تعريف المسرح التراجيدي
يُعرف المسرح التراجيدي (بالإنجليزية: tragic theater) بأنه نوع من الأعمال الدرامية أو الأدبية التي تتناول تساؤلات وجودية عميقة تتعلق بدور الإنسان في الكون. يقدم هذا النوع من المسرح الأحداث في سياق مأساوي، حيث يتحمل البطل الرئيسي معاناة وألمًا لأسباب متعددة، مثل عدم القدرة على التكيّف مع الظروف المحيطة، أو الضعف الأخلاقي، أو العيوب الشخصية.
من الجدير بالذكر أن المسرح التراجيدي يُركّز بشكل أساسي على المعاناة الإنسانية، ويهدف من خلال مناقشتها إلى تقليل الآثار النفسية السلبية على الجمهور. كما يشتمل المسرح التراجيدي على مواضيع إضافية مثل الكوميديا والرومانسية، وغالبًا ما تستند أحداثه إلى مصادر تاريخية أو أسطورية.
تاريخ المسرح التراجيدي
تعود جذور المسرح التراجيدي إلى اليونان، حيث تم تنظيم أولى المسرحيات ضمن مهرجان (مدينة ديونيزيا)، الذي اقتصر العرض فيه على الرجال، إذ لم تكن النساء مسموحًا لهن بالمشاركة في تلك الفعاليات في بدايته. يعتبر مسرح الساتير (الكوميديا التراجيدية) الأساس الذي نشأ عنه المسرح التراجيدي فيما بعد.
تم استخدام مصطلح “تراجيديا” (مأساة) لأول مرة في القرن الخامس قبل الميلاد للإشارة إلى نوع معين من المسرحيات المقدمة في المهرجانات اليونانية. ويشير التاريخ إلى أن الحكومات المحلية لعبت دورًا فعالًا في تطوير هذا الشكل من الفن، من خلال تقديم تذاكر مجانية للمواطنين غير المالكين لها، بهدف تعزيز قدراتهم على حضور وتشجيع هذا الفن الجديد.
بحلول القرن الثالث قبل الميلاد، بدأ الرومان في ابتكار شكل جديد من المسرح التراجيدي من خلال تأليف مآسي خاصة بهم، رغم أنه لا يوجد أي أثر لها في العصر الحديث.
شكل عام 1949 نقطة تحول في المسرح التراجيدي، حينما كتب الكاتب المسرحي آرثر ميللر مقالًا يؤكد فيه أن الشخصيات المحورية في الأعمال التراجيدية يمكن أن تكون شخصيات عادية، مما يتعارض مع التقليد السائد بأن تكون هذه الشخصيات من النبلاء أو الملوك. وقد اعتبر هذا البعض تحديًا لمفهوم المأساة وأثرها في المسرح.
أشهر المسرحيات التراجيدية العالمية
يحتوي المسرح التراجيدي على عدد من المسرحيات العالمية البارزة، ومن أبرزها:
تيتوس أندرونيكوس (وليام شكسبير)
تتناول المسرحية قصة الجنرال تيتوس أندرونيكوس الذي يسعى للانتقام من ظالميه، حيث تلاحقه الملكة القوطية تامورا التي تسعى للانتقام منه لقتله أطفالها. تصل الأحداث إلى ذروتها عندما يحدث مذبحة جماعية، ويقدم تيتوس لتامورا فطيرة صنعت من رفات أطفالها المقتولين، ليُقتل بعد ذلك الجنرال على يد ساتورنيوس، زوج تامورا.
ركن آمين (جمس بالدوين)
تستعرض مسرحية “ركن آمين” التناقض بين القيم الدينية والواقعية لشخصية القس مارجريت جاكسون، التي تترك زوجها هربًا من الألم الناتج عن فقدان ابنتها، وتلجأ إلى الدعوة الدينية. تصل المسرحية إلى ذروتها عندما تفقد ابنها ويدرك أنها قد أخفت عنه حقيقة انفصالها عن والده، مما يترتب عليه تداعيات مأساوية.
ليلة الأم (مارشا نورمان)
تدور أحداث المسرحية حول ليلة حاسمة في حياة جيسي، امرأة في منتصف العمر، التي ترغب في إنهاء حياتها. تخبر والدتها برغبتها، وفي ظل محادثة مطولة، تكشف الشخصيتان عن إحباطاتهما ومخاوفهما. تتوصل الأم إلى أنها لا تعرف ابنتها جيدًا، وتنتهي المسرحية بمأساة عندما تطلق جيسي النار على نفسها، مما يؤدي إلى وفاتها.