تحليل قصيدة “حكم خالدة” للشاعر صفي الدين الحلي

تحليل قصيدة صفي الدين الحلي “حكم خالدة”

تُعدّ قصيدة “حكم خالدة” للشاعر صفي الدين الحلّي من أبرز القصائد في الأدب العربي. وقد أبدع صفي الدين في نظم هذه القصيدة موجهاً رسالته إلى الملك الصالح شمس الدين أبي المكارم ابن السلطان الملك المنصور. تتناول القصيدة تهنئة الملك بمناسبة عيد الأضحى -عيد النحر-، بالإضافة إلى توجيه الدعوات له بالتحلي بالحذر من المغول والاحتياط لهم، ومن بين أبياتها الشهيرة:

لا يَمتَطي المَجدَ مَن لَم يَركَبِ الخَطَرا

وَلا يَنالُ العُلى مَن قَدَّمَ الحَذَرا

وَمَن أَرادَ العُلى عَفواً بِلا تَعَبٍ

قَضى وَلَم يَقضِ مِن إِدراكِها وَطَرا

لا بُدَّ لِلشَهدِ مِن نَحلٍ يُمَنِّعُهُ

لا يَجتَني النَفعَ مَن لَم يَعمَلِ الضَرَرا

لا يُبلَغُ السُؤلُ إِلّا بَعدَ مُؤلَمَةٍ

وَلا يَتِمُّ المُنى إِلّا لِمَن صَبَرا

وَأَحزَمُ الناسِ مَن لَو ماتَ مِن ظَمَأٍ

لا يَقرَبُ الوِردَ حَتّى يَعرِفَ الصَدَرا

وَأَغزَرُ الناسِ عَقلاً مَن إِذا نَظَرَت

عَيناهُ أَمراً غَدا بِالغَيرِ مُعتَبِراً

فَقَد يُقالُ عِثارُ الرِجلِ إِن عَثَرَت

وَلا يُقالُ عِثارُ الرَأيِ إِن عَثَرا

مَن دَبَّرَ العَيشَ بِالآراءِ دامَ لَهُ

صَفواً وَجاءَ إِلَيهِ الخَطبُ مُعتَذِرا

يَهونُ بِالرَأيِ ما يَجري القَضاءُ بِهِ

مَن أَخطَأَ الرَأيَ لا يَستَذنِبُ القَدَرا

مَن فاتَهُ العِزُّ بِالأَقلامِ أَدرَكَهُ

بِالبَيضِ يَقدَحُ مِن أَعطافِها الشَرَرا

بِكُلِّ أَبيَضَ قَد أَجرى الفِرِندُ بِهِ

ماءَ الرَدى فَلَوِ اِستَقطَرتَهُ قَطَرا

خاضَ العَجاجَةَ عُرياناً فَما اِنقَشَعَت

حَتّى أَتى بِدَمِ الأَبطالِ مُؤتَزِرا

لا يَحسُنُ الحِلمُ إِلّا في مَواطِنِهِ

وَلا يَليقُ الوَفا إِلّا لِمَن شَكَرا

وَلا يَنالُ العُلى إِلّا فَتىً شَرُفَت

خِلالُهُ فَأَطاعَ الدَهرَ ما أَمَرا

كَالصالِحِ المَلِكِ المَرهوبِ سَطوَتُهُ

فَلَو تَوَعَّدَ قَلبَ الدَهرِ لَاِنفَطَرا

لَمّا رَأى الشَرَّ قَد أَبدى نَواجِذَهُ

وَالغَدرَ عَن نابِهِ لِلحَربِ قَد كَشَرا

رَأى القِسِيَّ إِناثاً في حَقيقَتِها

فَعافَها وَاِستَشارَ الصارِمَ الذَكَرا

فَجَرَّدَ العَزمَ مِن قَتلِ الصَفاحِ لَها

مَلكٌ عَنِ البيضِ يَستَغني بِما شُهِرا

يَكادُ يُقرَأُ مِن عُنوانِ هِمَّتِهِ

ما في صَحائِفِ ظَهرِ الغَيبِ قَد سُطِرا

كَالبَحرِ وَالدَهرِ في يَومي نَدىً وَرَدىً

وَاللَيثِ وَالغَيثِ في يَومي وَغىً وَقِرى

ما جادَ لِلناسِ إِلّا قَبلَ ما سَأَلوا

وَلا عَفا قَطُّ إِلّا بَعدَما قَدَرا

لاموهُ في بَذلِهِ الأَموالَ قُلتُ لَهُم

هَل تَقدِرُ السُحبُ أَلّا تُرسِلَ المَطَرا

إِذا غَدا الغُصنُ غَضّاً في مَنابِتِهِ

مَن شاءَ فَليَجنِ مِن أَفنانِهِ الثَمَرا

