كيفية تنظيم مناسك الحج بشكل صحيح

ترتيب مناسك الحج

فيما يلي شرح شامل لمناسك الحج، حيث يتضمن هذا المقال توضيح أعمال الحج وأحكامها، وبيان ما هو ركن وما هو واجب وما هو مسنون، وذلك كما يلي:

الإحرام

الإحرام هو نية الدخول في مناسك الحج، حيث ينبغي على الحاج أن يستحضر نية الإحرام من قلبه. وتُعزى تسميته بالإحرام لأن الحاج بمجرد دخوله فيه يُحرم عليه القيام بعدد من الأمور التي كانت مباحة له. وقد اختلف الفقهاء في حكم التلبية عند الإحرام بين كونها مستحبة أو فرضاً، ومع ذلك فقد اعتبرها جمهور العلماء مستحبة.

بالنسبة للميقات الزماني للحج، يمكن للحاج أن يحرم في أشهر الحج وهي: شوال وذو القعدة وأيام من ذو الحجة. وتُعتبر أعمال الحج خلال الثامن والتاسع والعاشر والحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر من ذو الحجة. أما الميقات المكاني للإحرام فهو يختلف حسب البلدان، كما يلي:

  • ميقات أهل المدينة: ذو الحليفة.
  • ميقات أهل الشام والمغرب ومصر: الجحفة.
  • ميقات أهل اليمن: السعديّة.

طواف القدوم

يعتبر طواف القدوم سنّة من سنن الحج عند جمهور العلماء، ويُعرف أيضاً بطواف الورود أو التحيّة، حيث يُسن للحاج أن يُقيم هذا الطواف عند وصوله إلى مكة لتحية البيت العتيق. وبحسب جمهور الفقهاء، فإن آخر وقته يُعتبر عند الوقوف بعرفة. فقد رُوي عن عائشة -رضي الله عنها- أن أول ما قام به النبي -صلى الله عليه وسلم- عند قدومه هو الوضوء ومن ثم الطواف.

السعي

يعتبر السعي ركنًا من أركان الحج وفق المذاهب المالكية والشافعية والحنبلية، بينما تراه الحنفية سُنّة، حيث لا يُلزم الحاج بذبح فدية في حال تركه. ويشترط عند السعي إتمام سبعة أشواط، كما جاء في قوله تعالى: (إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما).

تبدأ السعي من الصفا، حيث يواجه الحاج الكعبة ويُكبر الله، ثم يتجه إلى المروة. وعند الوصول إلى المكان المحدد بين العمودين الأخضرين، يُسرع الحاج في السير. ويُعتبر هذا الشوط الأول، ويمضي الحاج في الشوط الثاني بنفس الطريقة إلى أن يُكمل الشوط السابع. ويبدأ وقت السعي بعد طواف الزيارة ولا يجوز أن يتم على أساس طواف القدوم، لأن السعي واجب وطواف القدوم سنّة.

يوم التروية

يوم التروية هو اليوم الثامن من ذو الحجة، وفيه يُفضل أن يغادر الحاج مكة إلى منى، حيث يُؤدي خمس صلوات: الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر، وهذا باتفاق الأئمة الأربعة. وبعد ذلك يقضي الحاج ليلة عرفة في منى ثم يسير إلى عرفة بعد طلوع الشمس، وهذا يُعتبر سُنّة عند جمهور العلماء.

الوقوف بعرفة

حكم الوقوف بعرفة وشروطه

الوقوف بعرفة يُعتبر ركنًا لا يتم الحج بدونه، وقد ثبت ذلك بالإجماع والسنّة، حيث يروي حديث عن عائشة -رضي الله عنها- عن فضل هذا اليوم. ويتطلب الوقوف بعرفة شرطين رئيسيين:

  • الوقت: وهو اليوم التاسع من ذو الحجة وليلة العاشر حتى طلوع الفجر. ومن تفوته فترة الوقوف فقد فوت الحج.
  • المكان: يجب أن يكون الوقوف في أرض عرفات.

سنن الوقوف في يوم عرفة

من السنن المستحبّة في يوم عرفة ما يلي:

  • الاغتسال: عن علي -رضي الله عنه- حيث قال: “يوم الجمعة ويوم عرفة”.
  • خطبة عرفة: تُلقى بعد الزوال.
  • الجمع بين الصلاتين: يشمل صلاة الظهر والعصر في وقت الظهر.
  • التعجيل في الوقوف: يُستحب التعجل إلى الموقف بعد جمع الصلاتين.
  • الإفاضة بعد الغروب: بعد غروب الشمس يتم الإفاضة.
  • الإكثار من الأعمال الصالحة: من العبادات والدعوات.

المبيت بمزدلفة

تُعتبر مزدلفة نقطة متوسطة تصل ما بين عرفة ومنى، حيث تصح مشية الحاج إلى مزدلفة بهدوء وسكينة، ويمكن تأخير صلاتي المغرب والعشاء لأدائهما في مزدلفة. وفيما يتعلق بالمبيت هناك، فقد اختلف العلماء في ذلك إلى قولين:

  • إذا ترك الحاج المبيت في مزدلفة يعتبر حجّه صحيحًا لكنه يُلزمه بفدية.
  • إذا أقام الحاج في مزدلفة حتى ولو لأقل مدة في النصف الثاني من الليل يعتبر قد أتم المبيت.

رمي جمرة العقبة

رمي جمرة العقبة تُشكّل الجمرة الكبرى، وتُرمى في نهاية منى تجاه مكة. وقد اتفق الفقهاء على وجوب رمي الجمرات، ويجب رميها من الأماكن المخصصة لذلك. يتم رمي الجمرة بسبع حصيات وتكبيرة مع كل حصاة. يمكن للحاج أن يقذف الحصى بطريقة مناسبة ويُعبر عن التكبير بأي صيغة مناسبة.

ذبح الهدي

الهدي قد يكون تطوّعًا أو كفارة أو لجبر نقصان، ويكون وقت الذبح مختصًا بنوع الهدي. ويمكن تلخيص ذلك كما يلي:

  • هدي التطوّع: يُفضل ذبحه في أيام النحر.
  • هدي التمتع والقران: يُفضل أن يتم الذبح خلال أيام النحر، بينما يجوز في بعض المذاهب بعد الإحرام.

التحلل من الإحرام

يتعلق التحلل بالخروج من الإحرام وينقسم إلى قسمين:

  • التحلل الأصغر: يشمل رمي جمرة العقبة، والنحر، والحلق أو التقصير.
  • التحلل الأكبر: يحدث بعد طواف الإفاضة مع الحلق أو التقصير بشكل كامل.

طواف الإفاضة

وقت طواف الإفاضة

هذا الطواف يُعتبر ركنًا مهمًا في الحج، حيث يُشترط فيه سبعة أشواط. وقد اختلف الفقهاء حول فترة هذا الطواف كما يلي:

  • المذهب الحنفي: بعد فجر يوم النحر.
  • المذهب المالكي: من يوم عيد الأضحى إلى نهاية ذو الحجة.
  • المذهب الشافعي: بعد منتصف الليل من ليلة النحر.
  • المذهب الحنبلي: يبدأ من منتصف ليلة عيد النحر.

شروط طواف الإفاضة

تتضمن شروط الطواف ملاحظات متعددة حسب المذاهب، ما يلي:

  • للمذهب الحنفي: يُشترط أن يكون الطواف داخل المسجد وأن يبدأ من شروق الشمس.
  • للمذهب المالكي: يتطلب سبعة أشواط وطهارة وموالاتها.
  • للمذهب الشافعي: يتطلب سترة العورة وبدء الطواف بالحجر الأسود.
  • للمذهب الحنبلي: الطوافات تتطلب النية والطهارة من الحدث.

رمي الجمرات

يُعتبر رمي الجمرات واجبًا في الحج، ومن تركه يُلزمه دم، وتتكون الجمرات من ثلاثة:

  • الجمرة الأولى
  • الجمرة الثانية
  • الجمرة الثالثة: وهي جمرة العقبة.

يبدأ وقت الرمي من أيام التشريق بعد الزوال، ويُفضل أن يُرمى قبل الغروب.

طواف الوداع

يُعرف أيضاً بطواف الصد، ويعتبر واجبًا عقب انتهاء مناسك الحج. ويُشترط أن يكون الحاج من أهل الآفاق ويجب أن يكون طاهرًا. وهو يُعتبر الوداع من البيت الحرام.

ملخص: تبدأ مناسك الحج بالإحرام وتنتهي بطواف الوداع، حيث تشمل الأعمال الرئيسية: الإحرام، السعي، الوقوف بعرفة، المبيت بمزدلفة، رمي جمرة العقبة، التحلل من الإحرام، طواف الإفاضة، رمي الجمرات، وأخيرًا طواف الوداع.

حكم من يخل بترتيب مناسك الحج

يمنع على الحاج التلاعب بترتيب مناسك الحج، ومن أبرز الأحاديث التي تدل على ذلك هي حديث النبي -صلى الله عليه وسلم-. يشير حديثه إلى ضرورة الالتزام بالترتيب وزيادة التأكيد أن تقديم أو تأخير أي من المناسك يُعد غير صحيح.

وفيما يتعلق بأعمال يوم النحر، تختلف آراء الفقهاء بشأن وجوب ترتيبها. ومن رأي الفقهاء هنا:

  • المذهب الحنفي: يشدد على تقديم الرمي ثم الذبح ثم الحلق.
  • المذهب المالكي: يوجب تقديم الرمي على الحلق والطواف.
  • المذهب الشافعي والحنبلي: يرون أنه لا وجوب للترتيب بين أعمال يوم النحر.

أخيرًا، يشير الملخص إلى أنه يجب الالتزام بترتيب مناسك الحج بشكل دقيق وعلى الحاج أن ينفذها وفقا للترتيب المذكور.

Scroll to Top