تتباين آراء الأطباء ومقدمي الرعاية الاجتماعية والتربويين بشأن مفهوم ذوي الاحتياجات الخاصة، إذ ينظر كل منهم إلى هذه الفئة من زاوية مختلفة.
يُعرف ذوو الاحتياجات الخاصة على نحو شائع بأنهم مجموعة من الأفراد الذين يواجهون صعوبات في ممارسة حياتهم بشكل طبيعي.
حيث يعانون من قصور فكري، عصبي، حسي، أو عضوي، وهناك أيضًا حالات تتعرض لهذا القصور بشكل مفاجئ، وينصح باعتماد مصطلح “ذوي الاحتياجات الخاصة” بدلاً من استخدام لفظ “المعاقين”.
قامت هيئة الأمم المتحدة بتعريف هذه الفئة على أنها الأفراد الذين يعانون من اعتلال جسدي وعقلي، مما يترتب عليه وجود عقبات تعيق مشاركتهم في العديد من الأنشطة المجتمعية، مما يُحِدُّ من مشاركتهم الاجتماعية.
تتسم هذه الفئة بخصائص تفصلهم عن غيرهم من أفراد المجتمع، حيث يواجهون تحديات تتعلق بأداء الجسم والهيكل العام، وتجعلهم هذه التحديات يعانون من صعوبات أثناء الحركة أو أثناء تنفيذ الأنشطة اليومية.
إضافةً إلى ذلك، يواجه هؤلاء الأفراد مشاكل تمنعهم من المشاركة في مختلف جوانب الحياة. لهذا، سيكون لنا وقفة في السطور القادمة لاستعراض بعض الخطب المختصرة المتعلقة بذوي الاحتياجات الخاصة.
خطبة عن ذوي الاحتياجات الخاصة مختصرة:
تتضمن الخطبة عدة عناصر، وسنستعرض معًا بعض هذه العناصر:
- أهم جوانب اهتمام المجتمع بذوي الاحتياجات الخاصة.
- نماذج ملهمة من حياة ذوي الاحتياجات الخاصة.
- كيفية اهتمام النبي صلى الله عليه وسلم بذوي الاحتياجات الخاصة.
- إنجازات بارزة قدمها ذوو الاحتياجات الخاصة.
- واجب المجتمع تجاه ذوي الاحتياجات الخاصة.
سنتناول في السطور التالية الخطبة الأولى المتعلقة بذوي الاحتياجات الخاصة.
الخطبة الأولى:
نبدأ الخطبة بآية الله تعالى: “وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ”، حيث يُرشدنا الإسلام إلى حسن معاملة جميع الضعفاء.
ومن بين هؤلاء الضعفاء ذوي الاحتياجات الخاصة الذين تعرضت أجسادهم وحواسهم لمشاكل صحية، وقد تعرضوا للعديد من الصعوبات، وأهمها التحديات النفسية الناتجة عن استخدام مصطلحات مثل “المعاقين” أو “المتخلفين عقليًا.”
هذا الأمر له تأثير سلبي كبير على نفوسهم، حيث يُحث علينا في الدين الإسلامي أن ننادي كل إنسان بما يفضل، لذلك استخدمنا مصطلح “ذوي الاحتياجات الخاصة” ليعكس مكانتهم المرموقة في المجتمع.
إن الدين الإسلامي لا ينظر إلى هؤلاء الأفراد على أنهم عبء على المجتمع، بل يرونهم كأشخاص صالحين يمكن أن يسهموا في تحسين حياة وطنهم ودينهم.
الخطبة الأولى:
كل فرد منهم يمتلك القدرة على تقديم خدمات وإسهامات كبيرة كما غيرهم من أفراد المجتمع. ينبغي على الجميع أن يدركوا أن الإعاقة هي امتحان قد ابتلى الله به البعض.
يشجع الإسلام جميع أفراده على مواجهة التحديات بإيمان، والالتزام بالصبر في مواجهة الصعوبات والمحن، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: “عجبًا لأمر المؤمن إن أمره كله له خير.”.
وأكد النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: “إذا ابتليت عبدي بحبيبتيه فصبر عوضته منهما الجنة.”، في إشارة إلى العينين. وقد اهتمت الشريعة الإسلامية اهتمامًا بالغًا بذوي الاحتياجات الخاصة.
تدعو النصوص الدينية أفراد المجتمع إلى العناية بهذه الفئة وضرورة حسن معاملتهم، والعمل على مساعدتهم ليعيشوا حياة كريمة بعيدًا عن إيذائهم نفسيًا أو جسديًا.
قال الله عز وجل في كتابه الكريم: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ.”، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: “هل تنصرون وترزقون إلا بضعفائكم.”، مما يشير إلى أن النصر والرزق يأتي بفضلهم.
الخطبة الأولى:
قد وضع الإسلام قاعدة ترفع عنهم الأعباء والمشاق، حيث قال تعالى: “لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا.”، وهذا يعكس تكريم الإسلام لجميع أفراده.
لا يتم التمييز بينهم على أساس الجنس أو اللون، وقد أوصى الإسلام بالمحافظة على حقوقهم ومعاملتهم برفق.
تلعب فئة ذوي الاحتياجات الخاصة دورًا مهمًا في المجتمع، إذ يُعتبرون من الفئات القيمة التي تساهم في التنمية والنمو، بل يمكنهم التفوق في مجالات متعددة. وقد حقق العديد منهم نجاحات باهرة في مختلف المجالات.
على سبيل المثال، كان هناك علماء عظماء من ذوي الاحتياجات الخاصة مثل الإمام محمد بن عيسى الترمذي، الذي اشتهر بكتابه “السنن”، وكذلك الإمام الأعمش، شيخ المحدثين، بالإضافة إلى الإمام قالون، الذي كان أصمًا.
ويذكر أيضًا عطاء بن أبي رباح، أحد الفقهاء المعروفين، الذي كان يُصنف بالمتميز في العلم حتى خلال موسم الحج.
كان عطاء يشتهر بأنه كان أسود، أعرج، وأشل، ومع ذلك أحدث فرقًا كبيرًا، بينما كان ابن الأثير، صاحب الأصول، يعاني أيضًا من أمراض متعددة.
الخطبة الأولى:
نختم بالإشارة إلى عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، الذي كان قصير القامة لكنه ترك أثراً عميقًا في مجتمعه، حيث دُعي في إحدى المرات ليُحضِر شيئًا من الشجرة، وعندما نظر أصحابه إلى ساقيه ضحكوا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: “ما تضحكون، لَرِجْلُ عبد الله يوم القيامة في الميزان أثقل من جبل أحد.”.
استطاع عبد الله بن مسعود، برغم إعاقته، أن يكون شخصية رائدة في المجتمع ويحقق إنجازات كبيرة.
وصلنا إلى ختام مقالنا اليوم، ونتمنى أن نكون قد وفقنا في تسليط الضوء على هؤلاء الأبطال. ندعوكم لمشاركة المقال مع أصدقائكم.