بنو إسرائيل
كان بنو إسرائيل في بداياتهم من أفضل الأفراد، إذ اختارهم الله تعالى تقديراً لهم على سائر الخلق. ومع ذلك، فقد عصوا ربهم وقاموا بقتل أنبيائهم الذين أرسلهم الله إليهم، واشتركوا في عبادة غير الله، مما أوصلهم إلى مرحلة من العناد والتمرد. فما هو سبب تفضيل الله لبني إسرائيل على باقي البشرية؟ وهل لا يزال هذا التفضيل قائمًا؟ وإن كان قد زال، فما هي الأسباب وراء ذلك؟
تفسير تفضيل بني إسرائيل
ذُكر في كتاب الله تعالى: (يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ). وفي ظاهره يبدو أن الآية تشير إلى تفوق بني إسرائيل على أمة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، بل وعلى البشرية جمعاء. ومع ذلك، فإن تفضيلهم يتجلى في ثلاثة أوجه كما يلي:
- العالم المذكور في الآية يشير إلى مجموعة كبيرة من الناس، وبالتالي فالتفضيل يتعلق بشريحة محددة من الناس، وليس بجميع البشر. وهذا يتضح أيضاً في قوله تعالى في سورة الأنبياء: (وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ) حيث إن “العالمين” هنا لا تضم جميع البشر، بل فئة معينة.
- التفضيل يُعبر عنه بما أنعم الله عليهم من نعم، وهي نعمة لم تُعطَ لغيرهم، حيث منحهم الأنبياء والملوك. والخطاب هنا يوجه لهم زمن نزول القرآن، كما يتضح من قوله تعالى: (وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنبِيَاءَ وَجَعَلَكُم مُّلُوكًا وَآتَاكُم مَّا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا مِّنَ الْعَالَمِينَ).
- التفضيل هنا يعود فقط إلى زمانهم، كما يظهر في قوله تعالى: ( وَلَقَدِ اخْتَرْنَاهُمْ عَلَىٰ عِلْمٍ عَلَى الْعَالَمِينَ).
أسباب تفضيل الله لبني إسرائيل
يفسر العلماء تفضيل الله لبني إسرائيل على عالم زمانهم في قوله تعالى: (يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ) بأن الله أعطاهم نعمًا كبيرة تشمل الجوانب الدينية والدنيوية. فقد اختصهم بوجود الأنبياء والرسل، وجعلهم مل الملك.
الحكمة من ذكر تفضيل بني إسرائيل في القرآن
هناك العديد من الحكمة وراء ذكر تفضيل بني إسرائيل، ومن أبرزها:
- تفضيل الله لهم جاء قبل بعثة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، لكنهم لم يلتزموا بتعاليم الله كما ينبغي.
- الله وحده هو من يفضل من يشاء من عباده، وليس لأحد الاعتراض على ذلك، إذ إن الأمر بيد الله تعالى.
- يشمل التفضيل كونهم أصحاب أنبياء وملوك، وتم منحهم ما لم يُوهب لأحد غيرهم من الخلق.
- من النعم التي منحها الله لبني إسرائيل هو تفضيلهم على سائر العالمين.
- يجب على من أنعم الله عليه التواضع له وطاعته، والابتعاد عن المعاصي.
- التفضيل لا يمنع العقاب على الذنوب، ويتوجب معاقبتهم على الأفعال الخاطئة.
- التفضيل يتطلب الالتزام بأوامر الله وتعاليمه.
- بني إسرائيل هم أمة متوسطة، ويتوجب عليهم السعي للخير والتمسك بالصبر والاجتهاد.
نعم الله على بني إسرائيل
ذكرت آيات القرآن الكريم عشر نِعم أنعم الله بها على بني إسرائيل، وهي:
- نجاتهم من قبضة فرعون الذي كان يعذبهم بشدة.
- اجتيازهم البحر الأحمر بعد أن هيأ الله لهم الطريق، وغرق فرعون وجنوده.
- توبة الله عليهم ومغفرته لهم.
- إنزال التوراة على نبي الله موسى عليه السلام لتكون هدى لهم.
- التخلص جماعيًا من المجرمين الذين اتخذوا العجل إلهًا.
- وقايتهم من حرارة الشمس في وادي التيه لمدة أربعين عامًا بفضل السحاب.
- تفضيل الله عليهم بنعم كثيرة من الطعام والشراب كالمّن والسلوى.
- دخولهم القرية بعد خروجهم من التيه، وتناول البعض بأنها بيت المقدس.
- سقياهم من خلال معجزة ضرب موسى الحجر بعصاه لتفجر منه المياه.