تعريف الشعر في العصر الجاهلي وميزاته الأساسية

الشعر الجاهلي

تعني كلمة “شعر” في اللغة الكلام المنظوم والمقفى بقصد، ومن منظور المعاني يمكن تعريفه بأنه قول مؤلف من عناصر خيالية، يظهر فيه الترغيب أو التنفير. أما الشعر المنثور، فهو يشمل العبارات الجذابة والمسجَّعة، ويتبع قواعد الشعر من حيث التأثير والتخييل، لكنه يتميز بعدم التزامه بالوزن. كما يُمكن تعريف الشعر على أنه الكلام البليغ المبني على الأوصاف والاستعارات، يُكتب وفق أجزاء مفصلة ومتوافقة في الوزن والروي، حيث يكون كل جزء مستقلاً عن الآخر في الهدف والمضمون الذي يسير وفق أساليب أهل العرب.

يمكن تعريف الشعر الجاهلي بأنه تصوير مزين بالشواهد لحياة الجاهلية وأفكارها، حيث قدم العرب من خلاله صورة واقعية دون تجميل أو تشويه. ظهر الشعر الجاهلي قبل الإسلام بنحو 150 سنة، وقد وثق حياة العرب القديمة وعاداتهم ومعاركهم، ووصف طبيعة الحياة في البيئة الجاهلية بما تحتويه من صخور وحيوانات، بالإضافة إلى ذكر أسماء فرسانهم وآبارهم وغيرها من الأحداث والمعلومات، كما شمل العديد من الشعراء البارزين ذوي البلاغة اللغوية. من أبرز هؤلاء الشعراء شعراء المعلقات مثل: امرؤ القيس، وعنترة العبسي، وزهير بن أبي سلمى، بالإضافة إلى العديد من دواوين الشعراء والشاعرات التي وصلت إلينا كاملة. يجدر بالذكر أن الشعر الجاهلي يعتبر سجلاً أساسياً لحياة العرب قبل الإسلام، وقد شكل مصدرًا موثوقًا للمعلومات، حيث اعتمد علماء اللغة على هذا الشعر لوضع قواعد النحو والتحقق من صحتها، واعتمد علماء الفقه ومفسرو القرآن على الشعر الجاهلي لبيان معاني الكلمات ودلالاتها في اللغة.

نشأ الشعر الجاهلي في بوادي نجد والحجاز والمناطق المحيطة بها في شمال الجزيرة العربية. كانت البادية تُعتبر مدرسة للشعراء النابغين مثل المهلهل وحاتم الطائي وطرفة بن العبد والنابغة والأعشى. ولم يُقتصر الأمر على قصيدة واحدة، حيث كتب معظم الشعراء أكثر من قصيدة، وتميز كل شاعر بقصائده الخاصة. وكانت رواية الشعر الجاهلي تتمثل في الأداة التي ساهمت في نشره، حيث تخصص الشعراء في هذه الوظيفة بحرفية، إذ كان الشاعر يعين رواية لنشر أشعاره.

خصائص الشعر الجاهلي

يمتاز الشعر الجاهلي بعدة مزايا وخصائص تميزه عن غيره من أنواع الشعر، وهذه الخصائص تشمل:

  • من الناحية المعنوية:
    • الطابع البدوي وصلة البيئة: يُعتبر الشعر الجاهلي مرآة لحياة البادية بكافة جوانبها، حيث صوّر المعالم الجغرافية والظواهر الكونية والنباتات، ووصف حيوانات البادية ونظام المجتمعات البدويّة من بيوت وقوافل، وهذا ساهم في تحديد أفق الشعر الجاهلي وفق البيئة، مما أدّى إلى تشابه الأفكار بين الشعراء وتكرار المصطلحات.
    • الواقعية والوضوح: استطاع الشعر الجاهلي تقديم صورة بسيطة وواضحة للبيئة، متناسبة مع الفطرة البدويّة، حيث تعكس هذه البساطة عقليّة هادئة ومستقرة.
    • الإيجاز: استند شعراء الشعر الجاهلي على تجنب الإطالة، حيث كانت طبيعة الحياة البدويّة سريعة ومتجددة.
    • البساطة في التفكير: تضمنت أشعارهم تراكيب ومعاني بسيطة بعيداً عن التعقيد.
    • الحياة والحركة: كان التصوير الشعري مفعماً بالحركة ومرتبطاً بالواقع.
    • الروح الجماعية: كانت الروح القبلية تظهر في مضامين أشعارهم، والتي غالباً ما تُعبّر عن الجماعة.
  • من الناحية الشكلية:
    • المحافظة على التقاليد الشعرية: التزم الشعراء بتقاليد معينة، مثل الوقوف على الأطلال والبكاء، حيث كان الشاعر يصف حاله بسبب فراق الحبيبة قبل الانتقال إلى الغرض الرئيسي للقصيدة.
    • العناية بالألفاظ والعبارات: أظهر الشعراء اهتمامًا كبيرًا بالألفاظ والأساليب التي تخدم معانيهم وتؤثر في الجمهور.
    • الوحدة: حقق الشعر الجاهلي التناسق الموسيقي في كل مقاطع القصيدة، مما يدل على المهارة اللغوية العالية للكتّاب في ذلك العصر.
    • صياغة المحسنات البديعية بأسلوب فطري: استخدم الشعراء الاستعارة والتشبيه بالصورة السليمة، مما أعطى أشعارهم رونقاً خاصاً.

أغراض الشعر الجاهلي

تعني أغراض الشعر الجاهلي الموضوعات التي نظم فيها الشعراء أشعارهم، ومن أبرز هذه الأغراض:

  • الفخر: حيث يعبر الشاعر عن اعتزازه بنفسه أو قبيلته.
  • المدح: تعبير عن الإعجاب بشخص في شجاعته أو كرامته.
  • الهجاء: الهدف منه النيل من شخص ما أو تحقيره.
  • الرثاء: إظهار الحزن والاسى لفراق شخص أو موقف.
  • الوصف: رسم صورة بديعة من الخيال لموقف أو شخص.
  • الغزل: يعبر الشاعر عن مكنونات قلبه تجاه النساء.
  • الحكمة: تأملات الشاعر في الكون وحياة الناس.
  • الاعتذار: استعطاف الشاعر لأمير أو شخص آخر.
Scroll to Top