موقع مدينة القدس
تُعدّ مدينة القدس، عاصمة فلسطين، من المدن التاريخية الهامة، حيث تقع على خط عرض 31.52 شمالاً وخط طول 35.13 شرقاً من خط غرينتش، بارتفاع يصل إلى نحو 892 متراً فوق مستوى سطح البحر. تقع المدينة على بُعد 52 كيلومتراً من البحر الأبيض المتوسط، وتم تشييدها على أربعة جبال رئيسية، وهي: جبل موريا، المعروف أيضًا بجبل المختار، الذي بُنيت عليه قبة الصخرة والمسجد الأقصى، وجبل صهيون المعروف بجبل النبي داود، وجبل أكرا الذي أُسست عليه قلعة أكرا في العهد السلجوقي، وجبل زيتا الذي يمتد بين باب الساهرة وباب العامود.
تسمية مدينة القدس
تُشير كلمة “القدس” في اللغة العربية إلى تنزيه الله، وكانت تُستخدم أيضًا للدلالة على التبريك والطهارة والتقديس. وقد عُرفت القدس عبر التاريخ بعدة أسماء؛ فقد أطلق عليها الاسم “يبوس” نسبةً لإحدى القبائل العربية المنقرضة، اليبوسيّين. وفي عام 1049 قبل الميلاد، تَسمّت بـ”مدينة داود” نسبةً إلى النبي داود عليه السلام. وفي عام 559 قبل الميلاد، أُعيدت تسميتها باسم “أورسالم” خلال فترة البابليين. بعد احتلالها على يد الإسكندر الأكبر عام 332 قبل الميلاد، عُرفت بـ”يروشاليم”. وفي عام 70 ميلادي، أُطلقت عليها تسمية “هيروساليما”. ثم دخلها المسلمون وأطلقوا عليها اسم “بيت المقدس”، بينما أُطلق عليها في العصر العثماني اسم “القدس الشريف”، وهو الاسم الذي يُستخدم حتى الآن.
تاريخ مدينة القدس
تأسست القدس على يد اليبوسيّين في عام 3000 قبل الميلاد، وكانوا إحدى القبائل الكنعانية، واستمر حكمهم للمدينة حتى عام 1675 قبل الميلاد، مُستمرين على مدى 1325 عاماً. بعد ذلك، سيطر الهكسوس لمدة 164 عامًا ثم الفراعنة لمدة 200 عام، حتى دخل النبي داود عليه السلام فلسطين عام 1004 قبل الميلاد وأسس مملكته العادلة. تولى النبي سليمان عليه السلام العرش بعده حتى توفي عام 923 قبل الميلاد، وبعد وفاته انقسمت الممالك إلى إسرائيل في الشمال، التي سقطت لاحقًا على يد الآشوريين، ومملكة يهوذا في الجنوب، التي حكمت القدس لمدة 337 عامًا قبل أن تسقط عام 586 قبل الميلاد على يد البابليين. تتابعت على المدينة الفترات المحتلة من الفرس (184 عامًا)، واليونان (188 عامًا)، والمكابيين (117 عامًا)، والرومان (135 عامًا).
مع حكم الرومان، أصبحت المسيحية الديانة الرئيسية، حيث بُنيت كنيسة القيامة برعاية الإمبراطورة هيلانة، والدة الإمبراطور قسطنطين. ثم دخلت المدينة تحت الحكم البيزنطي بعد انقسام الإمبراطورية الرومانية. في عام 619 ميلادي، حدثت حادثة الإسراء والمعراج حيث أُسري بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، ثم إلى السماوات العليا. بعد ذلك، فتح عمر بن الخطاب المدينة عام 636 ميلادي، لتدخل ضمن الحكم الإسلامي. ومع ذلك، تعرضت القدس للاحتلال الصليبي عام 1099 ميلادي، واستمر هذا الاحتلال 88 عامًا حتى استعادها المسلمون بقيادة صلاح الدين الأيوبي. واستمرت المدينة تحت الحكم الإسلامي حتى عام 1967، حيث خضعت للاحتلال الصهيوني.
سكان مدينة القدس
بحسب الإحصاءات، بلغ عدد السكان الفلسطينيين في القدس الشرقية عام 1967 حوالي 70 ألف نسمة، يعيشون في 12 ألف وحدة سكنية. وفي عام 2005، ارتفع العدد إلى حوالي 232 ألف نسمة في 27 ألف وحدة سكنية، بالإضافة إلى 30 ألف مقدسي خارج البلاد لم يتم الإحصاء منهم، وحوالي 5 آلاف آخرين تم تسجيلهم كأشخاص يحملون جنسيات أخرى أو غابوا عن المدينة لأكثر من سبع سنوات. تُعتبر القدس واحدة من أكبر المدن الفلسطينية من حيث عدد السكان، حيث يمثل السكان فيها حوالي 10% من إجمالي سكان فلسطين في عام 1985. وفقًا للإحصاءات الرسمية، زاد عدد الفلسطينيين في القدس بنسبة 35% من عام 1800 حتى 1985، بمعنى أنهم تضاعفوا حوالي ثلاث مرات، بينما زاد عدد اليهود خلال نفس الفترة بنسبة 86%، مما يعني أنهم تضاعفوا حوالي تسع مرات. وبلغت الكثافة السكانية في القدس عام 1983 نحو 3958 شخصًا لكل كيلومتر مربع.
سور القدس وأبوابها
تم إنشاء سور القدس في العهد الكنعاني، لكن تعرض للأضرار نتيجة الحروب والغزوات، وآخرها كان الغزو الذي قاده الملك عيسى الأيوبي الذي سعى لتدميره خوفًا من استعماله كملاذ للجيش الصليبي. أول من أمر بإعادة إعمار السور هو السلطان العثماني سليمان القانوني الذي خصص عائدات الضرائب من فلسطين لأعمال إعادة البناء لمدة خمس سنوات. يبلغ محيط السور حوالي 4 كيلومترات، وطوله من الشمال 1197 مترًا، ومن الجنوب 989 مترًا، ومن الشرق 839 مترًا، ومن الغرب 635 مترًا. يحتوي السور على 11 بابًا، منها 4 أبواب مغلقة و7 أبواب مفتوحة، وهي كالتالي:
- الأبواب المفتوحة:
- باب العامود: يقع في منتصف الجانب الشمالي للسور، وقد تم بناؤه في عهد السلطان سليمان القانوني.
- باب الساهرة: في الجهة الشمالية للسور، يفصل بينه وبين باب العامود مسافة 0.5 كيلومتر.
- باب الأسباط: في الحائط الشرقي، ويتميز بتمثالي أسدين عند مدخله.
- باب المغاربة: يُعتبر أصغر أبواب القدس ويقع في الجهة الجنوبية للسور.
- باب النبي داود: باب كبير ومعروف أيضًا بباب صهيون.
- باب الخليل: في الحائط الغربي ويُعرف أيضا بباب يافا.
- باب الحديد: يقع في الجزء الشمالي من السور، على بُعد 1 كيلومتر غرب باب العامود.
- الأبواب المغلقة:
- الباب الذهبي: يقع في الجهة الشرقية من السور، بالقرب من باب الأسباط، ويعود تاريخه إلى العصر الأموي.
- الباب الوحيد: يقع في الجهة الجنوبية من السور، بُني في عهد الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان.
- الباب الثلاثي: في الجهة الجنوبية من السور، يتكون من ثلاثة أبواب تحت قوس.
- الباب المزدوج: في الجهة الجنوبية من السور، يتألف من بابين يعلوهما قوس.