المقدمة: الجاهلية جهل بالإسلام لا جهل بالأخلاق
قد يعتقد البعض عند سماع كلمة “الجاهلية” أن الذين عاشوا في تلك الحقبة كانوا يجهلون كل شيء، سواء في الدين أو الأخلاق أو القيم. إلا أن الحقيقة التي يغفل عنها الكثيرون هي أن الجاهلية كانت جهلًا بالإسلام، وليس بالأخلاق والمبادئ السامية. فقد تميزت تلك الفترة بسلوكيات نبيلة كانت فريدة في زمنهم، مثل الكرم والشجاعة والغيرة، بالإضافة إلى التحلي بالعفة والصدق والوفاء وحفظ الأسرار والسمو عن الأمور الدنيئة ورفقاء السوء. وكان العرب أيضًا يتسمون بالحلم والرزانة، إلى جانب الكثير من الصفات الحسنة الأخرى.
العرض: العرب في الجاهلية أخلاق نبيلة وقيم أصيلة
امتلك العرب في الجاهلية أخلاقًا نبيلة وقيمًا أصيلة، لكن ذلك لا ينفي وجود بعض الخصائص السلبية بينهم. وقد سمعنا عن العديد من المواقف المثيرة للاهتمام، سواء من خلال القصص الشائعة أو الأشعار التي نظمها الشعراء، التي تسلط الضوء على أخلاقياتهم وقيمهم. وعندما جاء الإسلام، كانوا بحاجة إلى هداية الله لتصحيح بعض المفاهيم الخاطئة في آرائهم ومعتقداتهم. لذا بعث الله النبي محمد صلى الله عليه وسلم ليتمم مكارم الأخلاق، وقد ورثوا بعض المحاسن من دين سيدنا إبراهيم وولده إسماعيل عليهما السلام.
تميز العرب في الجاهلية بالكرم، ومن ضمن أشهر القصص في هذا الشأن هي قصة حاتم الطائي، الذي كان يجيد إكرام ضيوفه إلى أقصى حد. وقد قال في هذا الصدد:
يقولون لي أهلكت مالك فاقتصد
وما كنت لولا ما تقولون سيدًا
وقد كانت هناك أسباب تدفعهم للكرم، حيث اعتبروا الأمر فخرًا لهم أمام الأمم الأخرى، رغم الظروف القاسية التي يعيشونها من قحطٍ وشحٍ بالموارد. كانوا يفتخرون بكرمهم لأنهم يعرفون تمامًا أنهم سيحتاجون إلى الضيافة يومًا ما. كما كانوا مسرورين بتقديم العون للمحتاجين، وعندما يكرمون الضيوف، فإن المال بالنسبة لهم كانت وسيلة لكسب الثناء والمودة.
كما اتسم العرب في العصر الجاهلي بالشجاعة، حيث كانوا يقومون بواجباتهم تجاه أسرهم بجد واهتمام. كانوا يعتنون بأبنائهم ويحافظون على وعودهم، دون انتظار لمقابل. كان الشجاعة تمثل لهم قيمة كبيرة، سواء في الالتزام بالعهد أو في مساعدة الآخرين. لقد كانوا قدوة وشجاعة في كل الأوقات، مما جعلهم مضرب مثل للشجاعة والجسارة.
تمثلت غيرة العرب في جهلهم بكرامة المرأة، حيث اعتبروها رمزًا للشرف وعنوانًا للعزة. وكانوا يسعون لحمايتها والدفاع عنها، نظرًا لأن أي تعدٍ عليها يثير غضبهم. كما أن العفة كانت قيمة معيارية عليهم، حيث يعتبر الاعتداء على الأعراض سببًا لنشوب الحروب والنزاعات. كانت العفة والكرم والشجاعة شروطًا ضرورية للسيادة في المجتمع.
أما بالنسبة للوفاء، فقد كانت هذه الصفة جزءًا أساسيًا من شيم العرب في الجاهلية. كان الوفاء بالوعود والتعهدات من الأمور المقدسة بينهم. كان هناك نفور شديد من الخيانة، وكان يغفر للصديق وتخسر شرف من يغدر. لذا، كانوا يضربون أمثلة في الوفاء والتضامن مع جيرانهم.
عُرف العرب أيضًا بقدرتهم على كتمان الأسرار، حيث كانوا يعتبرون إفشاء الأسرار من الأخلاق غير المقبولة. كان هذا السلوك ينبع من حس الوفاء والولاء للآخرين، مما كان يعزز الثقة والمودة بينهم. وكان الحلم والرزانة من الصفات البارزة التي تميزوا بها، حيث تحملوا الغضب بأناة ولم يتسرعوا في اتخاذ القرارات.
الخاتمة: الجاهلية قيم أقرها الإسلام
على الرغم من تمتع الكثير من العرب في الجاهلية بصفات جيدة، إلا أن بعضهم كان يحمل صفات سلبية. جاء الإسلام ليؤكد معظم القيم الأخلاقية التي اتصف بها العرب ويرفع من شأنها، مع التركيز على تصحيح المفاهيم الخاطئة ورفض بعض العادات السلبية. فعلى سبيل المثال، أقر الإسلام صفة الكرم ولكن دعا إلى إخلاص النية لله وحده.
يمكنكم الاستفادة من هذا المقال: صفات العرب قبل الإسلام.