تخيّل شكل العالم قبل تشكيل الأرض
تُعتبر الأرض موطن الحياة منذ ملايين السنين، بينما يُعتبر وجود الحياة خارج كوكبنا تخيلاً بعيداً عن الأدلة العلمية القاطعة. فقد كانت الأرض هي نقطة انطلاق البشرية منذ آلاف السنين.
لكن ماذا لو أغلق الإنسان عينيه وصوّر العالم قبل أن تتشكل الكرة الأرضية؟ هل كانت هناك مخلوقات تعيش في الفضاء الواسع الذي لا يعرف حدودًا له؟ كيف كانت الكواكب في ذلك الزمان؟ إن الخيال يُصور لنا صورًا أولية تحتوي على مساحات شاسعة مظلمة وقطع متناثرة من الصخور تجوب الفضاء بلا هدف. ربما كانت هناك مخلوقات على كواكب أخرى، حيث يحاول العلماء بين الحين والآخر التوصل إلى نظريات تثبت وجود حياة خارج الأرض.
قد يعتقد المقيمون على كوكب ما أنهم الكائن الوحيد في هذا الكون الشاسع، وإذا قيل لهم بوجود كائنات على كوكب الأرض، لربما سيكون رد فعلهم مشابهاً لما نتصرف به عند ذكر المخلوقات الفضائية. إن العالم أشبه بمعجزة يصعب تخيل ملامحها، فهو كالمحيط الذي لا قاع له، حيث يسعى الإنسان للغوص فيه ويزداد ضياعاً بسبب عدم وجود دليل واضح على ذلك.
عندما نرفع رؤوسنا اليوم، نرى فوقنا سماءً زرقاء صافية، وهذه السماء تخص كوكب الأرض فحسب. ماذا لو لم تكن هناك سماء؟ كيف سيبدو الكون الخارجي؟ من المؤكد أن سواد الفضاء هو الجواب الأكثر دلالة في هذه الحالة. ورغم أن خيالي لا يصل إلى شكل العالم قبل وجود الكرة الأرضية، إلا أن العلماء طرحوا بالفعل نظريات حول نشأة الأرض، لذا لابد لي من البحث بجد للوصول إلى أفكار تتعلق بهذا الأمر.
هل تعلم كيف نشأت الأرض؟
كيف بدأت الحياة تتشكل على الأرض؟ وبأي تنظيم رائع وُجدت؟ هل من الممكن أن تصادف الحياة بمثل هذا الإبداع بحيث لا يتحرك شيء خارج نظامه، والشمس تصحو كل صباح والقمر يضيء كل مساء؟ إن النظام الكوني يثير تساؤلات الإنسان حول كيفية نشوء الأرض.
لقد قمت بالبحث كثيرًا عن نظريات نشأة الأرض، ووجدت أن العلماء اقترحوا بعض النظريات، والتي تعتمد بشكل رئيسي على الصدفة أو الترابط. إذ يُعتقد أن الأرض تشكلت نتيجة تراكم بعض المركبات العضوية وتفاعلها بطريقة سهلت نشأتها، حيث يقدر عمر الأرض بأكثر من ثلاثة مليارات عام. ما زال العلم يبذل الجهود لفهم كيفية تشكل الأرض من العدم. إنها واحدة من النظريات الأساسية التي يجب على الإنسان دراستها وفهمها بصورة شاملة.
لكن، هل يمكن للإنسان بالفعل أن يصل إلى معلومات واضحة تفيد بكيفية نشأة الأرض؟ رغم الجهود الكبيرة التي بذلها العلماء، لم يتمكنوا من إثبات صحة أي من الفرضيات بشكل لا لبس فيه. إذ تظل معظم الأفكار مجرد تخيلات ترافق بعض الأساسيات العلمية والتي قد تكون حدثت أو لم تحدث. ونظرية الانفجار العظيم تثير الجدل حول إمكانية تشكل الأرض بعد هذا الانفجار بحوالي تسعة مليارات عام.
