حديث خير أجناد الأرض
- ألقى سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه خطبة تتحدث عن أهل مصر وما يتحلون به من صفات نبيلة.
- واستند في حديثه إلى ما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حول أهل مصر.
- حيث قال رضي الله عنه مرويًا عن النبي صلى الله عليه وسلم: “إذا فتح الله عليكم مصر من بعدي، فاتخذوا فيها جندًا كثيرًا، فإن ذلك الجند خير أجناد الأرض”.
- فأجاب أبو بكر رضي الله عنه مستفسرًا: ولم ذلك يا رسول الله؟ فقال صلى الله عليه وسلم: “لأنهم في رباط إلى يوم القيامة”.
- استنادًا إلى هذا الحديث، فإن المقصود بأجناد الأرض هنا هم الجنود المصريون الذين يسعون بكل جهدهم لحماية وطنهم.
- وفي حديث آخر، روى عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما عن أهل مصر: “هم أكرم الأعاجم جميعًا، وأجودهم يدًا، وأفضلهم عنصرًا، وأقربهم رحماً بالعرب عامة، وبقريش خاصة”.
- تظهر هذه الأحاديث احترام مكانة أهل مصر وسمو أخلاقهم ورفيعة مقامهم.
مدى صحة حديث خير أجناد الأرض
تنوعت آراء العلماء حول مدى صحة هذا الحديث:
- تُعد السنة النبوية من مصادر التشريع في الإسلام، وتأتي بعد القرآن الكريم في الأهمية.
- لذا، ينبغي توخي الحذر عند نسب أي قول إلى النبي، كما قال الله تعالى: “ومن أظلم ممن افترى على الله كذبًا” (سورة الصف، الآية 7).
- ومن العلماء المعروفين بإسناد الأحاديث هم الدار قطني، وابن عساكر، وابن عبد الحكم.
- تُعتبر إسنادات الحديث ضعيفة جدًا إذ وُرِدت عن ابن لهيعة عن أسود الحميري عن بحير المعافي عن عمرو بن العاص عن الرسول صلى الله عليه وسلم.
- وفسر الإمام الذهبي ضعف الحديث نتيجة لوصفه إسناد ابن لهيعة بأنه ضعيف.
- على الرغم من ذلك، ليس بالضرورة أن تكون جميع أحاديثه غير صحيحة.
- بناءً عليه، يرى بعض العلماء أن الحديث ضعيف، ويشير إلى جنود المسلمين عمومًا وليس جنود مصر فقط.
- كما أن الباحثين يُشيرون إلى أن هذا الحديث لم يُدرج في أي من كتب السنة النبوية الأربعة الصحيحة، وهي: الترمذي، والنسائي، وأبو داود، وابن ماجه.
- بل ذُكر في كتب التاريخ مثل كتاب “فتوح مصر” لابن عبد الحكم وكتاب “تاريخ مصر” لابن عساكر، التي لا تُعتبر مصادر تشريع.
- بينما يعبّر بعض العلماء الآخرون عن رؤيتهم بأن مضمون الحديث يُعتبر وصية من الرسول لأهل مصر، وهو ما تم ذكره في العديد من الأحاديث الصحيحة.
- ويُثني الرسول صلى الله عليه وسلم على جنود مصر ورباط أهلها، وهي معاني صحيحة مُساندة للرسول صلى الله عليه وسلم.
رد مفتي الجمهورية حول صحة حديث خير أجناد الأرض
مع تزايد الأحاديث حول صحة حديث “خير أجناد الأرض”، تم توجيه سؤال إلى الدكتور شوقي إبراهيم علام، مفتي الجمهورية، حول صحة هذا الحديث، وكان ردّه كما يلي:
- لدى الرسول العديد من الأحاديث الصحيحة التي تتحدث عن أهل مصر ورابطتهم إلى يوم القيامة.
- كما أوصى النبي صلى الله عليه وسلم في أكثر من حديث بحسن معاملة أهل مصر وأقباطها.
- كل هذه المعاني المُستنبطة من الحديث صحيحة ومؤكدة من قبل جميع أئمة المسلمين عبر العصور، ولا شك فيها.
- ولا يعني ضعف السند بالضرورة ضعف الحديث أو عدم نسبته إلى الرسول، مادام المعنى مثبتًا وصحيحًا.
- استنادًا لذلك، يرى مفتي الجمهورية أن الحديث صحيح لما يتماشى مع معناه وتوافقه مع الأحاديث الأخرى الصحيحة.
كما يمكنكم التعرف على:
أحاديث تؤكد صحة حديث خير أجناد الأرض
توجد العديد من الأحاديث الأخرى الصحيحة التي أشار فيها الرسول صلى الله عليه وسلم إلى مصر وشعبها، مما يعزز من صحة حديث “خير أجناد الأرض”، حيث توجد أكثر من رواية تتضمن نفس المعنى.
الحديث الأول
- روى كعب بن مالك رضي الله عنه عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال: “إذا افتتحتم مصر، فاستوصوا بالقبط خيرًا، فإن لهم ذمة ورحماً”.
- ويُشار إلى أن هذا الحديث يحمل طابعًا يخص السيدة هاجر رضي الله عنها، والدة سيدنا إسماعيل عليه السلام، والتي كانت من الأقباط.
- كما أن السيدة مارية، زوجة النبي صلى الله عليه وسلم، ووالدة سيدنا إبراهيم عليه السلام، كانت أيضًا من أقباط مصر.
- البعض يعتبر أن المقصود بالأقباط سكان مصر، وهي كلمة يونانية أُطلقَت على مجموعة من الناس الذين عاشوا في مصر.
- عند النظر إلى هذا الحديث، نجد أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: “إذا افتتحتم مصر”.
- وفي حديث آخر جاء: “إذا فتح الله عليكم مصر”.
- هذا التشابه الكبير بين الحديثين يُعتبر دليلًا إضافيًا على صحة حديث “خير أجناد الأرض”.
الحديث الثاني
- أما هذا الحديث، فقد روي عن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: “إنكم ستفتحون أرضًا يُذكر فيها القيراط، فاستوصوا بأهلها خيرًا، فإن لهم ذمة ورحماً. فإذا رأيتم رجلين يقتتلان في موضع لبنة، فاخرج منها”.
- قال: فمرّ بربيعة وعبد الرحمن، ابني شرحبيل بن حسنة، يتنازعان في موضع لبنة، فخرج منها.
- هنا، تشير الذمة في الحديث إلى السيدة مارية، أما الرحم فهي السيدة هاجر رضي الله عنها، حيث كلاهما من مصر.