مفهوم الابتكار
تعريف الابتكار حسب الصفات الشخصية
تتعدد تعريفات الابتكار وفقاً لمختلف المدارس الفكرية ووجهات نظر الباحثين. ومن بين التعريفات التي تستند إلى الصفات الشخصية، سواء كانت عقلية أم عاطفية، نجد تعريف سيمبسون الذي وصف الابتكار بأنه قدرة الفرد على التحرر من أنماط التفكير التقليدية واتباع أساليب جديدة. وأشار إلى أن البحث عن الابتكار يتطلب تحديد الأشخاص الذين يمتلكون مهارات البحث والتطوير. كذلك يتطلب الأمر مراعاة عناصر الخيال والاختراع والاكتشاف ورغبة الاستقصاء أثناء دراسة مفهوم الابتكار. ومن جهة أخرى، ذكر جيلفورد أن الابتكار يتضمن سمات عقلية مثل المرونة والتدفق الفكري.
مفهوم الابتكار وفقاً لإنتاجية الفكرة
يتضّح تعريف الابتكار من زاوية الإنتاج بأنه عملية إنتاج شيء جديد خلال فترة زمنية معينة، تتجلى من خلال تفاعل الفرد مع تجاربه السابقة. وهذا يتطلب التفكير بأساليب جديدة بعيدة عن الطرق التقليدية، محاولاً خلق أفكار جديدة تلبي احتياجات المجتمع وتحقق الإرضاء الشخصي. لتحقيق ذلك، يجب توفر مجموعة من العناصر مثل الواقعية والأصالة والقابلية للتطبيق، إضافة إلى إثارة إعجاب الآخرين.
الابتكار كعملية
في اعتبار الابتكار كعملية، عرّف ماكينون الابتكار بأنه عملية ذات طابع أصيلي وقابل للتحقيق تمتد عبر فترة زمنية معينة. كما أشار تورانس إلى أن الابتكار يعني التعرف على الثغرات والمشاكل في المعلومات، ومن ثم البحث عن دلالات، وضع فرضيات لسد تلك الثغرات، ثم اختبار تلك الفرضيات ومقارنة النتائج بعد الاختبارات قبل تطبيقها وتعديلها ونشرها.
تعريفات إضافية للابتكار
إليكم بعض التعريفات الأخرى المتعلقة بمفهوم الابتكار:
- تعريف دالتمان وهولباك: حيث يُنظر إلى الابتكار كعملية إبداعية تساهم في تصميم حلول جديدة لمشاكل محددة، ويعتبر جزءًا أساسيًا من الثقافة الخاصة بالفرد أو المجموعة التي تعتمد على الابتكار.
- تعريف تشيرميرهورن: عرّف الابتكار بإيجاد أفكار جديدة وفعّالة، ثم تطبيقها وممارستها ضمن سياق الإنتاج والتنافس.
- تعريف مايكل بورتر: اعتبر الابتكار عملية إدخال تكنولوجيا جديدة في مجالات معينة مع إجراء تغييرات مبتكرة في الوقت ذاته.
- تعريف الدكتور سعيد أوكيل: يُعرّف الابتكار بأنه عملية تتعلق بتحسين طرق وأساليب الإنتاج والمنتجات بمختلف أنواعها.
- تعريف بيتر دراكر: يعتبر أن الابتكار هو عملية استبدال الأساليب القديمة بأساليب جديدة ومبتكرة.
- تعريف شومبيتر: اعتبر الابتكار عملية هدم وإعادة بناء فكرية.
- تعريف منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي: عرفت الابتكار كمجموعة من الخطوات الفنية والمالية والعلمية التي تشمل البحث والتطوير والتي تُستخدم في تسويق منتج جديد أو تطوير منتج قائم.
أهمية الابتكار
تتجسد أهمية الابتكار في عدة جوانب، من بينها:
- تحسين جودة المنتجات.
- تعزيز مهارات التفكير الشخصي من خلال التفاعل الجماعي وممارسة العصف الذهني.
- تعزيز صورة المؤسسة في أذهان العملاء.
- تحفيز المنافسة بين المؤسسات.
- رفع حجم المبيعات وتحقيق العائدات.
- تحسين جودة القرارات المتخذة لحل المشكلات في مختلف المجالات بما في ذلك الاقتصادية والفنية والتسويقية.
- تميز المؤسسات من خلال تسريع وتيرة إصدار المنتجات مما يرفع من منافسة الوقت.
خصائص الابتكار
يمتاز الابتكار بعدة خصائص، منها:
- يدل الابتكار على كل ما هو جديد: فهو يتضمن لذلك إنتاج شيء جديد كلياً أو جزئياً.
- يتميز الابتكار بالتمايز: أي القدرة على تقديم أفكار جديدة وفريدة تميز الأفراد عن الآخرين.
- يمثل الابتكار القدرة على أن تكون أول من يقدم منتج جديد في السوق.
- يعكس الابتكار القدرة على اكتشاف الفرص والاحتياجات الجديدة.
العوامل المؤثرة في الابتكار
يمكن تقسيم العوامل المؤثرة في الابتكار إلى ثلاث مجموعات متصلة:
العوامل الشخصية
يعتقد البعض أن الابتكار يقتصر على الأشخاص ذوي الذكاء العالي فقط، بينما هو في الحقيقة يعكس ظاهرة بشرية شاملة. غير أن الدراسات أظهرت أن المبتكرين يتحلون بصفات مشتركة مثل حب الاستطلاع وتحدي الطرق التقليدية. يجسد المبتكرون رؤية بعيدة المدى وغالباً ما يميلون إلى التعقيد بدلاً من الحلول البسيطة. كما يتمتعون بحدس قوي يسهم في اكتشاف القدرات الكامنة داخلهم، ويستخدمون الشك كوسيلة للتساؤل وابتكار حلول جديدة.
العوامل التنظيمية
تعتبر استراتيجية المؤسسة من أهم العوامل التي تؤثر على الابتكار. فالأفراد لا يعملون في فراغ، بل ضمن بيئات تنظيمية تدفعهم نحو الابتكار أو تثبطهم عنه. هناك مؤسسات تعتمد على التجديد كاستراتيجية مهمة، بينما تركز أخرى على الحفاظ على الوضع الحالي. كما أن العمل بروح الفريق يعزز من فعالية الابتكار، حيث يسهم التعاون في تحقيق نتائج أفضل.
علاوة على ذلك، تلعب القيادة وثقافة المؤسسة دوراً حيوياً في تعزيز الابتكار والابتعاد عن البيروقراطية. وتسهم قنوات الاتصال الفعالة في تعزيز تبادل الأفكار والمعلومات، مما يعزز من الكفاءة الابتكارية مقارنةً بالمؤسسات ذات القنوات المحدودة.
العوامل البيئية
تلعب البيئة دورًا حيويًا في تحفيز الابتكار أو تقيده، حيث تعمل العوامل الاجتماعية والثقافية، من الأسرة إلى المؤسسات التعليمية، على تشكيل طريقة تفكير الفرد وتشجيعه على الإبداع. كما يساهم دعم القيادة السياسية للابتكار في توفير محفزات مادية ومعنوية. وعلاوة على ذلك، يلعب نظام براءة الاختراع حقوق الملكية الفكرية دوراً هاما في حماية الابتكارات وتعزيز جهود المبتكرين، بالإضافة إلى دور الجامعات ومراكز البحث في تطوير القدرات الابتكارية لدى الأفراد.