تاريخ هجرة النبي إلى المدينة المنورة
هاجر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة في اليوم السابع والعشرين من شهر صفر في السنة الثالثة عشرة للبعثة، الموافق لليوم الثالث عشر من الشهر التاسع من عام 622 ميلادي.
تاريخ وصول النبي إلى المدينة
انطلقت هجرة النبي -صلى الله عليه وسلم- من مكة في ليلة الجمعة، حيث أقام في غار ثور ليلة الجمعة والسبت والأحد، ومن ثم انطلق في ليلة الإثنين، الأول من شهر ربيع الأول في السنة الرابعة عشر من البعثة، الذي يوافق السادس عشر من الشهر التاسع لعام 622 ميلادي. وصل إلى قباء في يوم الإثنين، الثامن من شهر ربيع الأول في العام الرابع عشر من البعثة، والذي يوافق الثالث والعشرين من الشهر التاسع لعام 622 ميلادي، كما وصل إلى المدينة في اليوم الثاني عشر من شهر ربيع الأول.
مواقف بارزة من الهجرة النبوية
تضمنت رحلة الهجرة المباركة مواقف مشرقة من بعض الصحابة -رضوان الله عليهم-، ومن أبرز هذه المواقف:
تضحية علي بن أبي طالب من أجل رسول الله
عندما اجتمع كفار قريش في دار الندوة ليتآمروا على قتل رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، قال الله -تعالى- لنبيه إنهم قد عزموا على قتله. قرر النبي أن يبقي أحد أصحابه في سريره بدلًا منه ليظن الكفار أنه لا يزال نائمًا. طلب من علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- أن يقوم بهذا الأمر، فرغم الخطر الكبير الذي يحيط به، أبدى علي شجاعة مميزة، وفضل أن يكون فداءً لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
حرص أبو بكر الصديق على حماية رسول الله
رافق أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الهجرة، وحرص بشدة على سلامته؛ حيث كان يتحرك أمامه تارة وخلفه تارة أخرى لتفادي أي خطر قد يتعرض له النبي. وعندما وصلا إلى غار ثور، دخل أبو بكر أولًا ليتفقده ويضمن سلامته وسد الثغرات، حتى لا يتعرض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لأي ضرر.
استقبال أهل المدينة لرسول الله
كان أهل المدينة ينتظرون بلهفة وصول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وعندما وصل أعلن يهودي: “يا بني قيلة، هذا صاحبكم قد جاء”، فاجتمع الناس لاستقباله، وكانت أشواقهم لرؤيته كبيرة. يقول البراء بن عازب: “فصعد الرجال والنساء فوق المنازل، وتفرق الغلمان والخدم في الطرق ينادون: يا محمد يا رسول الله”.
وأفاد أنس -رضي الله عنه- بقوله: “كنت أسعى بين الغلمان عندما كانوا يقولون جاء محمد، ولا أرَ شيئًا، ثم يقولون: جاء محمد، فأسرع حتى أتينا النبي -صلى الله عليه وسلم- وصاحبه أبو بكر، فاختبأنا خلف بعض جدران المدينة، ثم بعثا رجلًا من أهل البادية ليؤذن للأنصار. فاستقبلهم نحو خمسمائة من الأنصار حتى انتهوا إليهما، وقالوا انطلقا آمنين مطاعين، وقد خرج أهل المدينة بلهفة ليحتفوا بنبينا، حتى إن الفتيات كانوا على أسطح البيوت ينظرن إليه قائلين: أيهم هو؟ وقد كان من المشاهد العظيمة يومئذٍ.
أثر الهجرة النبوية على الدعوة الإسلامية
تعتبر هجرة النبي -صلى الله عليه وسلم- نقطة تحول حاسمة في الدعوة الإسلامية، ويمكن تلخيص آثار هذه الهجرة فيما يلي:
- فقدت قريش مكانتها ونفوذها بعد الهجرة، وبدأت هيبتها تتراجع في أعين القبائل العربية، التي توافدت لمبايعة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- واعتناق دين الإسلام.
- ارتفعت مكانة المدينة المنورة، إذ أصبحت عاصمة الدعوة الإسلامية ومركزها، وكان هذا هو المكان الأول للرسالة التي تدعو لتوحيد الله دون تمييز بين الأعراق والقبائل.
- شكلت الهجرة بداية لعصر جديد يتسم بالصلاح والإيمان، وانتهاءً لفترة الوثنية وعبادة الأصنام.
- كانت الهجرة بمثابة تأسيس دولة إسلامية يُقيم فيها شعب في أرض محددة.
- أسهمت الهجرة أيضًا في انطلاقة الفتوحات الإسلامية والانتصارات، مما أدى إلى انتشار الإسلام في مختلف أنحاء العالم.
ومن أجل توثيق هذه الأهمية العظيمة للهجرة النبوية، قام عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- بتحديد الهجرة كنقطة بداية للتأريخ الإسلامي.