مِن آلِ أُرتُقٍ المَشهورِ ذِكرُهُمُ

إِذ كانَ كَالمِسكِ إِن أَخفَيتَهُ ظَهَرا

الحامِلينَ مِنَ الخَطِّيِّ أَطوَلَهُ

وَالناقِلينَ مِنَ الأَسيافِ ما قَصُرا

لَم يَرحَلوا عَن حِمى أَرضٍ إِذا نَزَلوا

إِلّا وَأَبقَوا بِها مِن جودِهِم أَثَرا

تَبقى صَنائِعُهُم في الأَرضِ بَعدَهُمُ

وَالغَيثُ إِن سارَ أَبقى بَعدَهُ الزَهرا

لِلهِ دَرُّ سَما الشَهباءِ مِن فَلَكٍ

فَكُلَّما غابَ نَجمٌ أَطلَعَت قَمَرا

يا أَيُّها المَلِكُ الباني لِدَولَتِهِ

ذِكراً طَوى ذِكرَ أَهلِ الأَرضِ وَاِنتَشَرا

كانَت عِداكَ لَها دَستٌ فَقَد صَدَعَت

حَصاةُ جَدِّكَ ذاكَ الدَستَ فَاِنكَسَرا

فَأوقِع إِذا غَدَروا سَوطَ العَذابِ بِهِم

يَظَلُّ يَخشاكَ صَرفُ الدَهرِ إِن غَدَرا

وَاِرعَب قُلوبَ العِدى تُنصَر بِخَذلِهِمُ

إِنَّ النَبِيَّ بِفَضلِ الرُعبِ قَد نُصِرا

وَلا تُكَدَّر بِهِم نَفساً مُطَهَّرَةً

فَالبَحرُ مِن يَومِهِ لا يَعرِفُ الكَدَرا

ظَنّوا تَأَنّيكَ عَن عَجزٍ وَما عَلِموا

أَنَّ التَأَنّي فيهِم يَعقُبُ الظَفَرا

أَحسَنتُمُ فَبَغَوا جَهلاً وَما اِعتَرَفوا

لَكُم وَمَن كَفَرَ النُعمى فَقَد كَفَرا

وَاِسعَد بِعيدِكَ ذا الأَضحى وَضَحِّ بِهِ

وَصِل وَصَلِّ لِرَبِّ العَرشِ مُؤتَمِرا

وَاِنحَر عِداكَ فَبِالإِنعامِ ما اِنصَلَحوا

إِن كانَ غَيرُكَ لِلأَنعامِ قَد نَحَرا

الأفكار الرئيسية في قصيدة “حكم خالدة” لصفي الدين الحلي

تتضمن الأفكار الرئيسية في قصيدة صفي الدين الحلي “حكم خالدة” ما يلي:

  • تحقيق المجد يتطلب الجهد والعمل الدؤوب.
  • الصبر والتصدي للمحن والشدائد هما مفتاحا النجاح.
  • استخدام التجارب السابقة دروساً في الحياة.
  • أهمية مشاورة الآخرين في اتخاذ القرارات.
  • ضرورة التحلي بالأخلاق الفاضلة والشجاعة والإلمام بالعلم.

الصور الفنية في قصيدة “حكم خالدة” لصفي الدين الحلي

يمكن ملاحظة مجموعة من الصور الفنية في قصيدة “حكم خالدة” للشاعر صفي الدين الحلي، ومنها:

  • يَمتَطي المَجدَ

تشبيه المجد بشيء يُركب، محمولاً على الاستعارة المكنية.

  • يُبلَغُ السُؤلُ

تشبيه السؤل بشيء مادي قابل للإدراك، ويعبر عن الاستعارة المكنية.

  • يَتِمُّ المُنى

تشبيه المُنى بشيء مادي يمكن تحقيقه، ويعكس الاستعارة المكنية.

  • الباني لِدَولَتِهِ

تشبيه الدولة بالهيكل الذي يتم بناءه، والذي يمثل الاستعارة المكنية.

معاني الألفاظ في قصيدة “حكم خالدة” لصفي الدين الحلي

تتضمن بعض الألفاظ ومعانيها كما يلي:

المفردةمعنى المفردة
وطراالوطر هو الحاجة.
الشهدالشهد هو العسل قبل عصره من الشمع.
الفرندالفرند هو السيف.
قِرىالقِرى هو ما يقدم للضيف من طعام ونحوه.
النُعمىالنُعمى بضم النون تعني الراحة وسعة العيش.
Scroll to Top