تاريخ عمر بن الخطاب في الجاهلية
كان عُمر بن الخطاب -رضي الله عنه- شخصية بارزة في فترة الجاهلية، حيث انتمي إلى أسرة من أشراف قريش. عُين سفيراً لهم في حالات النزاع والحروب، فكانوا يرسلونه ليقود المفاوضات ويقبلون بما يحكم به. تميز بصلابته وقوته، وقد عاش في تلك الفترة حوالي خمس وثلاثين سنة، إلا أنه لم يكن معروفاً بشكل كبير بين القوم بسبب قساوته التي جعلته يبدو كفرد عادي، وكان من المناوئين للإسلام والمسلمين، مما أدى إلى عدم شهرته إلا بعد إسلامه.
عاش عُمر بن الخطاب في صغره ظروفًا صعبة من فقر وحاجة، مما دفعه للعمل في رعي الإبل وبتجارة الثياب مع شريكه كعب بن عدي التنوخي، مما ساعده على تجميع ثروة ملحوظة. عانت تجارته من السرقة في بعض الأحيان، وشمل نشاطه التجاري مناطق عدة مثل الشام والعراق. كان يُعتبر سفيراً لقريش لما يتمتع به من حكمه ورجاحة العقل، وقد اتسم بالعلم والعدل والهيبة.
تاريخ عمر بن الخطاب في الإسلام
إسلام عمر بن الخطاب
أسلم عُمر بن الخطاب -رضي الله عنه- في السنة الخامسة من بعثة النبي، وكان حينها في السابعة والعشرين من عمره. وقد سبق إسلامه أربعون رجلاً وإحدى عشر امرأة. كان عُمر يمثل أحد أبرز أعداء الإسلام، حتى دعا له النبي -صلى الله عليه وسلم- بأن يعز الإسلام به. يذكر أهل السير أنه في أحد الأيام أراد قتل النبي لأنه اعتقد أنه يُفرق بين الآباء والأبناء. وفي طريقي إليه، صادف أحد الأشخاص الذي أخبره بإسلام أخته وزوجها.
عندما ذهب لزيارة أخته، وجدها تقرأ القرآن، فضربها فأسال الدم منها، وأراد أخذ القرآن منها لكنها رفضت، مطالباً إياه بالطهارة. بعد أن اغتسل، قرأ من أول سورة طه، مما أثر في قلبه، فتوجه إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- وأعلن إسلامه، مشيراً إلى أنه تحول عظيم للإسلام، حيث أدت إسلامه إلى زيادة قوة المسلمين. قام بعد ذلك بإظهار إسلامه بين قريش مما سبب لهم صدمة كبيرة.
هجرة عمر بن الخطاب
وافق عُمر بن الخطاب -رضي الله عنه- على الهجرة مع عيّاش بن أبي ربيعة وهشام بن العاص بن وائل في صباح يوم معين، محذراً من تأخر أحد، حيث كان ذلك يعني إدراكهم ومنعهم من الهجرة. حينما خرج عُمر حمل سيفه وقوسه وسهامه، وطاف بالبيت، مخاطباً من يرغب في مواجهته. وقد هاجر معه بعض من أفراد أسرته والمستضعفين في الإسلام، وعند وصوله المدينة نزلوا في قباء عند عمرو بن عوف، ليصبح عُمر هو الصحابي الوحيد الذي هاجر بشكل علني أمام المشركين.
ملازمة عمر بن الخطاب لرسول الله
كان عُمر بن الخطاب -رضي الله عنه- كثير الالتصاق بالنبي -صلى الله عليه وسلم- بعد الإسلام، سواء في مكة أو المدينة. وذلك أثر عليه في صقل شخصيته، حيث كان يحرص على التعلم وكان يتبادل الحضور مع جاره لتلقي التعليم من النبي. كان له شرف سماع بعض الآيات عند نزولها، مما ساهم في تكوينه كإنسان متعلم ومتربي على تعاليم القرآن والسنة.
كان يسأل ويطلب التوضيح، وورد عنه خمسة وتسعين حديثاً في مجالات الدين. بناءً على ملازمته للنبي -صلى الله عليه وسلم-، أكسبه الصحابة لقب وزير رسول الله، مما زاد من مكانته بين قومه. وذكرت السير أنه شهد جميع الغزوات، وتوفي النبي -عليه الصلاة والسلام- وهو راضٍ عنه وأخبره بالجنة.
جهاد عمر بن الخطاب في زمن الرسول
شارك عُمر بن الخطاب -رضي الله عنه- في جميع غزوات النبي -صلى الله عليه وسلم-، من بينها غزوة بدر الكبرى حيث أبدى رأيه بشأن أسرى المعركة، وهو رأى أوضحه له القرآن في اليوم التالي. كما شارك في غزوة أحد، وتناول أبو سفيان بعد المعركة، وكذلك في غزوة الخندق وشارك في غزوة بني المصطلق. كما قام بطلب قتل عبد الله بن أبي بن سلول عندما أساء بالحديث عن النبي، لكن النبي -صلى الله عليه وسلم- رفض ذلك. وشارك أيضاً في صلح الحديبية.
زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- عُمر -رضي الله عنه- لمرافقة ثلاثين رجلاً في سرية إلى هوازن، إلا أن العدو فر قبل وصولهم. وعُمر شارك في غزوة خيبر وكان له شرف قيادة الجيوش في فتح مكة. كما قام بالرفض لاستقبال الشفاعة للمشركين.
أدوار عمر بن الخطاب في خلافة أبي بكر الصديق
عندما اجتمع الصحابة في سقيفة بني ساعدة بعد وفاة النبي -صلى الله عليه وسلم-، كان عُمر من الذين انضموا إلى صف المسلمين المهاجرين. شهد الحوار بين المهاجرين والأنصار، حيث أثنى على أبي بكر وذكر مواقفه مع النبي، ثم بسط يده ليبايعه، وكان ذلك بموافقة الجميع.
موقف عمر بن الخطاب من جمع القرآن
أحسّ عُمر -رضي الله عنه- بخطر ضياع القرآن بعد رحيل عدد من الصحابة الذين كانوا يحفظونه، خصوصاً بعد حروب الردة. لذا بادر بمقترح للخليفة أبي بكر بجمع القرآن، في البداية لم يُعتمد ذلك، لكن بعد شرح الأمور، أقر أبو بكر يجوز جمعه وأمر زيد بن ثابت بذلك.
مشاركة عمر في رعاية الرعية وإدارة الدولة
كان عُمر -رضي الله عنه- يتمتع بحكمة عظيمة في إدارة شئون الدولة، حيث دعا إلى تحديد رواتب الخليفة، وتولى منصب القضاء في المدينة. أسس مجلس الشورى وأشرف على الفتوحات. وقد كان أبو بكر يستشيره في الأمور الهامة، وقد عُين عمر لمدة عام كامل في القضاء، دون أي قضايا. كما كان يُعتمد عليه في إدارة شؤون المدينة عند سفر أبي بكر لأداء العُمرة.
خلافة عمر بن الخطاب
استمرت خلافة عُمر بن الخطاب -رضي الله عنه- لمدة عشر سنوات وستة أشهر وأربعة أيام، ليصبح أول من لُقب بأمير المؤمنين بعد أن أُطلق عليه لقب الخليفة. خلال فترة حكمه أظهر سياسة حكيمة وقدرة على التنظيم في الشئون المالية والإدارية.
عُني عُمر بالعدالة ونوعية الحكم، حيث كان له بصمات كبيرة في الفتوحات الإسلامية، وتنظيم إدارة الدولة، وتطبيق أحكام العدل وتوزيع الرواتب. ومن بين الإنجازات التي تحققت في عهده:
- طبق مبدأ الإنابة وكان أول من جمع المسلمين في صلاة التراويح بإمام واحد.
- وضع التاريخ الهجري الذي استمده من هجرة النبي.
- أدخل فكرة عقد المؤتمرات العامة لمناقشة شؤون الدولة.
الفتوحات في زمن عمر
استشار عمر الصحابة في قيادته نحو الفتوحات الإسلامية، فبعد معركة اليرموك، أنشأ أول دواوين للدولة وأسس نظام العطاء بناءً على الفتوحات. وقد أغلق الكثير من الدول مثل دمشق والقدس. برسالة من عمر عاقبت الجيوش على الفتوحات بتطبيق نظام الأموال.
إنشاء عمر للدواوين
أنشأ عمر -رضي الله عنه- الدواوين لتنظيم شؤون الدولة وحفظ حقوق العمال وحفظ الأموال. كان لديه ديوان خاص للإنشاء أثبت فيه مستندات وقضايا مالية. كما أُدخل نظام مُراقبة الأموال بشكل أساسي بحيث يحصل الجميع على حقوقهم ويراقب عملهم.
تعيين عمر للولاة والعمّال
كان عُمر -رضي الله عنه- يختار الولاة بعد التأكد من كفاءتهم، ويشترط عدم الإغلاق في وجوه الناس. حيث لم يكن يُقرّب أقرباءه إلى المناصب العامة، وكان كثيراً ما يتفقد الولايات شخصياً.
وفاة عمر بن الخطاب
استُشهد عُمر بن الخطاب -رضي الله عنه- في الأربعاء السادس والعشرين من شهر ذي الحجة أثناء صلاة الفجر، حيث طعنه أبو لؤلؤة المجوسي بخنجر مسموم فتسبب في وفاته. وعقب الحادثة، عُرف برضاء النبي عنه ودفن بجوار صاحبيه، ليكون قدوة للإسلام والمسلمين.