تُعتبر الهجرة النبوية من أبرز الأحداث في تاريخ المسلمين، حيث بدأت من خلالها فصولًا جديدة من المجد، وأسست مدينة عظيمة تُعد مركز الدولة الإسلامية التي انتشرت في أرجاء المعمورة، حاملةً معها رسالة التوحيد التي دعا إليها خير المرسلين.
في هذا المقال، أستعرض لكم خطبة قصيرة عن الهجرة النبوية، رغم أن تفاصيل هذا الموضوع تحتاج إلى مزيد من الشرح والتفصيل.
مقدمة الخطبة
الحمد لله، نحمده ونستعينه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.
الوعظ والتوصية بتقوى الله
أوصيكم، أيها الإخوة، بتقوى الله -عز وجل- فقد قال في محكم التنزيل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَلتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ ۖ وَاتَّقُوا اللهَ ۚ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ مَّا تَعْمَلُونَ}.
والتزام تقوى الله -سبحانه وتعالى- هو أفضل دلالة على الخوف منه، ولذا ينبغي للمؤمن أن يفعل ما أمره الله به، ويتجنب ما نُهي عنه، حيث قال في كتابه العزيز: {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللهِ ۖ ثُمَّ تُوَفَّىٰ كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ}.
كما جاء في سورة آل عمران: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ}.
الخطبة الأولى: الهجرة النبوية
أيها الإخوة، لقد أنعم الله علينا كأمة مسلمة بأن أرسل لنا نبيًّا رحيمًا، يسعى لإخراج الناس من ظلمات الجهل إلى نور الإيمان، حيث يقول الله تعالى:
{لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ}، وقد بعث الله نبيّه محمدًا -صلى الله عليه وسلم- ليدعو قومه إلى الإسلام.
وواصل النبي دعوته في مكة لمدة ثلاثة عشر عامًا، حيث أسلم معه عدد كبير من الصحابة الكرام.
لكن زعماء قريش رفضوا الإسلام وواجهوا الدعوة بكل قسوة، مما دفع النبي إلى أمر أصحابه بالهجرة.
رد الفعل من الكافرين تجاه الدعوة
واصل النبي -عليه أفضل الصلاة والسلام- دعوته في مكة، رغم تعنت قومه وقسوة قلوبهم.
تعرض المسلمون لأذىً كبير من الكافرين، مما ألجأهم للهجرة بحثًا عن الحرية في ممارسة دينهم. هاجر بعضهم إلى الحبشة، بينما انطلق البقية إلى المدينة المنورة.
وعندما شعرت قريش بخطر انتشار الدعوة، اجتمعت في دار النّدوة وقرّرت على الفور اغتيال النبي -صلى الله عليه وسلم-.
الهجرة النبوية
الحمد لله، وصلّى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أيها الإخوة، أدركنا أن دعوة النبي -صلى الله عليه وسلم- لن تذهب سدى، فقد عاهد المؤمنون على حمايتها والدفاع عنها بكل غالٍ ونفيس.
فقد سبقتهم الرغبة في إعداد المكان لاستقبال النبي، وكان أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- يتجهز لرحيل منفرد.
لكن النبي -صلى الله عليه وسلم- أفصح له عن عزيمته للذهاب معًا، مما زاد من حماس أبي بكر.
علي بن أبي طالب: البطل الأول
عندما حان وقت الهجرة، اتخذ النبي -صلى الله عليه وسلم- قرارًا جريئًا بأن يتولى علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- حماية النبي، في خطوة تدل على شجاعة نادرة.
فحين اجتمع المشركون أمام بيت النبي، نام علي في مكانه، مُضحياً بنفسه لأجل النبي. بينما خرج النبي -صلى الله عليه وسلم- في الليل دون أن يكتشفه أحد.
وتظهر العناية الإلهية في حماية أنبيائه كما يذكر في القرآن الكريم: {وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يُقْتِلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ ۚ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللهُ ۖ وَاللهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ}.
موقف قريش من هجرة النبي
تجنب رجال قريش هجرة النبي -صلى الله عليه وسلم-، وبدأوا بملاحقته بحثًا عنه في كل مكان.
فقد بلغا من الشجاعة أنهم وعدوا مكافآت كبيرة لمن يُبلغ عن مكان النبي أو يسلم عنه.
مكث النبي وأبو بكر في غار ثور، حيث قدم لهما عبدالله بن أبي بكر الأخبار. كما جلبت ابنة أبي بكر، أسماء، الطعام إليهما رغم الخطورة.
اقترب الكفار من مكانهما، لكن النبي بكلمات بسيطة طمأن أبو بكر بقوله: “لا تحزن إن الله معنا”، مما يوضح قوة إيمان النبي وثقته بعون الله.
حادثة سراقة
تُعتبر حادثة سراقة محورية في الهجرة حيث حاولت قريش تتبع النبي.
إلا أن سراقة اكتشف أنه لا يمكنه اللحاق بهما، فقدم لهما الطعام وطلب منهما الأمان. وقد عرض عليه النبي -صلى الله عليه وسلم- لباس سواري كسرى، مما يدل على الإيمان الذي لا يُقهر.
استقبال المسلمين للنبي
مع اقتراب وصول النبي إلى المدينة، كانت الأجواء تعج بالحماس والترقب.
استقبلت المدينة المنورة بقلوب مفتوحة، حيث اجتمع الرجال والنساء والأطفال عند ثنيات الوداع، يُنشدون الأناشيد فرحًا بقدوم النبي:
طلع البدر علينا من ثنيات الوداع، وجب الشكر علينا ما دعا لله داع.
خاتمة الخطبة
ستظل الهجرة حكاية خالدة في قلوب المسلمين، حيث تمثل نقطة تحول تاريخية shaped the trajectory of an entire nation.
لقد أرست أسس مدينة تُعدّ شاهدة على بطولات المسلمين، محملةً بالدروس والعبر التي يجب على الأجيال القادمة أن تتعلم منها.