توضيح معنى التعبير القرآني من حيث اللغة والمعنى الاصطلاحي

تعريف التعبير القرآني من حيث اللغة والاصطلاح

تعريف التعبير القرآني لغةً

تتعدد التعريفات المعجمية للفظة “تعبير” بحسب معجم المعاني، ومنها ما يلي:

  • التعبير يعنى بالقول.
  • قولهم بتعبير آخر يشير إلى: بكلام آخر.
  • عبارة “يمتاز بقوة التعبير” تعني: الكلام ذو الدلالة والقوة.
  • “على حد تعبيره”: بمعنى وفقًا لأسلوبه وكلامه.

أما في ما يتعلق بتعريف القرآن من منظور اللغة، فإنه مشتق من مادة “قرأ”، حيث يشير معنى “قرأت الشيء” إلى جمعه وضمه، وبالتالي فإن كلمة قرآن تعني الجمع، كما في قولهم: “لم تقرأ هذه الناقة جنيناً”، مما يعني أنها لم تضم رحمها على الولد. ووفقًا لما قاله أبو عبيدة -رحمه الله-: “سمي قرآنًا لأنه يجمع السور ويضمها”. لذا، فإن التعبير القرآني لغةً يشير إلى تنظيم الكلام والألفاظ وجمعها.

تعريف التعبير القرآني اصطلاحًا

يُعرف التعبير في سياقات العلوم اللغوية بأنه: مجموعة من الألفاظ يختلف معناها عند اجتماعها عن مجموع معانيها عندما تكون مفردة. أما القرآن، فمن الممكن تعريفه بعدة تعريفات، منها:

  • القرآن الكريم هو تعبير عن كلام الله -سبحانه وتعالى- المنزل على نبيه ورسوله محمد -صلى الله عليه وسلم-، وهو يُعتبر كتب الله الوحيد، ولا يُطلق اسم القرآن على أي كتاب آخر.
  • إنه كلام الله المنزَل على النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- للإعجاز، وذلك بسورة منه، باستثناء التوراة والإنجيل وبقية الكتب. كما أن الإعجاز يتمثّل في الأحاديث القدسية، والحد الأدنى من الإعجاز هو أقل سورة، مثل سورة الكوثر.

لذلك، يمكننا تعريف التعبير القرآني اصطلاحًا بأنه: مجموعة الألفاظ التي أُنزلت من عند الله -تعالى- على نبيه محمد -صلى الله عليه وسلم- من خلال جبريل -عليه السلام-، وتتضمن أقصى درجات البيان والفصاحة والإعجاز.

التعبير القرآني وفق رؤية الدكتور فاضل السامرائي

قدّم الدكتور فاضل السامرائي دراسة شاملة حول التعبير القرآني في كتابه “أسرار البيان في التعبير القرآني”، وسنستعرض أهم النتائج التي توصل إليها فيما يلي:

  • التعبير القرآني هو تعبير فريد من نوعه.

يتفق العلماء على أن التعبير القرآني هو تعبير متميز في روعته وسموه، وهو يُعتبر أعلى مستوى من الكلام وأرقى أنواع البلاغة، حيث عجز الفصحاء من العرب عن مجاراته رغم بلاغتهم، وقد تحداهم الله أكثر من مرة للإتيان بمثله.

  • سعى المشركون إلى الحيلولة دون سماع الناس للقرآن.

رغم أنهم لا يستطيعون منع أنفسهم عن سماعة، إلا أنهم كانوا خائفين من تأثيره على الآخرين.

  • التعبير القرآني يتميز بالفنية المتقنة.

كل لفظة، وحتى كل حرف، يعكس معنى مقصود، وهذا يتجلى بوضوح في جميع آيات القرآن.

  • الألفاظ القرآنية لم تُستخدم بشكل عشوائي.

إنما وُضعت بدقة وفق حسابات محددة، على سبيل المثال، ذُكر العالم 115 مرة لكل من “الدنيا” و”الآخرة”، وذُكر الصيف خمس مرات بمقابل الشتاء، والشهر ذُكر 12 مرة، وغيرها الكثير من النماذج حيث تعكس دقة التركيب القرآني.

  • خصص القرآن استخدامات معينة لبعض الألفاظ.

ويدل ذلك على القصد الواضح في التعبير، كما تم استعمال كلمة “الرياح” للدلالة على الخير والرحمة، بينما استُعمل “الريح” في سياقات المآسي والعقوبات. كما أن استخدام “وصّى” يُظهر اهتمامًا بالدين، بينما “أوصى” يتعلق بالأمور المادية.

  • التعبير القرآني هو وسيلة للتدبر.

تمت دراسة التعبير القرآني من حيث النص والأساليب والتصوير الفني والإعجاز عبر العصور المختلفة، وإذا تأمل الناس في القرآن، ستُفتح قلوبهم، وتشرق السبل التي لم تسقط عليها من قبل أنوار الهداية.

قصة الوليد بن المغيرة وفصاحة التعبير القرآني

ذهب الوليد بن المغيرة -وكان رجلًا مسنًا- إلى النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- حيث قرأ النبي عليه بعض الآيات، فظهر عليه التأثر. وعندما علم أبو جهل بذلك، جاء إليه وعرض عليه مالاً ولكنه رفض قاطعًا، مؤكداً: “إن قريش تعلم أنني أكثرهم مالاً”. حاول أبو جهل إقناعه بأن ينكر القرآن، فقال: “وماذا أقول؟ وأنتم تعلمون أنني أعلمكم بالشعر”.

تابع الوليد قائلاً: “والله لا تشبه هذه الأقوال أي شيء سمعته من قبل، إن لبيانه حلاوة، ولأسلوبه جاذبية، وهو منير من أعلاه ويرتفع، ويُحطم ما دونه”. لكن أبو جهل زاد الضغط عليه: “لا يرضى عنك قومك حتى تدلي برأي في القرآن يرضيهم”. فكّر الوليد ثم قال: “هذا سحر يتبعه”، فنزلت الآيات: (ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا) من سورة المدثر.

Scroll to Top