يعتبر الصيام بغرض الحمية والرجيم، والحج من أجل جمع المال فقط، والجهاد طلبًا للغنائم، والتصدق بغرض الشفاء أو السعي للثناء، وغيرها من الأعمال، أشكالاً من العبادة التي يُخشى على فاعلها من عدم نيل الثواب في الآخرة. للمزيد من المعلومات، تابعوا موقع
مقال
الأعمال الصالحة ونيتها
النية الصادقة في أداء الطاعات والعبادات هي أحد الأركان الأساسية التي ينبغي أن يسعى المسلم لتحقيقها، فالغرض الحقيقي من هذه الاعمال يجب أن يكون إرضاء الله-عز وجل-.
لذلك، إذا أقدم الشخص على الطاعات أو العبادات بنية تحقيق فائدة أو مكافأة دنيوية، فإنه يواجه حالتين:
تابع أيضًا:
الحالة الأولى: نية الحصول على فوائد دنيوية
يقول الله سبحانه وتعالى: «مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ • أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ»، [هود: 15].
الحالة الثانية: السعي نحو وجه الله-عز وجل- مع نية الحصول على فوائد دنيوية مباحة
كما في حالة من يصوم لله-عز وجل- بينما يحافظ على صحته، ومن يحج وينوي التجارة، أو المجاهد في سبيل الله-عز وجل- الذي يسعى أيضًا للغنائم، وشخص يُخرج الزكاة ويأمل في زيادة بركة ونماء أمواله.
كذلك، من يتصدق بنية الشفاء من المرض أو لتواصل صلة الرحم طلبًا للأجر وطول العمر.
ومع ذلك، يتباين الحكم في هذه الحالات حسب “قوة الدافع” وراء العمل:
- إذا كان الدافع الأقوى هو إرضاء الله-عز وجل- وتحقيق الأجر منه، فلا بأس بذلك.
- لأن الله-عز وجل- قد وعد بالثواب العاجل في الدنيا والآجل في الآخرة، مما يشجع العاملين على الاستمرار في الخير.
- بينما إذا كان الدافع الدنيوي هو الأقوى، فإن الثواب سيكون مقتصرًا على ما يجنيه في هذه الحياة، ونخشى أن يكون آثمًا بسبب ذلك.
- لأنه قد يحول العبادة، وهي أسمى الغايات، إلى وسيلة لنيل مكاسب دنيوية لا تساوي شيئاً عند الله-عز وجل-.
- أما إذا تساوى الدافعان، ففي هذه الحالة يحتاج الأمر إلى تدقيق؛ فقد لا ينال ثوابًا، إذ يكون كمن عمل لله ولأجل غيره.
تابع أيضًا:
أسباب تعجيل ثواب الطاعات
- من حكمة الله-عز وجل- أن جعل ثواب الطاعات والعبادات معجلًا، وهو جزء من بركة هذه العبادات.
- تشجيع الله-عز وجل- البشر على الأعمال الصالحة من خلال ذكر الثمرات والفوائد الدنيوية يجعلهم يتطلعون إليها.
- يدل كرمه-عز وجل- على توفير الحسنات لمن يسعى لإرضائه في الدارين.
- يقول الله-تعالى-: «فَآتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الْآخِرَةِ ۗ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ»، [آل عمران: 148].
- إذًا، فإن الذمَّ لا يأتي على من يعتزم العمل لله، بينما يكون القصد للدنيا تبعًا.
- لكن الذم يوجه لمن يسعى للحصول على ثواب الدنيا فقط، أو تكون لديه نية تغلب عليه لذلك.
- قال الله-عز وجل-: «فَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ • وَمِنْهُم مَّن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ • أولئك لَهُمْ نَصِيبٌ مِّمَّا كَسَبُوا ۚ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ»، [البقرة: 200-202].
النصوص الشرعية الداعية للتمتع بالفوائد الدنيوية
توجد نصوص عديدة تدعو للحصول على الفوائد والثمرات الدنيوية، منها:
- قوله-تعالى-: «فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا • يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا • وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا»، [نوح: 10-12].
- وقوله-تعالى-: «وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ»، [الأعراف: 96].
- وعن أم المؤمنين عائشة-رضي الله عنها-، أن رسول الله-صلى الله عليه وسلم- قال: ((السِّوَاكُ مَطْهَرَةٌ لِلْفَمِ، مَرْضَاةٌ لِلرَّبِّ))، [صحيح النسائي: 5].
ومن النصوص الأخرى
:
- المتابعة بغرض التخلص من الفقر.
- الاستغفار لنيل الأموال والبنين.
- ترديد بعض الأذكار لحفظ الله-عز وجل- من الأذى.
- أداء صلاة الفجر في جماعة لحفظ الله-عز وجل- ورعايته.
- تيسير الأمور للمعسرين لييسر الله-عز وجل- عليهم في الدنيا.
- الإكثار من الصلاة على النبي-صلى الله عليه وسلم- للتخلص من الهموم.
- أداء الزكاة لزيادة المال وتطوره.
- زيادة الطاعات لحفظ الذرية من بعده.
- نية الشفاء من المرض.
وتشير تلك النصوص الشرعية إلى أنه بإمكان الإنسان العمل على أداء الطاعات والعبادات بنية الحصول على الأثر الدنيوي، مع المحافظة على النية الرئيسية في إرضاء الله-عز وجل- وطمعًا في ثواب الآخرة.
إن الله-عز وجل- لم يشرع هذه الثمرات الدنيوية إلا لتحفيز الناس عليها، شرط أن تكون نية الحصول على وجه الله-عز وجل- هي الدافع الأساسي وراء القيام بالطاعة أو العبادة، ومن ثم فإنها تكون تبعًا للنية.