حوار بين شخصين حول موضوع الاحترام وأهميته. يُعرف الاحترام في المعاجم اللغوية بأنه ما يتطلبه آداب المجتمع من أفرادها من قواعد لياقة وحديث وغيرها. ومن المؤكد أن للاحترام أهمية كبيرة في مجتمعنا.
كما أن له آثاراً شخصية وعامة تؤثر على المجتمع ككل. وفي هذا السياق، سوف نلقي الضوء على مفهوم الاحترام بتفصيل أكبر.
نص حوار بين شخصين حول الاحترام
- كان هناك زميلان في العمل، قررا الذهاب سوياً إلى استراحة الغداء متأخرين، ليجلسا على نفس الطاولة في مقصف الشركة.
- قامت المسؤولة عن إعداد الطعام بتقديم آخر ما تبقى من قطع اللحم في طبق واحد، معتذرة عن نفاذ الكمية، وقررا مشاركة الوجبة معاً.
- كان أحدهما يُدعى سليم، وهو معروف بفظاظته، بينما الآخر كريم، الذي تميز بأخلاقه الرفيعة.
- بدأ الحوار عندما دعا كريم زميله سليم لاختيار أولاً من بين قطعتي اللحم المتبقيتين، التي تفاوتت في الحجم، حيث كانت إحداهما كبيرة والأخرى صغيرة.
شاهد أيضًا:
كريم: اختر أولاً قطعة اللحم التي تفضلها
تفاعل سليم بطريقة غريبة مع تهذيب كريم، حيث عرض على كريم أن يختار أولاً، وعاد كريم ليؤكد بأدب أنه يرغب في أن يختار زميله أولاً.
وكما توقع الجميع، اختار سليم القطعة الأكبر وابتسم كريم بلطف، بينما اختار قطعة لحم صغيرة.
- سليم: لماذا تبتسم؟ ما الذي يجعلك تمسخر هنا؟
- كريم: أشعر بسعادة لأننا نتناول الطعام معاً.
- سليم: هل تتظاهر بالمثالية؟ أخبرني أي قطعة كنت ستختار إذا كنت قد اخترت أولاً؟
- كريم قال بتهكم: قطعة اللحم الصغيرة بالطبع!
- سليم، بفجاجة: إذن هذا هو نتيجة تظاهرك بالكرم!
- كريم، مستغربًا: هل تقصد ذلك؟
- سليم: في النهاية، حصلت على ما كنت ستختاره على أي حال، لذا تناوَل طعامك بصمت!
- أنهى سليم النقاش وعاد لتناول طعامه دون أدب وغادر، تاركاً كريم مندهشاً من قلة احترام زميله دون سبب، مما جعله يقرر تجنب سليم إلى الأبد.
- وفي موقف آخر، تم تقديم عدة زبائن أمام طاولة المحاسب، في انتظار تسديد فواتيرهم، إذ جاء شخص جديد قاطعاً الصف، طالباً المحاسبة أولاً وسط تذمر الزبائن من قلة احترامه.
الاحترام في القرآن الكريم
- القرآن الكريم يعد كلام الله الذي يُعد أفضل مرجع لرشادتنا.
- ويحثنا على الاحترام المتبادل بيننا، ويجب علينا تجنب ما يتضمنه من نواهٍ حتى وإن لم نفهم الحكمة وراءها.
- قال الله تعالى: ((وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ)) (سورة فصلت: ٣٤-٣٥).
- يدلّ هذا على أن ما يصدر من حسنات أو سيئات لا يتساوى، وكل شيء سيتم الحساب عليه.
- قال الله عز وجل: ((إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى)) (سورة طه: ٢٠).
- في هذه الآية، يخاطب الله النبي موسى ويأمره بخلع نعليه احتراماً لقدسية المكان الذي يفتقر الكثيرون من احترامه.
- العديد من الآيات تحث على احترام الآخرين، مثل قوله تعالى: (وقولوا للناس حسناً) (البقرة: ٨٣).
- وقوله تعالى: (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ) (آل عمران: ١٥٩).
- وفي نصيحة الله لموسى وهارون بشأن فرعون: (فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى) (طه: ٤٤).
- فحتى فرعون، فكأن الله ينصح استخدام اللين في القول لهدايته.
شاهد أيضًا:
احترام الآخرين من خلال الرسول والصحابة والعلماء
- كان رسول الله صلى الله عليه وسلم نموذجاً يحتذى به في جميع الأخلاق، لقب بالصادق الأمين، حيث لم يعامل المشركين الذين آذوه إلا معاملة حسنة.
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق)، وفي رواية أخرى: (…صالح الأخلاق).
- يقول ابن القيم رحمه الله: (وأدب المرء عنوان سعادته وفلاحه، وقلة أدبه عنوان شقاوته وحرمانه).
- قال أنس رضي الله عنه: (ما أكرم شابٌ شيخاً لسنه إلا قيض الله له من يكرمه عند سنه) رواه الترمذي.
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: علينا احترام كبار السن، حيث أن كل حسنة نقدمها لشخص كبير ستعود علينا في كبرنا.
- روي عن يحيى بن سعيد المدني: من أهان ذا شيبة لم يمت حتى يبعث الله عليه من يهين شيبته.
- كما كان الرسول يُفضل دعوة الآخرين بأسمائهم المحببة إليهم، وعدم مناداتهم بأسماء تحقيرية.
احترام رسول الله والصحابة والعلماء
- روى أنس رضي الله عنه أن الرسول صلى الله عليه وسلم عندما يصافح شخصاً لا ينزع يده حتى ينزع الشخص الآخر يده.
- وإذا استقبل شخصاً بوجهه، لم يصرفه عنه، بل يتركه يتحدث حتى ينصرف بتلقاء نفسه.
- روي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنه: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغزو في رمضان، فمنهم الصائم ومنهم المفطر، ولا يعاب المفطر على الصائم ولا الصائم على المفطر).
- وهذا يُظهر الاحترام المتبادل بين الصحابة رغم اختلافاتهم.
شاهد أيضًا:
احترام الآخرين يزيد من احترام الذات ويفيد المجتمع
- احترام الذات يتطلب الثقة في النفس والشعور بمحبة الآخرين، ولا يمكن تحقيق ذلك إذا كنت تسيء معاملة الآخرين.
- ويُعتبر احترامك للآخرين سبباً في توسيع معارفك.
- كما يُعزز هذا الشعور تقديرك الذاتي وصحتك النفسية، على عكس الأشخاص الفظين الذين يُنبوذهم الآخرون.
- من الأهمية بمكان أن تبقى قيم المجتمع قائمة على الاحترام، وأن يشمل ذلك احترام الآخرين، وأطفالك، وأسرتك، ووالديك، مما يجعل المجتمع مكاناً أفضل.
- احترام الآخرين هو كذلك دليل على احترامك لله وطاعته.
- إذا واجهت عدم الاحترام، ينبغي عليك أن ترد بالاحترام، كما فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي كان يُقابل الإساءة بالإحسان.
- يساعدك احترام الآخرين على تعزيز ثقتك بنفسك وكسب حبهم، مما يجعل حياتك أكثر سعادة.
- لكن يجب أن يكون احترامُك للآخرين نابعا من قلبك دون تملق להם.