تعبير كتابي حول أهمية بر الوالدين للطلاب في المرحلة الثانوية

بر الوالدين: مظهر من مظاهر الرحمة

إذا كان من الممكن جمع كل النعم التي تنزل من السماء في ابتسامة واحدة، فلا شك أنها ستكون ابتسامة الوالدين. فهي ملاذ من شرور الأيام ومصدر للخير الذي يغمر الروح بالدفء منذ لحظات الطفولة وحتى مراحل الكهولة. إن البر بالوالدين يعد أحد أوجه الحياة المثمرة، ولا يُعقل أن تكون نفس لا ترد الإحسان بالإحسان، فكما تثمر شجرة اللوز بغزارة، يجب أن يثمر الخير في أفعالها أيضًا.

يتجلى الحنان في أرواح الأبناء من خلال الابتسامة التي يمنحها الوالدان، كما يسري الندى على الزهور، مما يجعل الحياة مزدهرة. يسير الابن في دروب بر والديه كما يسعى لتحصيل عمل نبيل، بحيث يخفف عنهما أعباء الزمن ويحول لحظات التعب إلى ضحكات دافئة. ومع مرور الوقت، تنفتح أمامه آفاق النجاح والازدهار، وتستقبل النجاحات والدعوات بركة تدل على رضا والديه.

يحب الوالدان أبناءهم، ويتوقّعان منهم البِر والتقدير، كما يُحب الله تعالى برهم لهما أيضًا. وقد جاء في القرآن الكريم تنبيه للإنسان على حاجة والديه له، حيث قال الله تعالى: {وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا}، حيث يتوجب على الإنسان أن يُظهر اللطف والطاعة كما يفعل الطائر عند خفض جناحيه. لا يوجد أجمل من صنيع المعروف للأب المحسن، أو للأم التي استنفدت كل جهدها من أجل إسعاد أبنائها. ويجب أن يكون أقل ما يمكن للابن أن يقدمه هو عطفه ورعايته لوالديه.

بر الوالدين: باب لا يغلق من الأجر

تتزايد البركات التي ينعم الله بها على من يبر والديه بشكل يفوق الوصف، فقد قرن الله بين التوحيد وبر الوالدين في قوله: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا}، ففي فضل الوالدين مكانة لا تُقارن، ولا تُفتح أبواب التوفيق للعاقين. وقد جاء في قول النبي صلى الله عليه وسلم أن الكبائر ثلاث منها العقوق، مما يعكس عظم العقوق وخطر التعامل بغير إحسان. كما أكد النبي أن من أفضل الأعمال بر الوالدين، الأمر الذي يظهر منزلتهما الرفيعة وأهمية كسب رضاهما.

يُظهر الحديث النبوي أهمية البركة في حياة البار بوالديه عندما قال صلى الله عليه وسلم: “لا يرد القضاء إلا الدعاء، ولا يزيد في العمر إلا البر”. وكأنما يبيّن لنا أن بر الوالدين هو ضوء ينير الحياة ويساهم في تعزيز العلاقات الاجتماعية الطيبة، فقال: “أبرّ البر أن يصل الرجل ودّ أبيه”. فعندما يلتزم الإنسان بالعناية بوالديه، سيجعل ذلك سبيلًا لزيادة رزقه وبلوغ مراتب عليا.

تستمر أبواب الأجر التي يفتحها الله أمام البار بوالديه، وتتوالى خيراته. من بين هذه الخيرات السابقة، نجد قبول الدعاء، فالله سبحانه وتعالى يجازي المتقين. وقد شُهد ذلك في قصة عمر بن الخطاب الذي بحث عن أويس القرني لكي يستغفر له، بعد أن سمع عن مكانته في القرب من الله.

الوالدان والأبناء: علاقة قائمة على الحب والعطاء

تدور الأيام وفق نظام حياة متكامل يُبقي الحب والعطاء مستمرًا بين الأبوين والأبناء، كما يسري الماء في عروق الزهرة. يعكس هذا الحب ما زرعه الوالدان في قلوب أبنائهم، مما يُنمي شخصياتهم ويشجعهم على تحقيق أهدافهم. يتوارث الأبناء الأمل والعزيمة من أفعال والديهم، واستمرارية هذا النظام تدعم مجتمعًا فاضلًا.

كلما توسعت دائرة العطاء بين أفراد الأسرة، كلما ازدهرت وارتقت، فالمودة واللطف أساس التواصل الناجح بين الأبناء والوالدين. التربية الصائبة تُسهم في تأسيس المجتمع الفاضل، مما يؤكد أهمية رد الجميل وتقدير الأفعال الفاضلة، باعتبارها مسؤولية مشتركة بين الأجيال. إذ إن اختلال العلاقات الأسرية قد ينعكس سلبًا على الأبناء والمجتمع بأسره.

يساهم الوالدان بتعليم دروس في العطاء من خلال حبهم ورعايتهم، وهو ما ينبغي أن يحفز الأبناء على رد الجميل وتعزيز روابط الحب. تستمر هذه الدروس طيلة فترة حياة الأبناء، حيث تبقى ذكراهم وعطاؤهم عالقين في قلوبهم.

بر الوالدين: سبيل للقرب من الله

لا يقتصر بر الوالدين على كونه عملًا نبيلًا، بل إنه من أسباب دخول الجنة لمن يحققه. ورد عن السيدة عائشة -رضي الله عنها- أنها رأت في الجنة حارثة بن النعمان، حيث عرضت مكانته كأبر البر بوالديه. يعيش البار كأنه في حصن، حيث تتعدى بركته جميع صعوبات الحياة.

فقد سمع عبد الله بن عمر النبي صلى الله عليه وسلم يروي قصة ثلاثة رجال محصورين في غار، حيث دَعَوَا الله بأعمالهم الصالحة لتخفيف محنتهم. وعندما دعا أحدهم ببره لوالديه، استجاب الله له وأزاح الصخرة عنهم. وفي هذا دلالة واضحة على أهمية الأعمال الصالحة وثمارها في حياة المؤمن.

للاستزادة، يمكنك قراءة المزيد هنا: [تعبير بر الوالدين].

Scroll to Top