المقدمة: مثل النخيل في علوه
هل يمكنك أن تعيرني يا لغتي الجميلة حرفًا من البلاغة، لأكتب كلمات عن حب علمٍ يحقق مكانته بين النجوم، ويعتلي بمجدٍ يمتاز بالبهاء، ويدفع بسماكته نحو السماء؟ هذه علمٌ يحكي قصة مجد أصيل، يرفع لواءه بعزة، ويصبح نشيدًا لعشاقه، فتظل راياته مرفوعة ودائمة المنعة من الذل، مثل النخلة في علوها التي لا تُهان ولا تلين، ولا تنحني مهما عارضتها الرياح أو حاول الطامعون التسلط عليها. هكذا هو علمي، قصة للكرامة يشهد لها التاريخ، تروي فخرًا وعزة وكبرياء.
العرض: علمنا: معاني خالدة عبر الزمان
عندما أواجهك بعلمي، أشعر أنني أواجه تاريخًا وحاضرًا، أمام قصة شُيّدت بكرامة، حملها أجدادنا الأبطال في سعيهم لرفع راية العزة بالدين حتى أصبحوا رواداً للبلاد. لقد كانت شعاراتهم كلمات خالدة مدى الحياة، تشهد عليها الأمم وتؤمن بأنها رسالة خالدة، وفي نهجهم حافظوا على سنة خاتم الأنبياء. هم وحدهم السيف الذي يواجه أعداء الأرض والدين، ويقيم العدالة بين المسلمين.
لون العلم الأخضر المورق يرمز إلى العطاء والكرم والجود، وللتجدد والتقدم على جميع الأصعدة. وعندما تتذكر حكاية هذا العلم، تذكر شهامة أمير البلاد، الذين حملوا الرسالة وكانوا خير سلفٍ لخير خلف، وصانوا الأمانة وتحملوا الراية، فأصبحوا مثالًا يُقتدى به في الشجاعة، إذ عزّ الدين بفضل اعتزازهم بلا إله إلا الله محمد رسول الله.
أما كلمة التوحيد التي تزين الراية، فهي شهادة للإسلام، انطلقت من النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- فداءً له من الأرواح والعيون، وسُطّرَت في التاريخ معاني العزة الحقيقية. إدراكهم لجوهرها جعلهم حريصين عليها أكثر من حياتهم. لقد كان نشرها هو الطموح الأسمى، وقد فهموا أن حملها مسؤولية تناسب الرجال العظماء، فكانوا لها خدمًا وسيفًا وأبطالًا، ليجعلوا هذه الرسالة المجيدة مشعلًا راية تتلألأ في السماء، ليُعلموا الكون أنها كلمة خالدة.
فقد أصبحت هذه الراية للشرفاء عَلمًا، وللمسلمين علمًا يبرز الفخر، فهم يعلمون أن عزتهم لا تتحقق إلا بدين محمد -صلى الله عليه وسلم-، فاعتزوا بها وهزموا جميع الأعداء، فأنطلق صداها الجميل في كل جبل ووادي، وفي كل مكان، لتكون بلسمًا للصدور.
إنني عندما أتصفح صفحات تاريخ المجد، أجد في كل صفحة رواية مشرقة لمن يحملون الراية، ولأسطورة أبطال يخدمون الإسلام. في هذه السلسلة التاريخية نرى الخلفاء والأمراء والملوك الذين تحملوا الأمانة بكل جدارة. هذا ما يُسجل في دفاتر التاريخ بماء من ذهب، يروي رسالة الخلود وأبطالها المخلصين.
لقد أدركوا أن الدين ليس مجرد كلمات تُكتب أو شعائر تُؤدى، بل هو أسلوب حياة يعبر عن العزة والكرامة والمساواة. فهو سبيلاً للشرف في الدارين. من اتخذ كلمة التوحيد علامة له، لن يكون مذلاً نفسه، بل سيكون فوق الجميع بدينه، وفي الآخرة ينعم بالخيرات، فهو يُعز بلاده وينشر حلوى الفخر بين الأمم.
عندما أجد نفسي وسط زحام الكلمات، أشعر أن لغتي تعجز عن تقديم وصفٍ يتناسب مع عظمة هذا العلم الذي يحمل أحداثاً باقية في الذاكرة. علمي، تجسيد لمجد التاريخ ورائع الحاضر ومشرق المستقبل، يا فخر العرب، لأتمنى أن أكون جنديًا مخلصًا أحمل رايتك الشامخة، وأن أكون من يضحي بروحه ونفسه ودمه امتثالاً لك.
يا قبلة روحي، يا نجمة أباهي بها كواكب السماء، يا عبق الدين، ومهوى فؤاد المسلمين، أسأل الله رب العالمين أن يبقيك خافقًا عزيزًا، وأن يحفظك من كيد الحاقدين، يا علمي، يا ساحر القلوب، ستظل عاليًا على الرغم من رياح الخائنين. مهما حاولوا تذويبك، فأنت محفوظ بقدرة الرحمن وأحباؤك المسلمون، إذ تحمل في عباءتك راية التوحيد والدين.
يا علمي، حملت سيفك في الدفاع عن دين الرسول، فتنشر العدالة وتنير العقول، وتبعد عن وطنك كل عابث أو غاصب يسعى للتسلط. وقد ارتديت ثوبك الأخضر لتنقل للناس رسالة اليمن والبركة والرموز الغائبة، وتقول: إن سيفي ليس للظلم والاستعباد، إنما لتحقيق العدالة بين جميع الناس، فلك مني كل محبة يا علمي، الذي يسري حبك في روحي ودمائي.
أشهد الله على حبي لك، يا علم بناء الأمل، سواء صعدت الخير أو شرفت النيات، أنت علم يحمل أسمى الرسالات، شرفُ الله الأمة بحروفٍ مباركة تشهد على الحق في دين الله، فليدرك الجميع بأنه لا إله إلا الله، وهو سبيل المؤمنين إلى الجنة. اتخذوا رايتك علامةً جيلًا بعد جيل؛ طمعًا في رحمة الله وغفرانه، فقد تركوا بصمة لا تُمحى في صفحة الزمن.
أنت يا علم بلدي، تحمل في تاريخك أرقى رسالة للبشرية، رسالة حق ونور وسلام. يا علمي، أنت رمز الفخر والشموخ، في أرض تُقطر شرفًا، تم زراعتها بدماء جنودك الوفياء، فلك تحية من أرواحنا، يا من علمتنا أسمى الرسالات.
الخاتمة: خافق ذو سؤدد
علمي، يا علم العزة والفخر، كيف لا وأنت تحمل كلمة “لا إله إلا الله محمد رسول الله”، كلمة مؤصلة بالسيف الذي يشير إلى العدالة والعناية بشريعة سيد الأنبياء، محمد -صلى الله عليه وسلم-. إنك علم يحمل القيم الدينية النبيلة والعميقة التي لا ينبغي أن تنحني أمام دُنُس الحياة، فأنت ستبقى شامخًا في عليائك مهما مررت برقبات الظروف، فكل صعوبة تزيد من عظمتك.