كل هذه الأمور ليست سوى فرضيات تفتقر إلى اليقين، ولذا يجب على الإنسان توجيه اهتمامه نحو ما يستحق ذلك ويرفع من قدرته على حماية الأرض والحفاظ عليها، خصوصًا في ظل المخاطر المتزايدة التي تهدد استمرار الحياة عليها. فالإنسان هو المسؤول عن تطوير كل شيء وحفظ هذه الأرض من الأخطار.
كيف نحافظ على الأرض؟
الأرض هي المسكن الوحيد لجميع الكائنات الحية، كأنها منزل كبير يحتضن جميع المخلوقات التي خلقها الله سبحانه وتعالى. لذا، يجب على الإنسان أن يسعى لحماية منزله من كل ما يهدده بالزوال أو الفناء.
تواجه الأرض اليوم حالة من الخطر الحقيقي نتيجة للتطورات الهائلة التي تؤدي تدريجياً إلى تدميرها بسبب النفايات المتزايدة. كما تتناقص المياه الصالحة للشرب بسبب تراجع المساحات الخضراء وزحف العمران نحو المناطق الطبيعية. وقد أصبح التلوث الدخاني هو العنصر السائد حول الأرض، مما يهدد الكائنات الحية بالانقراض، والإنسان هو المسؤول الرئيسي عن ذلك.
كون الأرض هبة من الله، يجب على الإنسان الحفاظ عليها من جميع الأخطار. من الضروري الابتعاد عن النفايات التي تعسر على الكوكب التخلص منها، مثل البلاستيك الذي يستغرق ملايين السنين للتحلل. إذا استُبدلت الأكياس البلاستيكية بأخرى ورقية صديقة للبيئة، يمكن أن يُحدث ذلك فرقًا كبيرًا في تقليل التلوث.
كما أن الغطاء النباتي يلعب دورًا حيويًا في تنقية هواء الأرض. إذا قام كل منا بزراعة شجرة أمام منزله، فسوف تندمج الحضارة العمرانية مع الطبيعة، مما يشكل لوحة جمالية فريدة. ومن أهم ما يبقي الحياة هو الماء، حيث جعل الله تبارك وتعالى من الماء كل شيء حي، والحفاظ على مصادر المياه هو أمر أساسي للحفاظ على الحياة على الأرض.
تُعتبر الأرض أمانة في أعناق البشرية، وكما أوصى النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- بالزراعة وضبط استهلاك المياه، يجب علينا جميعًا الالتزام بتلك الأخلاقيات لحماية الأرض. الإنسان مسؤول عن المحافظة على البيئة، وعليه أن يتحمل هذه المسؤولية يوم القيامة، والله لا يضيع أجر من يعملون الخير.
ماذا نتعلم من التأمل في الأرض؟
تُعتبر الأرض مخلوقًا عظيمًا خلقه الله سبحانه وتعالى ليكون موطنًا لجميع المخلوقات منذ زمن بعيد. وقد أظهر الله سبحانه وتعالى في الأرض مظاهر عظمته، مع توفير أسباب الحياة من الماء والهواء والغذاء وغيرها.
يتأمل الإنسان في عظمة الأرض وجمالها، ويدرك كيف صاغ الله هذا المكان المهيب من أجل الإنسان. فعندما تتأمل في دقة خلق الله -عز وجل- ستجد سبب وجودك الحقيقي على هذه الأرض. كما أن كل نهار يأتي مع شروق الشمس يذكرنا بأن لكل شيء نهاية، حتى نحن.
من خلال التأمل في الكون، يتبين لنا أن هناك صانعًا واحدًا لهذا النظام الرائع، والذي يزخر بالعظمة والفن والدقة. فأي كائن عاقل يشارك الإنسان على هذه الأرض؟ إن نظرة عميقة نحو الأرض تدعونا للتواضع، فهي تذكرنا بمدى ضآلة حجمنا أمام عظمة الكون.
لابد للإنسان من أن يتأمل ليصل إلى الحقيقة، وهي أنه زائر في هذا العالم، ويجب أن يسعى لجعل زيارته ممتعة وسعيدة، بعيدًا عن الحزن، ليسعد ولذلك تكون حياته مباركة في الدنيا والآخرة.