إن دعاء سيدنا موسى ليس دعاءً واحدًا فحسب، بل يتضمن العديد من الأدعية التي وردت في قصة النبي موسى كما جاء في القرآن الكريم، حيث طلب فيها العون والفرج من الله سبحانه وتعالى.
لذا، يُنصح كل من يشعر بالهم أو الخوف أو الحزن بأن يتلو هذا الدعاء، بإذن الله سيجد الفرج وتهدأ نفسه، حيث سيوفر الله له العديد من السبل للتخفيف من مشقات الحياة.
من أدعية سيدنا موسى عليه السلام
تمثل قصة سيدنا موسى عليه السلام واحدة من أكثر القصص تكرارًا في القرآن الكريم، وقد اتخذت أشكالًا مختلفة في سردها عبر العديد من السور. لطالما كانت دعوات سيدنا موسى محور اهتمام العلماء والمفسرين، وإليكم بعضًا من أبرزها:
دعاؤه في تيسير الأمور
- أحد أبرز أدعية سيدنا موسى هو: (ربِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي. وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي. وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي. يَفْقَهُوا قَوْلِي. رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي، رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ).
- وهناك دعاء آخر كان يقوله بينما كان يجلس تحت شجرة، حيث قال: (يا رب، أنا فقير، بلا أهل، بلا مأوى، ليس لي أحد، عدت فقيرًا).
- يعكس هذا الدعاء أسلوب سيدنا موسى في مواجهة تقلبات الأقدار، فقد كان في السابق يعيش في قصر الفرعون، لكنه الآن يجلس تحت شجرة في الصحراء أمام بئر.
- حين شعر بالحاجة إلى الدعم، لم يتردد في اللجوء إلى الله عز وجل، معبرًا عن ضعفه وذله.
دعاؤه بالمغفرة والرحمة
- (رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي).
- (رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِأَخِي وَأَدْخِلْنَا فِي رَحْمَتِكَ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ).
- (إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَنْ تَشَاءُ وَتَهْدِي مَنْ تَشَاءُ، أَنْتَ وَلِيُّنَا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الْغَافِرِينَ، وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ).
دعاؤه لرؤية الله والتوبة إليه
عندما أراد النبي موسى عليه السلام أن يرى ربه، قال: (رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ). فأجابه الله: (قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي). فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا. فدعا موسى عليه السلام وقال: سبحانك تبت إليك وأنا أول المؤمنين.
دعاؤه على قومه الظالمين
- (رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالًا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَن سَبِيلِكَ، رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَىٰ أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّىٰ يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ).
- كما لجأ النبي موسى إلى الله للنجاة من فرعون وكل متكبر إذ قال: (إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ مِنْ كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لَا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسَابِ).
من دعائه لنفسه
- (رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِّلْمُجْرِمِينَ).
- (رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ).
- (رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ).
إن دعاء سيدنا موسى يعد من أروع الأدعية في القرآن الكريم، حيث يكشف عن ضعف العبد وعظمة الخالق سبحانه وتعالى. لنستعرض معنى هذا الدعاء بمزيد من التفاصيل:
- ورد دعاء سيدنا موسى الهام في سورة القصص، تحديدًا في الآية الرابعة والعشرين، حيث قال: (فَقَالَ رَبٍّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْت إِلَيَّ مِنْ خَيْر فَقِير).
- في هذا الدعاء، يستدعي سيدنا موسى ربه بالقول: يا رب، أنت المدبر لكل ما هو خير، وأنا في حاجة إليك دون سواك.
- يلقي الدعاء الضوء على حاجة سيدنا موسى الماسة إلى دعم الله، رغم افتقاره للطعام في تلك اللحظة، إلا أنه لم يفقد الأمل في رحمة الله.
- كما يبرز الدعاء أن الخروج الوحيد لكل محتاج هو باب الله سبحانه وتعالى، الذي هو الوهاب الرحيم.
