حكم التبني في الإسلام: فهم القواعد والأحكام الشرعية المتعلقة بالتبني

حكم التبني في الإسلام

يعتبر التبني عملية يتم من خلالها جعل أحد الأشخاص ابنًا لشخص آخر ليس والده البيولوجي. في العصر الجاهلي، كان شائعًا أن يتبنى الرجال أطفالًا من خارج أسرهم، حيث يتم معاملتهم كأبناء شرعيين ويكتسبون الحقوق الوراثية. ومع ذلك، حرم الإسلام هذه الممارسة ورفض نسبة الابن إلى غير والده، لما يترتب على ذلك من فقدان للحقوق. قال الله تعالى: (وَمَا جَعَل أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ).

أسباب تحريم التبني في الإسلام

أسباب تحريم التبني متعددة، وأهمها:

  • يدعو التبني إلى تحريف النسب، حيث يُنسب شخص إلى والد ليس بوالده البيولوجي، والنسب يجب أن يكون مستندًا إلى الولادة والنكاح.
  • الإشكاليات المتعلقة بالميراث، حيث قد يتسبب التبني بظلم الورثة الشرعيين، مما يؤدي إلى فقدان الحقوق.
  • يؤدي التبني إلى حالات من الخلوة والاختلاط، مما يعارض ما أحله الله.

فإذا اختلط الشخص بمن ليست له أخت، وهو أجنبي عنها، فإنه يفقد حقه في الزواج منها، طالما أنها ليست محرمة عليه.

  • يحرم التبني المتبنى من معرفة أصله ونسبه، مما يُفقده حقه في فهم هويته الحقيقية.

هذا الأمر يُعد طمسًا للحقائق، كما قال الله تعالى: (ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ فَإِن لَّمْ تَعْلَمُوا آبَاءهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُم بِهِ وَلَكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً). كان النبي صلى الله عليه وسلم قد تبنى الصحابي زيد بن حارثة، إذ كان الناس ينادونه (زيد بن محمد)، ومع نزول حكم تحريم التبني، تم إعادة نسب زيد إلى والده، وعادت الناس لتناديه بزيد بن حارثة.

التفريق بين التبني والكفالة

يتميز التبني عن الكفالة في الإسلام، إذ أن التبني يتضمن نسبة شخص لوالد ليس هو والده الحقيقي، مما يشكل تحريفًا للنسب. أما الكفالة، فهي ترتكز على العناية برعاية الطفل دون تغيير نسبه، حيث يتحمل الراعي مسؤوليات معينة في تربيته ونفقته، دون أن تمنح للطفل حقوق الابن الشرعي مثل الميراث.

عندما يقوم شخص بكفالة طفل دون أن يكون ابنًا له، ويتعهد برعايته والنفقة عليه، يجب عند بلوغ الطفل سن الرشد أن يتم الفصل بينه وبين أبناء الكافل في أماكن النوم، وتصبح المحارم كزوجة أو ابنة الكافل تحتجب عن المكفول، إذا كان ذكرًا. وإذا كانت المكفولة أنثى، فإنها تحتجب عن أولاد الكافل من الذكور إلا في حالة الرضاعة حيث تُطبق قواعد الرضاعة. هذا بخلاف التبني، حيث يعامل المتبنى معاملة الابن الشرعي.

يُسمح لكافل اليتيم بأن يوصي له ببعض من ممتلكاته، على أن لا تتجاوز هذه الوصية ثلث تركته، كنوع من العون بعد بلوغ المكفول. يجب كذلك على الكافل أن يُبلغ المكفول بهويته وطبيعة العلاقة بينهما لتلافي أي سوء فهم.

يجب على المسلمين التعاون في رعاية أبناء المجتمع الذين فقدوا آباءهم أو معيلين لهم، لحمايتهم من الفقر والضياع. إن قيم التكافل تعكس روح المجتمع الإسلامي، حيث قال تعالى: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّـهَ إِنَّ اللَّـهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ).

كما بين رسول الله صلى الله عليه وسلم أن كافل اليتيم ينال ثوابًا عظيمًا في الدنيا والآخرة، حيث قال صلى الله عليه وسلم: (أنا وَكافلُ اليتيمِ في الجنَّةِ كَهاتين)، وأشار بأصبعين، مما يدل على عظم أجر كافل اليتيم ومرافقته للنبي في الجنة.

Scroll to Top