاص لشخصية من الزوجات، أوصت الشريعة الإسلامية الرجل بتقوى الله تعالى وأكدت ضرورة عدم الظلم. قال الله تعالى: (فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ وَإِن تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّـهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا). ويجب على المسلمين الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم الذي لم يُفضل واحدة على أخرى في التعامل. كما روت عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قائلة: (كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لا يُفضِّلُ بعضَنا على بعضٍ في القَسْمِ).
شروط إباحة تعدّد الزوجات
تتطلب ممارسة التعدد مجموعة من الشروط، وهي كالتالي:
- الحد الأقصى للزوجات المسموح به هو أربع أو أقل، حيث يُحرم الزيادة عن ذلك. يقول الله تعالى في سورة النساء: (فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاءِ مَثْنَىٰ وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ).
- تحقيق العدل بين الزوجات في الموارد العامة كالنفقة والسكن. كما يجب الحرص على الاستطاعة لتحقيق العدل في العاطفة، فإن كان الرجل يميل في قلبه لواحدة دون أخرى فلا يُحاسب على ذلك، ولكنه مطالب بالتقوى وأداء الحقوق للجميع بالمساواة. قال الله تعالى: (فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَلَّا تَعُولُوا).
- يتعين عدم الجمع بين الأختين أو بين البنت وخالتها أو البنت وعمّتها في عقد زواج واحد؛ حيث يُعتبر هذا الجمع مُحرّمًا بالإجماع بين الفقهاء والعلماء.
- وجود قدرة مادية كافية للزواج، والتحمل المالي للإنفاق على أكثر من زوجة وتلبية احتياجات كل منهنّ، إذ يُعتبر الزواج بواحدة فقط لمن لا يملك القُدرة المالية غير جائز، فما بالك بالتعدد. ويقول الله تعالى: (وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّـهُ مِن فَضْلِهِ).
وقد أوصى النبي محمد صلى الله عليه وسلم الشباب القادرين على الزواج بالقيام بذلك، أما من يعجز عن تكاليف الزواج فعليه بالصيام. كما أخرج الإمام مسلم في صحيحه عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: (يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ البَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، فإنَّه أَغَضُّ لِلْبَصَرِ، وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَن لَمْ يَسْتَطِعْ فَعليه بالصَّوْمِ، فإنَّه له وِجَاءٌ).
- على الزوج أن يكون قادرًا على إعفاف الزوجات وحمايتهنّ عن المحظورات.
الحكمة من تعدد الزوجات
الحكمة من المنظور العام
تتجلى الحكمة من تعدد الزوجات في الشريعة الإسلامية من جوانب متعددة، ومن أبرزها:
- تواجد عدد أكبر من النساء مقارنة بالرجال، مما يجعل التعدد سببًا لحفظ حقوق النساء وتلبية احتياجاتهنّ وتوفير الأمان لهن في غياب عدد كافٍ من الرجال.
- دعم نمو المجتمع وازدياد الأعداد من خلال تزايد النسل، ليكونوا وسيلة للاستخلاف والإعمار وحماية أوطانهم في الأوقات الحرجة.
- نشر وتعزيز الدعوة الإسلامية من خلال بناء العلاقات الأسرية وزيادة التعاون والترابط الاجتماعي.
الحكمة من المنظور الخاص
تنكشف الحكمة من تعدد الزوجات من وجهة نظر خاصة من خلال ما يلي:
- الرغبة في الإنجاب: وهو حق من حقوق الزوج، حيث قد تكون الزوجة عقيمًا أو كبيرة في السن ولا تستطيع الإنجاب، مما يدفع الرجل للتفكير في التعدد تحقيقًا لرغبته.
- ازدياد الشهوة لدى الرجل وعدم قدرته على تحقيقها من خلال زوجة واحدة، فيستعين بالتعدد لإشباع حاجته والحفاظ على نفسه.
- حاجة الرجل لامرأة ثانية في حال السفر لفترات طويلة، حيث يبحث عن من تلبي احتياجاته في تلك الأوقات.
- معاناة الزوجة من مرض طويل الأمد قد يمنعها من الوفاء بالتزاماتها، مما يستدعي وجود امرأة أخرى تساعد الزوج دون الطلاق.
- توفير الحماية للمرأة من الوقوع في الحرام نتيجة تأخر زواجها.
- يمكن أن يكون التعدد بديلاً عن الانفصال والطلاق، مما يسمح للرجل بالزواج مرة أخرى دون ترك زوجته الأولى.