تحليل رواية التبر
ملخص رواية التبر
تدور أحداث رواية “التبر” حول شخصية أوخيّد، الذي استحوذ على قلبه مهري أبلق، قدمه له زعيم قبائل آهجّار. تأثر أوخيّد بهذا المهري لدرجة أنه طلب من إحدى الشاعرات نظم قصيدة في مدحه، وسعى لتدريب المهري على الرقص في المناسبات الاجتماعية.
حتى عندما وقع المهري في حب ناقة تعود لإحدى القبائل المجاورة، لم يقف أوخيّد في طريقه. بل كان يتسلل ليلاً إلى تلك القبيلة ليجمع بين المهري ومعشوقته. وعندما انكشف الأمر، اعترف زعيم القبيلة بضرورة رعاية المهري مع جمال القبيلة ليضمن لها سلالة نبيلة. في هذه الأثناء، تزوج أوخيّد من الفتاة التي أحبها، رغم اللعنة التي ألقت بظلالها على حياته وحرمانه من الوراثة.
عندما مرض الأبلق وأصيب بالجرب، تجول أوخيّد في الصحراء بحثًا عن علاج له، وعندما وجد الحل عند نُصُب الإله تانيت، نذر ذبح جمل سمين شريطة أن يُشفى الأبلق. وبعد مغامرة طويلة، اشترى أوخيّد الجمل، ولكنه نسي نذره وذبحه في عرسه.
توفي والد أوخيّد، وبدأت القبيلة بالتشتت. ووسط تزايد النزاعات مع رجال المقاومة، نشبت المجاعة وأصبح الناس عرضة للجوع. ترك له أحد أقارب زوجته جرابًا من التمر وآخر من الشعير، ولكنهما ضاعا، وترك أوخيّد رمز المثلث في المكان الذي فقد فيه الجرابان، مما جعله يتذكر نذره، ولكنه لم يكن يملك المال لتنفيذه. في هذه الأثناء، طلبت الإلهة تانيت عبر حلم مرّ به أن يقدم الأبلق كقربان لنذر.
رفض أوخيّد ذلك. وعندما عاد قريب زوجته مرة أخرى، راهن لديه على الأبلق مقابل جملين، باع أحدهما واستغل الآخر للعمل لتلبية احتياجات أسرته. ولكن الأبلق كان يهرب متكرراً نحو أوخيّد، حتى قرر الأخير استرداد المهري، مهما كان الثمن. هذا الثمن كان يتطلب طلاقه من زوجته، لكي يتزوجها ذلك القريب الذي هو ابن عمها.
رغم رفض أوخيّد لفكرة الطلاق، إلا أنه استسلم في النهاية للواقع، وكان أن منح قريب الزوجة أوخيّد حفنتين من التبر، لينطلق بعد ذلك سعيدًا مع الأبلق. لكن سرعان ما انتشرت الشائعات التي وصمته ببيع زوجته وولده مقابل التبر.
عاد أوخيّد للانتقام من قريب زوجته، مما أدى إلى مقتله. وهنا، ثارت قبيلة القتيل بحثًا عن أوخيّد، ليس لأسباب الثأر، بل لأن العرف يتطلب قتل القاتل لتقاسم الميراث.
نجح أوخيّد في البداية في الهرب، ولكنه قرر لاحقًا اللجوء إلى كهوف الجبال. ومن أجل ذلك، أطلق مهريه في الصحراء ليحميه، لكن المهري كان يعود باستمرار إلى صاحبه، مما كشف مكان أوخيّد للأعداء، فقُتل في النهاية، بينما بقي الأبلق حيًا.
التحليل السيميائي لرواية التبر
تستند رواية إبراهيم الكوني بشكل أساسي إلى الرمزية التي تقدم رواية باطنية تتجاوز الظاهر. يظهر الصراع الرئيسي في الرواية من خلال ثنائية الحرية مقابل العبودية. فالصحراء ترمز إلى الحرية، بينما يمثل الأبلق العبودية، وتحيط بهما سلسلة من الرموز الأخرى. لذا، يمكن اعتبار كل عنصر داخل الرواية رمزًا أو إشارة في قاموس إبراهيم الكوني، حيث يمثل الحلم والسر ورسومات الكهف وحيوانات الصحراء إشارات متعددة.
بالتالي، كل مواجهة يواجهها أوخيّد تمثل إشارة لم يتمكن من إدراك معناها، مما جعله يتمسك بالأبلق حتى أصبح هو القربان المقدم للإلهة تانيت.
أما المرأة، فهي ترمز إلى الصحراء وتعد إحدى الإشارات التي عجز أوخيّد عن فهمها، مما أدى إلى إصابته باللعنة. تُمثل اللعنة، في أشد صورها، المنفى، الذي يعني الحرية، حيث يتحرر المرء من قيود الملكية. لكن أوخيّد بسبب قصوره في الإدراك، فضل البقاء عبدًا أعميًا حتى توفي، ليحصل على الفهم عند لحظة موته.
التحليل الأسلوبي لرواية التبر
يتضح هذا التحليل من خلال:
1. التشكيل اللغوي
اختار المؤلف أسلوب التشويق كخاصية أسلوبية تسهل التواصل بين السارد والقارئ. وقد استخدم مفردات من المعجم الصحراوي، وظهر ذلك من خلال تقنيات الوصف والتكرار، وتقديم وتأخير الفقرات، إضافةً إلى استخدام أساليب سردية متعددة مثل الاستفهام والنهي. انسجم السرد مع ضمير الغائب، مما أظهر وجهة نظر الشخصيات بأحسن صورة.
2. التشكيل البياني
تجلت البراعة في توظيف المجاز والشعرية في التراكيب والوصف، حيث استخدم المؤلف الصور البيانية والمجاز والاستعارة والكناية والتشبيه، وكل ذلك بهدف غمر القارئ في عالم الرواية العجائبي.
التحليل السيميولوجي لرواية التبر
تجلى استخدام السيميولوجيا بوضوح عبر أحداث الرواية، ويمكن تلخيص ذلك فيما يلي:
- تهيمن ثنائية البقاء والفناء على فضاء الرواية الصحراوي.
- يرتكز النص على الميثولوجيا، حيث استخدم الكوني الرموز والإشارات والأساطير.
- تتواجد الأسطورة بشكل حيوي داخل النص ومؤثرة في تطور الأحداث والشخصيات.
- يتبوأ الحيوان مكانة مركزية في رواية الكوني، وله دور أساسي في مسار الرواية.
- استند الكوني إلى التناص في بعض فصول الرواية لتوجيه إشارات تحضيريه لأحداث مستقبلية، كما اعتمد على اللمحات الصوفية في السرد.