تاريخ الدولة الرستمية: فترة حكم الدولة الرستمية وتطوراتها

الدولة الرستمية

تعتبر الدولة الرستمية واحدة من الدويلات التاريخية التي حكمت مناطق من الجزائر في العصور القديمة. وقد استمرت فترة حكمها من 761 إلى 909 ميلادي، حيث أسسها أتباع الفرع الإباضي للخوارج. ظهر تأسيس هذه الدولة كنوع من المعارضة للسلالة العباسية احتجاجاً على توجهاتها الشرقية. كان حكام الدولة الرستمية من نسل عبد الرحمن بن رستم، الذي كان من أصول فارسية. عُرفت المملكة بتسامحها الديني وتعزيزها للعلمانية، كما أنها رفضت التزمت الديني الذي دعا إليه الخوارج. بالإضافة إلى ذلك، تألقت في مجال التجارة عبر الصحراء. ومن المثير للاهتمام أن العاصمة كانت تُعرف بتاهارت، لكنها سقطت بيد الفاطميين في عام 909 ميلادي.

نشأة الدولة الرستمية وتاريخها

بدأ عبد الرحمن بن رستم بالتوجه لنصرة أبي الخطاب ضد الأغالبة. لكن عقب تلقيه خبر مقتل أبي الخطاب، غيّر هدفه واتجه نحو المغرب. يذكر محمد بن زينهم محمد عزب في كتابه (قيام وتطور الدولة الرستمية) أن عبد الرحمن كان مؤمناً بأن نجاح الدعوة الإباضية في إنشاء دولتها يتطلب بيئة تفتقر إلى هيمنة المذهب السني ودعم الجيوش للخلافة العباسية. بناءً على ذلك، قرر مع أنصاره التوجه إلى مدينة تيهرت في المغرب الأوسط (الجزائر) لتأسيس دولته. وتشير المصادر التاريخية إلى أن تأسيس الدولة الرستمية تم بعد هروب عبد الرحمن بن رستم من القيروان إلى تيهرت، التي كانت آنذاك معقلاً للإباضية.

عند وصوله إلى تيهرت في 776 ميلادي، وتناقل خبر وصوله، اجتمع مع وجهاء وعلماء ورؤساء الإباضية، حيث أفضى الاجتماع إلى مبايعته. كان رؤساء الإباضية يرغبون في وجود إمام بلا قبيلة تحميه مما يسهل خلعهم له. يعود أصل عبد الرحمن بن رستم إلى بهرام بن ذي شرار بن سابور بن باباكان، الملك الفارسي. بهذا، تم تأسيس عاصمة دولتهم “تاهارت” في عام 779 ميلادي على منحدر بسيط في منطقة غنية بالمياه. تولى عبد الرحمن الحكم، متبعاً سياسة خارجية سلمية مع جيرانه، مما جعل تاهارت مدينة غنية وقوية حتى سقوطها على يد الفاطميين.

علاقة الرستميين بالدولة الأموية في الأندلس

كانت العلاقة بين الرستميين والأمويين في الأندلس قائمة على الصداقة والمودة. تعود جذور هذه العلاقة إلى عبد الرحمن بن معاوية بن هشام بن عبد الملك، مؤسس الدولة الأموية في الأندلس، عندما لجأ إلى المغرب الأوسط هاربًا من العباسيين. وجد الأمان بين بني رستم الذين قدموا له الدعم والحماية من المخاطر التي كان يواجهها. نتيجة هذه المعاملة الحسنة، نشأت أواصر تآلف بين أمراء بني أمية في قرطبة والأئمة الرستميين في تاهارت.

نسبة الإباضية إلى الخوارج

يُشار إلى الإباضية كأحد فروع الخوارج، لكنهم ينفون هذه النسبة ويعبرون عن استيائهم عند وصفهم بالخوارج. يؤكدون على هويتهم كإباضيين، تماماً مثل الشافعية والحنفية والمالكية. وينسبون موقفهم إلى رفضهم لشرط القرشية، أي القبول بكون الإمام من نسل القرشيين.

Scroll to Top