ما هو النثر؟
النثر، بمفهومه اللغوي، مستمد من الجذر “نثر”، والذي يعني “إلقاء الشيء بصورة مبعثرة ومشوشة”. وعند الإشارة إلى الكلام، يعد النثر تعبيرًا خاليًا من القافية أو الوزن. ومن الناحية الاصطلاحية، وفقًا لتعريف الكاتب حنا الفاخوري في كتابه “الجامع في تاريخ الأدب العربي”، فإن النثر هو الكلام المرسل بصورة طبيعية وعفوية، دون التقيد بوزن محدد، باستثناء بعض الحالات مثل “السجع” الذي يتضمن القافية. يختلف النثر عن الشعر في كونه يفتقر إلى الوزن والقافية، كما أنه يعتبر أحد أشكال الكتابة التي تستخدم السرد الطبيعي، مثل المحادثات بين الناس، والمقالات في الصحف، والكتب المدرسية، وغيرها من أشكال الكتابة التي لا تهدف لاتباع وزن معين. ومن المهم معرفة أن النثر يتضمن أشكالاً متعددة مثل القصص والروايات والقصائد النثرية.
أنواع النثر حسب الغرض
يشمل النثر مجموعة من الأغراض التي تتناول تعبيرات الحياة ومشكلاتها، حيث يتقاطع مع العلوم الإنسانية والعلمية والمعرفية. وفيما يلي بعض التعريفات المتعلقة بالنثر وفقًا للغرض المحدد:
النثر الفني
يمثل النثر الفني نوعًا من الكتابة يجسد انتقاء الكاتب للألفاظ بعناية في الآن ذاته الذي يقدم فيه فكرته أو موضوعه. يتضمن هذا النوع أربعة أقسام رئيسية:
- النثر الأدبي: يهتم هذا القسم بإنتاج كلام موجه لإسماع الناس، ويتطلب تناغمًا مع السياق العاطفي الذي يعكس الموقف الحالي. يعتبر اختيار المفردات هنا أكثر أهمية.
- السير الذاتية، القصص، الروايات، والمسرحيات النثرية.
- الدراسات التحليلية والنقدية، والتي تتناول الجوانب المعنوية كالجماليات والعواطف وغير ذلك.
- تاريخ الأدب: يشمل الحديث عن الأدباء والعصور التي عاشوا فيها وتأثير بيئتهم على مسيرتهم الأدبية.
النثر الاجتماعي
يركز هذا النوع من النثر على إيصال الأفكار دون الولوج في جماليات الألفاظ، حيث يكون الهدف هو معالجة القضايا الاجتماعية بوضوح ودقة. يناقش هذا النثر مشكلات مثل الجهل، الفقر، والعادات السيئة في المجتمع، مستهدفًا تغيير السلبيات. من بين رواد هذا النوع الكتّاب قاسم أمين وبطرس البستاني وجبران خليل جبران.
النثر الديني
يتميز هذا النوع من النثر بارتباطه بقضايا العقيدة والعبادات، حيث يسعى الكتاب فيه لعرض أفكارهم وتفاسيرهم بأسلوب مؤثر من الناحية الدينية والغوية. يتناول هذا النثر الدراسات القرآنية، التفسير، الفقه، وغيرها من علوم الدين.
النثر اللغوي
يشمل هذا النثر جميع العلوم اللغوية مثل النحو والصرف وعلوم اللغة وفهمها، بالإضافة إلى علم المعاني والبلاغة.
النثر العلمي
يمكن تقسيم هذا النوع إلى قسمين:
- النثر الإنساني: يتناول مواضيع الإنسانية المختلفة ويتطلب إلمامًا جيدًا باللغة بما يتناسب مع الشكل والمضمون.
- النثر العلمي: يوضح العلوم الطبيعية بمعلومات مبسطة وغير معقدة، مثل الفيزياء والكيمياء والأحياء.
أشكال الفنون النثرية وتعريفاتها
الرسائل
تشير كلمة “رسالة” إلى عملية إرسال الأفكار، حيث يعرفها الكاتب عبد العزيز عتيق بأنها نص نثري يتنوع في طوله حسب مضمون الكاتب. قد تحتوي الرسالة أحيانًا على عناصر شعرية، مع التركيز على دقة التعبير وجمالية الأسلوب.
الخطابة
تُعرّف الخطابة بأنها فن نثري يهدف إلى مخاطبة جماعة معينة لإقناعهم، وله أسس وقوانين خاصة. يُعبر المتحدث من خلالها عن آراء وأفكار تتعلق بالجوانب المجتمعية المختلفة.
المقالة
تعد المقالة من أنواع النثر التي تدور حول موضوع محدد يستند إلى تجارب الكاتب أو أفكاره. الفكرة هي العنصر الأساسي الذي يتكون منه المقال، حيث تُعرض الأراء بطريقة تشجع القارئ على التفاعل معها.
الحكم والأمثال
تعرّف الحكم بأنها أقوال موجزة تحتوي على معانٍ ثابتة، بينما تُعتبر الأمثال أقوالاً تعكس حالات أو تجارب معينة. تتجلى أهمية هذه العبارات في نقل وتوثيق التجارب الإنسانية.
الرواية
تعد الرواية من الفنون النثرية الواسعة التي تتجاوز التعريفات الثابتة، حيث تعتمد على عرض تسلسل من الأحداث. تستهدف تقديم الحقائق والتجارب في سياقات معقدة.
القصة القصيرة
تعتبر القصة القصيرة توثيقًا لحدث أو سلسلة من الأحداث التي تؤثر في نفس الكاتب، وتمثل فترة زمنية محددة من حياته. تستهدف نقل التجارب الإنسانية بطريقة موجزة ومباشرة.
المسرحية
تتألف المسرحية من نص حواري يُعرض بشكل تمثيلي، حيث تلعب المؤثرات والمشاهد دورًا مهمًا في تحويل الأحداث إلى تجربة حية للجمهور.
فن التوقيعات
يمثل فن التوقيعات نوعًا من التعبير النثري المُوجز، حيث يشتهر به الشخصيات البارزة مثل الملوك والسلاطين. يتسم بالتعبيرات البلاغية القوية والاختيار الدقيق للألفاظ لمخاطبة الجمهور وتعزير المعنى المطلوب إيصاله.