خطبة موجزة تتناول فضائل بر الوالدين

يعتبر الإسلام دينًا شاملًا ينظم شتى جوانب الحياة، حيث يدعونا إلى حياة كريمة تسعدنا وتكون مرضية لله. فالدين الإسلامي لا يقتصر على العبادات فحسب، بل يهتم أيضًا بأدق تفاصيل حياتنا اليومية.

ومن الأمور المحورية التي حثنا عليها الإسلام هي بر الوالدين، مما يجعل هذا الموضوع من الأمور المهمة التي ينبغي تناولها في الخطب لرفع مستوى الوعي بضرورته. في هذا المقال، نقدم لكم خطبة قصيرة تتناول موضوع بر الوالدين.

مقدمة خطبة قصيرة عن بر الوالدين

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على رسول الله، نبينا الذي بعث رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد: أيها المؤمنون إن للوالدين مكانة رفيعة في ديننا الحنيف، حيث أوصانا الله تعالى ببرهما كثيرًا، فالإسلام دين الرحمة والإحسان.

من أبرز مبادئ الإسلام هو بناء أسر مستقرة، حيث تعتبر الأسرة نواة المجتمع الإسلامي. لذلك، يجب أن تكون هناك أسس تربوية تنشئ أبناءً صالحين يتمتعون بتربية إسلامية سليمة. وفي الوقت نفسه، يجب أن تكون هناك أسس تحكم معاملة الأبناء لآبائهم، إذ حثنا الإسلام على بر الوالدين وحذر من عقوقهم، نظرًا لمكانتهم العظيمة في الدين.

خطبة قصيرة عن بر الوالدين
(مكانة الوالدين في الإسلام)

قبل أن نتناول بر الوالدين، علينا أولاً تسليط الضوء على مكانة الوالدين في الإسلام وكم أوصانا ديننا الحنيف بهما:

  • في سورة الإسراء (23-24): قال الله تعالى: ﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا﴾.
    • يظهر في هذه الآية أهمية الإحسان إلى الوالدين بعد عبادة الله، وهو ما يؤكد المكانة الرفيعة للوالدين في الإسلام.
  • في سورة لقمان (14): قال تعالى: ﴿وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنْ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ﴾.
    • تشدد هذه الآية على أهمية التوصية بالوالدين وضرورة شكرهما، مما يعكس مكانتهما العالية.
  • وفي سورة النساء (36): قال تعالى: ﴿وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا﴾.
    • تؤكد هذه الآية أيضًا على مكانة الوالدين بعد عبادة الله وحده.

الأحاديث النبوية حول بر الوالدين

هناك العديد من الأحاديث النبوية الشريفة التي تسلط الضوء على أهمية طاعة الوالدين والثواب الكبير الذي يناله الأبناء من خلال برهما. إليكم بعض هذه الأحاديث التي يمكن تناولها في خطبة قصيرة بهذا الخصوص:

  • قال رجل للنبي محمد -صلى الله عليه وسلم-: من أحق الناس بحسن صحابتي؟ فأجاب: “أمك”. فسأله: ثم من؟ فقال: “أمك”. فسأله مرة أخرى: ثم من؟ فقال: “أمك”. ثم سأله: ثم من؟ فقال: “ثم أبوك”.
    [رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة].
  • عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (رغم أنفه، ثم رغم أنفه، ثم رغم أنفه، قيل: من يا رسول الله؟ قال: من أدرك والديه عند الكبر، أحدهما أو كليهما، ثم لم يدخل الجنة) رواه مسلم.
  • وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: (سألت النبي صلى الله عليه وسلم أيُّ العملِ أحبُّ إلى الله؟ قال: الصلاة على وقتها، قلت: ثم أيّ؟ قال: بر الوالدين، قلت: ثم أيّ؟ قال: الجهاد في سبيل الله) رواه البخاري.

الإسلام وحسن معاملة الوالدين

إن بر الوالدين والإحسان إليهما من القيم التي تم التأكيد عليها في العديد من الآيات والأحاديث النبوية.

ومن المهم أن نتذكر أن هناك أمورًا عديدة يشير إليها الإسلام بشكل غير مباشر، ويمكن للعلماء إيضاح حكمها الشرعي من النصوص المتعلقة بها.

كما أن بر الوالدين في القرآن والأحاديث يدل على مدى أهمية برهم والثواب الجليل الذي يناله البر.

لقد أوصانا الإسلام بر الوالدين والرفق بهما، حتى وإن كانا على غير دين الإسلام، حيث يتوجب الدعاء لهما بالهداية، ودعوتهما إلى الإسلام بكل لين ورحابة صدر، فالإسلام دين رحمة.

حسن معاملة الوالدين

بعد التأكيد على أهمية بر الوالدين، يجب أن نوضح كيفية المعاملة الصحيحة معهما وما ينبغي علينا القيام به:

  • طاعة الوالدين: تعتبر طاعة الوالدين من الأمور الجوهرية التي يجب أن نلتزم بها.
    • لكن يجب التفريق بين الطاعة العمياء والطاعة المباحة. فما نقصده هنا هو الالتزام بأوامرهم في الأمور التي لا تخالف شريعة الله.
  • حسن معاملتهما: ينبغي علينا تقديم الإحسان لهما ومساعدتهما قدر المستطاع.
    • يجب أن نتعامل برحمة مع والدينا، وأن لا نتأخر في تقديم ما يحتاجونه.
    • إذا كان لديك قدرة مالية، فلا تبخل عليهم.
    • ابذل ما يمكنك من جهد لتخفيف العبء عنهما.
  • بر الوالدين: من الأخطاء الشائعة التي يقع فيها البعض ترك والديهم تحت مبررات مشاغل الحياة. فلتعلم أنه كلما فعلت خيرًا، زاد بركة وقتك.
    • لا تتأخر عن زيارة والديك وتبادل الحديث معه يوميًا، فهم يمتلكون شغفًا لرؤيتك.
    • تذكر أنهم قضوا حياتهم لضمان رفاهيتك، فلا تبخل عليهم بوقتك.
  • مراعاة آداب الحديث: يجب الانتباه لكيفية التحدث مع الوالدين، فالكثير من الأبناء يفتقرون لآداب الحديث.
    • يجب عليك الالتزام بحدود السلوك عند الحديث معهم وعدم رفع الصوت أو التطاول عليهم بالكلام.
    • كون رفيقًا، وأنصت لهم بكل احترام، وتحدث معهم بلطف وأدب.

خاتمة
خطبة قصيرة عن بر الوالدين

أيها المؤمنون، إن طاعة الوالدين تعد من العبادات العظيمة التي ذُكرت في العديد من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية، فلنتذكرها ونستفد منها.

وبهذا نختتم خطبتنا اليوم، ونسأل الله أن يهدينا جميعًا ويقبل منا أعمالنا الصالحة، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، النبي الأمي، الذي بعث رحمة للعالمين.

Scroll to Top