حديث جبريل حول أركان الإيمان
زار جبريل النبي -صلّى الله عليه وسلّم- واستفسر منه عن مواضيع الإسلام والإيمان لأغراض تعليمية. وفي حديثه عن الإيمان، أوضح النبي -صلّى الله عليه وسلّم- بأن الإيمان يتضمن: (تصديق الله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والإيمان بالقضاء والقدر خيره وشره).
يوضح هذا الحديث أهمية الإيمان بمختلف جوانبه وأركانه، ونشير إلى أن التصديق الجيد والإيمان الصادق يعتبران من أفضل الأعمال التي يمكن أن يقوم بها المسلم. وفيما يلي شرح مفصل لهذا الحديث:
تعريف الإيمان
يمكن تعريف الإيمان بأنه التصديق الراسخ في القلب بأمور محددة، وهي الإيمان بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والإيمان بالقضاء بكل ما فيه من خير وشَر، وهو ما أكده الحديث السابق.
الإيمان بالله
الإيمان بالله يتجلى في التصديق القوي بوجوده -تعالى-، واعتقاد كمال صفاته ونزاهته عن كل نقص، حيث يتوجب على المسلم أن يثق في قلبه بعظمته ويظهر ذلك في أفعاله وسلوكياته، من خلال طاعته وامتثاله لأوامره وابتعاده عن نواهيه. يعد هذا الأمر أساسًا في العقيدة، فالإيمان بوجود الله -تعالى- والتصديق بذلك بشكل فعال هو حجر الزاوية، ويستطيع الإنسان أن يستشعر وجود الله عبر فطرته وعقله، وإن لم يكن كذلك، فيمكنه معرفته من خلال الشرع والتجارب الحياتية. ويتطلب الإيمان بالله -تعالى- الاعتراف بأنواع التوحيد الثلاثة: توحيد الربوبية، وتوحيد الألوهية، وتوحيد الأسماء والصفات.
الإيمان بالملائكة
الملائكة هم مخلوقات مكرسة لعبادة الله -تعالى- وقد خلقهم من نور ليقوموا بطاعته. يتطلب الإيمان بالملائكة التصديق بوجودهم، سواء تم ذكرهم بأسمائهم أو لم يُذكَر، بالإضافة إلى تصديق الصفات التي وُصِفوا بها والقدرة التي منحها الله -تعالى- لهؤلاء الملائكة في تنفيذ أوامره والقيام بالأعمال الموكلة لهم.
الإيمان بالكتب السماوية
ينبغي الإيمان بالكتب السماوية من خلال الاعتقاد بأن الله -تعالى- أنزل كتبًا على رسله ليدلوا الناس على الطريق الصحيح. هذه الكتب تحوي كلام الله -تعالى- وهي الوسيلة التي يتم من خلالها توجيه البشر نحو الهداية.
يشمل الإيمان بالكتب السماوية التصديق بأن هذه الكتب نزلت من عند الله -تعالى-، والتعرف على الأسماء المعروفة لهذه الكتب مثل القرآن الكريم، والتوراة، والإنجيل، والاعتقاد بالأخبار الواردة فيها حال ثبوت صحتها.
الإيمان بالرسل
الإيمان بالرسل يتمثل في الاقتناع الجازم بأن الله -تعالى- قد بعث رسلًا في كل أمة للدعوة إلى الإيمان به ورفض الشرك. جميع هؤلاء الرسل هم صادقون في تبليغ الرسالة التي أوحى بها ربهم، ومنهم من تم ذكره في القرآن ومنهم من لم يُذكر. يُعد الرسول هو كل من أوحى إليه الله -تعالى- بتبليغ شرعه، وعدد هؤلاء الرسل لا يعلمه إلا الله -تعالى-.
الإيمان باليوم الآخر
يتعلق الإيمان باليوم الآخر بالتصديق بكل الأحداث التي أخبر بها الله -تعالى- في كتابه الكريم وبما جاء في أحاديث النبي -صلّى الله عليه وسلّم- حول أحداث ما بعد الموت، مثل فتنة القبر، والحشر، والبعث، والصراط، والشفاعة، والجنة، والنار.
وقد ربط الله -تعالى- بين الإيمان باليوم الآخر والإيمان في العديد من الآيات القرآنية، ويعكس الإيمان بهذا اليوم العديد من الفوائد التي تعود على الفرد بالنفع خلال عملية تهذيب النفس ورسم مسار الهداية.
الإيمان بالقضاء والقدر خيره وشره
الإيمان بالقضاء والقدر يأتي كأحد الأركان الأساسية الراسخة في الإيمان، ويتمثل في التصديق بأن كل ما يحدث في هذا الكون يتم وفق علم الله -تعالى- ومشيئته، وأنه حيثما كان الله هو القادر على كل شىء ولا يعجزه أي أمر.
أثر الإيمان على سلوك الأفراد والجماعات
للإيمان تأثير عميق على سلوك الأفراد في المجتمع، ومن ذلك ما يلي:
- الإيمان يمنح الفرد الرضا والقناعة
فهو يولد له شعوراً بالطمأنينة، خاصةً في مواجهة الشدائد، بل لا شيء يضفي الطمأنينة على النفس سوى الإيمان بالله -تعالى-.
- الإيمان ينمي الشجاعة والإقدام في الفرد
فهو يغرس فيه الإيمان بأن الأرزاق والآجال كلها بيد الله -تعالى-، مما يجعله يسلم أمره له.
- الإيمان يعزز من صلاح واستقامة الفرد
إذ يعلم بمراقبة الله -تعالى- له، مما يجعله يشعر بالوعي والحرص على أفعاله جميعها، وبالتالي سيحاسب عليها.