الشروط الأساسية لبيعة العقبة الأولى
عرف ابن خلدون البيعة بأنها عهد يلتزم فيه الأفراد بالطاعة، حيث يلتزم المبايع بتسليم الأمر لأمير المؤمنين، حياته وأمور المسلمين، دون منازعة، وطاعته في كل ما يوجهه به، سواء في السراء أو الضراء.
تتعلق البيعة بموقع العقبة، الذي يقع في مكة بين مكة ومنى، على مسافة حوالي ميلين من منى، ويستخدم كمكان لرمي الجمار خلال فترة الحج. وقد شهدت العقبة بيعة الرسول محمد -صلى الله عليه وسلم- مع أصحابه في هذا المكان.
عدد البيعات عند العقبة
تشير الآراء السائدة لدى العلماء إلى أن عدد البيعات التي حدثت في العقبة هو اثنتين: البيعة الأولى والبيعة الثانية، وقد أضاف بعضهم وجود بيعة ثالثة، ولكن الرأي الصحيح هو أن عددها اثنتين فقط.
تفاصيل بيعة العقبة الأولى
في السنة الحادية عشرة من البعثة، التقى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بستة من سكان المدينة، جميعهم من قبيلة الخزرج، حيث دعاهم إلى الإسلام فأسلموا، وعادوا إلى قومهم لنشر الرسالة، مما أدى لزيادة عدد المسلمين في المدينة. وفي العام التالي، أي السنة الثانية عشرة من البعثة، لقي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- اثني عشر رجلًا من المسلمين في المدينة.
أسماء المبايعين هم:
- أسعد بن زرارة.
- عوف بن الحارث.
- معاذ بن الحارث.
- رافع بن مالك.
- ذكوان بن عبد قيس.
- عبادة بن الصامت.
- يزيد بن ثعلبة.
- العباس بن عبادة.
- عقبة بن عامر.
- قطبة بن عامر.
- أبو الهيثم بن التيهان.
- عيون بن ساعدة.
جميعهم من الخزرج باستثناء أبو الهيثم بن التيهان وعيون بن ساعدة.
الشروط الرئيسية لبيعة العقبة الأولى
أورد الإمام البخاري الشروط التي وضعت في البيعة من خلال حديث رواه عبادة بن الصامت، حيث قال: (بايعوني على أن لا تُشركوا بالله شيئًا، ولا تسيرقوا، ولا تزنوا، ولا تقتلوا أولادكم، ولا تأتوا ببهتان تفترونه بين أيديكم وأرجلكم، ولا تعصوا في معروف، فمن وفى منكم فأجره على الله، ومن أصاب من ذلك شيئًا فعوقب في الدنيا فهو كفارة له، ومن أصاب شيئًا ثم ستره الله فهو إلى الله، إن شاء عفى عنه وإن شاء عاقبه، فبايعنا على ذلك).
يمكن تلخيص الشروط الرئيسية لبيعة العقبة الأولى على النحو التالي:
- التأكيد على ترك الشرك وإقامة التوحيد لله تعالى.
- عدم السرقة، حيث يجب أن تكون الأموال التي يمتلكونها من كسب حلال.
- عدم ارتكاب الزنا.
- عدم القتل، خاصة فيما يتعلق بالأولاد.
- عدم ذكر البهتان أو الاتهام الزائف بينهم.
- عدم عصيان الله تعالى أو رسوله -صلى الله عليه وسلم- في الأمور المعروفة.
وقد أوضح الرسول -صلى الله عليه وسلم- للمبايعين أنهم سيواجهون أوضاع مختلفة فيما يتعلق بالشروط المذكورة. فهناك من سيفي بجميع الشروط، وجزاؤه سيكون دخول الجنة. وهناك من سيخالف البعض منها، وذلك ينطوي على حالتين: الأولى تُعاقب فيها المخالفة، والتي تعتبر كفارة له، والثانية أن يستر الله عليه، ويكون مصيره بيد الله -تعالى- إن شاء عذبه أو غفر له، وقد أسفرت البيعة عن ولاء الصحابة -رضوان الله عليهم- للرسول -صلى الله عليه وسلم- على هذه الشروط.