قصة دعاء سيدنا موسى
يحمل دعاء سيدنا موسى عليه السلام معنى عميقًا. تناولت تفسيرات عدة هذا الدعاء بالتفصيل، وأبرز من فسر ذلك هو ابن عباس رضي الله عنه، وفيما يلي أهم الملاحظات:
- وفقًا لما رواه ابن عباس رضي الله عنه: عندما هرب سيدنا موسى من فرعون عانى من جوع شديد، إلى حد أن أمعاءه كانت تُرى من شدة الجوع، وعندما قام بسقيا الفتاتين وأوى إلى الظل، قال: (رَبّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْت إِلَيَّ مِنْ خَيْر فَقِير).
- يعكس هذا الدعاء الحالة الحرجة التي كان بها سيدنا موسى؛ فقد كان في أقصى درجات الفقر.
- على الرغم من المصاعب، فقد ظل موسى دائم الثناء على الله ولم يسأله سوى الخير، سواءً كان ماديًا أو معنويًا.
دعاء سيدنا موسى لتحقيق الأمنيات
- يظهر دعاء سيدنا موسى أهمية الدعاء كمظهر من مظاهر العبادة، حيث يلجأ العبد الضعيف إلى الله بخضوعه وذله، تمامًا كما فعل موسى.
- بفضل الدعاء، منح الله سيدنا موسى وأخاه هارون القوة اللازمة لمواجهة السحرة وفرعون.
- يتضح من هنا أن الدعاء يمكن أن يغير القدر؛ فالشخص الضعيف يصبح قويًا، والفقير يصبح غنيًا، والذليل يصبح عزيزًا.
- لذا، يمكننا أن نستمد من سيرة سيدنا موسى دعاءً عظيمًا مثل: (يا رب يا غني من للفقير سواك، يا رب يا قوي من للضعيف سواك، يا رب عزيز يا جبار من للذليل سواك).
- يتجلى أهمية الدعاء أيضًا في قول أحد العلماء إن الدعاء هو باب مفتوح إلى الله، وهذا الباب لن تجدوه مغلقًا، لكن عندما تلجأون إليه بتواضع، ستجدون الاستجابة منه.
- تشير هذه القصة البسيطة إلى أن أقرب الطرق إلى الله هو عبر باب الضعف والذل، لذا لا عجب أن يؤدي دعاء صغير بصدق إلى تغيير جذري في حياتنا.
- يمنح هذا الدعاء العبد الكثير من الأبواب المغلقة بعد أن قاله سيدنا موسى في حالة ضعفه وذله، مما غير مجرى حياته ليصبح هو الأقوى بدلاً من فرعون.
- كما جعل الله سيدنا موسى كليم الله، لأنه كان أكثر عباده ذلاً وخضوعًا، فأعطاه مكانة عالية.
من أدعية قوم سيدنا موسى المؤمنين
- عندما آمن بعض بني إسرائيل بموسى عليه السلام بعد معجزة العصا، بلغهم دعاؤهم: (قَالُوا إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنْقَلِبُونَ وَمَا تَنْقِمُ مِنَّا إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِآيَاتِ رَبِّنَا لَمَّا جَاءَتْنَا. رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ).
- كان النبي موسى يعمل على طمأنة قلوبهم بقوله: (عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ). فتدعو الجماعة قائلين: (إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنْقَلِبُونَ، إِنَّا نَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لَنَا رَبُّنَا خَطَايَانَا أَنْ كُنَّا أَوَّلَ الْمُؤْمِنِينَ).
- عندما لجأوا لعبادة غير الله، طلبوا المغفرة، فقالوا: (وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَى مِنْ بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ. أَلَمْ يَرَوْا أَنَّهُ لَا يُكَلِّمُهُم وَلَا يَهْدِيهِمْ سَبِيلًا. اتَّخَذُوهُ وَكَانُوا ظَالِمِينَ، وَلَمَّا سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ وَرَأَوْا أَنَّهُمْ قَدْ ضَلُّوا، قَالُوا لَئِنْ لَمْ يَرْحَمْنَا رَبُّنَا وَيَغْفِرْ لَنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ).