الحديث النبوي الشريف
تُعتبر الأحاديث النبوية من المصادر الأساسية للتشريع الإسلامي، إذ تشمل جميع الأقوال والأفعال والتقريرات والصفات الخُلقية أو الخَلقية التي صدرت عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم. وقد تم نقل هذه الأحاديث إلينا عبر ما يُعرف بالرواية، والتي تعتمد على نقلها بسند متصل بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم من خلال سلسلة من الرواة الثقات. وقد أولى علماء المسلمين اهتمامًا كبيرًا بعلم الحديث، وقاموا بتصنيف الأحاديث وفقًا لمستويات قوتها وصحتها أو ضعفها. في هذا المقال، سوف نتناول إحدى طرق نقل الحديث، وهي الحديث المتواتر، وسنستعرض مفهومه وأبرز الشروط المتعلقة به.
الحديث المتواتر
الحديث المتواتر هو إحدى أساليب نقل الحديث النبوي الشريف، حيث تشير كلمة “التواتر” في اللغة إلى التتابع والتعاقب. وبالتعريف الشرعي، يُعتبر الحديث متواترًا إذا رواه عدد كبير من الثقات من الرواة الذين يتمتعون بالأمانة والدقة، بحيث يستحيل أن يتفقوا على الكذب أو يتواطؤوا عليه.
يتطلب الحديث المتواتر أن يتم إسناده عن عدد كبير من الرواة، ولتوضيح هذا المفهوم، فقد قام علماء الحديث بتقسيم تاريخ الرواة إلى طبقات. وبالتالي، فإن لكل سند من الأسانيد طبقة من الرواة، ويكون الحديث المتواتر هو الرواية المتكررة من عدد كبير من الرواة في كل طبقة. وقد اختلف العلماء حول العدد المطلوب من الرواة ليكون الحديث متواترًا، حيث يعتبر الحد الأدنى هو عشرة من الرواة الذين يتصفون بالأمانة والثقة، ويستحيل أن يتعاونوا على الكذب.
لكي يصنف الحديث على أنه متواتر، يجب أن يكون مرتبطًا بتجارب حسية للرواة، مثل السمع أو الرؤية. وبناءً على شروطه الدقيقة، يُعتبر الحديث المتواتر حديثًا يُمكن الاعتماد عليه بصورة قاطعة، لأنه يُعتبر صادقًا وصحيحًا ومقبولًا لدى جميع أهل العلم.
وفي ظل الشروط القوية للحديث المتواتر، نجد أنه أقل شيوعًا مقارنة بأحاديث الآحاد، التي تُروى عن شخص واحد، بعكس شروط الحديث المتواتر. ومن ضمن الأحاديث المتواترة، يمكن ذكر حديث “نضر الله امرأً”، وحديث “رفع اليدين في الصلاة” وغيرها من الأحاديث التي تُعتبر متواترة، وهي أقل شيوعًا من غيرها من أحاديث الآحاد.