الحفاظ على الله يجلب لك الحماية والأمان

يعتبر حديث “أحفظ الله يحفظك” من الأحاديث النبوية الشريفة الصحيحة التي نقلت عن نبي الله محمد صلى الله عليه وسلم، ويتضمن هذا الحديث معانٍ عميقة وجميلة. في هذا المقال، سنستعرض مغزى هذا الحديث الشريف وبعض النقاط المرتبطة به.

تحليل حديث “أحفظ الله يحفظك” .. احفظ الله تجده أمامك

  • يذكر الصحابي الجليل عبدالله بن عباس رضي الله عنه أنه كان يسير خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال له: “يا غلام، أُعلمك كلمات: أحفظ الله يحفظك، أحفظ الله تجده أمامك. إذا سألت، فاسأل الله، وإذا استعنت، فاستعن بالله. وأعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن تنفعك بشيء، لم تفعل إلا بشيء قد كتبه الله لك. وإن اجتمعت على أن تضرك بشيء، لم تضرك إلا بشيء قد كتب الله عليك. رفعت الأقلام وجفت الصحف” رواه الترمذي.
  • عبد الله بن عباس بن عبد المطلب، ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، وُلد قبل هجرة النبي من مكة إلى المدينة بثلاث سنوات، وعُرف بلقب “البحر” نظرًا لغزارة علمه، كما لقبه النبي بـ “ترجمان القرآن الكريم”، حيث دعا له النبي قائلاً: “اللهم فقهه في الدين، وعلمه التأويل”.
  • وروى الإمام أحمد رضي الله عنه بسند آخر عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم، قوله: “أحفظ الله تجده أمامك، تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة. وأعلم أن ما أخطأك لم يكن ليصيبك، وما أصابك لم يكن ليخطئك، وأعلم أن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسراً”.

تفسير حديث “أحفظ الله يحفظك”

  • يقول الإمام ابن رجب الحنبلي رحم الله تعالى: إن هذا الحديث يتضمن العديد من الوصايا القيمة التي دعا إليها نبي الله صلى الله عليه وسلم، ويجمع بين أجمل وأهم المبادئ الدينية.
  • أما ابن الجوزي، فقد أعرب عن انبهاره بعظمة هذا الحديث، حيث أشار إلى كم من المؤسف أن يجهل الناس معانيه العميقة. وسنستعرض لاحقًا معنى كل عبارة فيه كما يلي:

يا غلام

تشير إلى معنى الصبي، إذ تعني الولد في مرحلة ما بعد الفطام وحتى سن حوالي تسع سنوات، وكان عمر ابن عباس في ذلك الحين تسع سنوات.

إني أعلمك كلماتٍ

تدل على أنني سأفهمك مجموعة من الكلمات التي ستنفعك بإذن الله.

أحفظ الله يحفظك

  • يعني اتباع أوامر الله تعالى واجتناب نواهيه. ولدى الامتثال لذلك، ستجد رب العزة يحفظك في حياتك الدنيا والآخرة، في دينك وأوقات الشدة، كما جاء في قوله تعالى في سورة النحل: “من عمل صالحًا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة”.
  • وما يصيب الشخص من مصائب أو كوارث هو نتيجة لتضييع ما أمر به الله. فقد قال تعالى في سورة الشورى: “وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم”.

أحفظ الله تجده تجاهك

  • أي أنك ستجد الله تعالى أمامك يرشدك إلى طريق الخير، ويقربك منه. لذا يتوجب على المؤمن أن يسعى لطاعة الله والامتثال لأوامره. وعندما يفعل ذلك، سيجد الله معه في الأوقات الصعبة.
  • من القصص الشهيرة التي توضح هذا، قصة الفتيان الثلاثة الذين لجأوا إلى غار أثناء المطر وأصابتهم صخرة كبيرة أغلقت عليهم. فتذكروا أعمالهم الصالحة إلى الله، وعندما دعوا الله بتلك الأعمال، انزاحت الصخرة عنهم.

وإذا سألت

  • تدل على الحاجة للطلب من الله تعالى فقط، حيث يجب على المؤمن ألا يعلق آماله على أحد سواه. فالله هو المعين والناصر، والقادر على جلب الخير ورفع الضر.
  • إذا سأل شخصًا ما، فقد يمده أو يرفضه، والأمر يكون في النهاية على نحو يؤثر على النفس ويشعرها بالذلة.
  • لذا، أمر النبي صلى الله عليه وسلم بعدم سؤال الناس عن شيء، حيث كان الصحابة يستثنون أنفسهم من ذلك.

وإذا استعنت

تعني الرغبة في الاستعانة بالله في طاعة أو أمر من أمور الحياة.

فاستعن بالله

  • أي أن الله هو الملجأ الوحيد الذي يتوجب على كل مسلم الاعتماد عليه في جميع الأمور. فهو القادر على كل شيء، وعليه يجب أن يكون التوكل.
  • وإذا كان العبد صادقًا في عبادته وتوكله، فسوف يجد العون من الله.

وأعلم أن الأمة

تشير إلى البشر جميعًا.

لو اجتمعت

أي إذا اجتمعوا جميعًا.

على أن ينفعوك بشيءٍ

بمعنى إذا ارادوا تقديم الخير لك في حياتك أو آخرتك.

لم ينفعوك

أي أنهم لن يتمكنوا.

إلا بشيءٍ قد كتبه الله لك

أي ما سجله الله في اللوح المحفوظ.

وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيءٍ لم يضروك بشيء قد كتبه الله عليك

  • أي أنه إذا اجتمعوا على ضرر بالعبد، فلن يقدروا على ذلك إلا إذا كان مكتوبًا له.
  • كما ورد في سورة يونس: “وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو”.

أحفظ الله تجده أمامك

أي أن العبد يجب أن يعرف الله في الأوقات السهلة حتى يعرفه في الأوقات الصعبة، وعليه أن يتبع أوامره.

رفعت الأقلام وجفت الصحف

  • تدل على أن كل شيء مقدر للعبد في اللوح المحفوظ، وليس بعد ذلك كتب أي شيء آخر، مما ينبهنا إلى الحتمية المقدرة وعدم تغيرها.
  • وما لم يكتب للعبد فلن يحدث له، لذا لن يصابه إلا ما هو مكتوب له، كما قال الله في سورة التوبة: “قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا”.
Scroll to Top