تاريخ إنشاء جامع القرويين
تأسس جامع القرويين في مدينة فاس عام 245 هـ / 859 م. تشير الوثائق التاريخية إلى أن فاطمة الفهرية القرشية، المعروفة بلقب “أم البنين”، كانت هي من تبرعت بكل ما تملك لإنشاء هذا الجامع خلال فترة حكم دولة الأدارسة. وقد تأثرت بحديث النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- الذي قال: (من بنى مسجداً يبتغي به وجه الله، بنى الله له مثله في الجنة).
الغرض من إنشاء جامع القرويين
تم بناء الجامع في ظل ازدهار مدينة فاس منذ قدوم الإمام يحيى، حيث شهدت المدينة تطويراً عمرانياً ملحوظاً، وظهرت فنادق جديدة لاستقبال التجار، مما أدى إلى تدفق عدد كبير من الفقهاء والعلماء إليها. لذلك، برزت الحاجة لبناء جامع واسع، فبدأت عملية الإنشاء مع بداية شهر رمضان المبارك، حيث نذرت أم البنين فاطمة بالصيام شكراً لله حتى تكتمل أعمال البناء.
ومنذ البداية، حرصت أم البنين على أن تكون جميع نفقات بناء الجامع من مصادر طيبة، ولقد أسعدها الحظ عندما وجدت في المكان مادة الحجر والرمل الأصفر، مما جعل جميع مواد البناء محلية ولم يتم استيراد أية مواد من خارج المملكة لبناء هذا الصرح المبارك.
أهمية جامع القرويين
تكمن أهمية جامع القرويين في النقاط التالية:
- العبادة
من الواضح أن الهدف الرئيسي من إنشاء الجامع كان توفير مكان للعبادة.
- شاهد على الحضارات المختلفة
يجسد الجامع آثاراً بديعة تعود إلى عصور مختلفة شهدتها البلاد؛ مثل عهد الأدارسة، والفاطميين، والأمويين، ودولة المرابطين، والموحدين.
- مركز علمي
بفضل دعم الدول المتعاقبة على حكم المغرب، تطور دور جامع القرويين ليتحول إلى معهد علمي يوفر تعليماً في مجالات متعددة؛ تشمل الطب والفلسفة وعلوم الطبيعة والفلك. وقد استخدم الجامع كذلك كجامعة، حيث كان من أبرز مؤسسات التعليم التي تتيح للطلاب اختيار ما يرغبون في دراسته، لكن فيما بعد تم تقسيم التعليم إلى ثلاث مراحل، وتم إضافة قسم خاص بالفتيات.
لمحة عن مدينة فاس التي يضمها الجامع
تاريخ مدينة فاس يعود إلى القرن الثاني الهجري، عندما قام إدريس بن عبد الله، مؤسس دولة الأدارسة، بإنشاء المدينة على الضفة اليمنى لنهر فاس عام 192 هـ. وبعد الانتهاء، رفع يديه إلى الله داعياً: “اللهم اجعلها دار علم وفقه”. كان هو أول من وضع الحجر الأساس للمدينة، وتبع ذلك قدوم العديد من العائلات العربية من القرويين لتشكيل أول الأحياء في المدينة، والذي عرف باسم “عدوة القرويين”.
تتألف المدينة من منطقتين تفصل بينهما نهر يُطلق عليه “وادي فاس”، الذي ينبع من عيون تُعرف باسم “عيون صنهاجة”. تعتبر فاس واحدة من أبرز المدن الكبرى التي تستقطب السياح والزوّار، يقطن حولها قبائل أمازيغية تتحدث العربية، وتحيط بها أسوار عظيمة، فضلاً عن وجود العديد من عيون الماء في أنحاء المدينتين، مما يجعلها من المدن ذات المناظر الخلابة والجذابة.