تتناول الشريعة الإسلامية الأحكام المتعلقة بالأطعمة وما يتم استهلاكه، حيث تركز على ما يفيد الإنسانية وتحذّر مما قد يضرها. وقد تم التطرق إلى مسألة أكل لحم الحِمار في المذاهب الفقهية الأربعة، نظراً للأهمية الكبيرة لهذا الموضوع في الحياة اليومية للمسلمين.
الأطعمة في الشريعة الإسلامية
- أكد الله سبحانه وتعالى على ضرورة تناول المسلمين للطعام الطيّب، وحذرهم من تناول ما هو خبيث، وذلك لأن الطعام يؤثر على السلوك والأخلاق.
- فالطعام الطيّب يُشكل أساسًا لأخلاق حسنة، في حين أن الطعام الخبيث يُنتج عواقب وخيمة.
- وتشمل كلمة “طعام” كل ما يتناوله الإنسان من مأكولات ومشروبات، ولا تُقتصر على الطعام الصلب فحسب.
- جعل الله – عز وجل – معظم الأطعمة مباحة للمسلمين، باستثناء ما ورد نص بتحريمه.
- قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- إن الأطعمة مُباحة للمسلمين الصالحين، الذين يستعينون بها على طاعة الله – عز وجل – مما يُشير إلى جواز استخدامها في الطاعات.
حكم أكل لحم الحِمار في المذاهب الأربعة
- يتوقف الحكم على أكل لحم الحِمار على نوعه، حيث يوجد نوعان: الحِمار الأهلي والحِمار الوحشي.
- ورد في الحديث أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قد حرّم أكل لحوم الحُمُر الأهلية، كما روى أبو ثعلبة الخشني – رضي الله عنه.
- وقد أشار الإمام ابن قدامة إلى تحريم لحم الحِمار الأهلي وفق إجماع أغلب أهل العلم.
- كما ذكر الإمام أحمد بن حنبل -رحمه الله- أن خمسة عشر من الصحابة قد أبدوا كراهيتهم لأكل لحم الحمار الأهلي.
- أما الإمام ابن عبد البر، فقد أكد أن جميع العلماء اليوم متفقون على تحريم أكل لحم الحِمار الأهلي.
- أما الإمام الشافعي -رحمه الله- فقد استنبط دلالتين من الحديث الدال على تحريم تناول لحم الحِمار الأهلي:
الدلالة الأولى
- يجوز أكل لحم الحَمير الوحشية، لأن النبي – صلى الله عليه وسلم – لم يُذكر فيه تحريم، مما يُعتبر دليلًا على جواز تناوله.
الدلالة الثانية
- تقتصر أصناف الحَمير على الأهلية والوحشية، وكل ما نُهي عن أكل لحمه فهو محرم، وما لم يُذكر فإن تناوله مباح.
- أضاف الإمام الشافعي أن الحِمار الوحشي يختلف عن الأهلي، وبالتالي إذا تحول حِمار أهلي إلى وحشي، فإنه لا يزال غير جائز أكله، على العكس فإن الحِمار الوحشي الذي يصبح أهلياً يُعتبر حلالًا، لأنه على حكم الأصل.
حكم شرب ألبان الحَمير
- تباينت آراء العلماء حول حكم شرب ألبان الحَمير، حيث ينص المذاهب الأربعة (الحنفية، المالكية، الشافعية، الحنبلية) على تحريم ذلك دون حاجة.
- وفي المذهب الحنفي والشافعي، هناك روايتان حول لبن الحَمير، والخلاصة أن هذا اللبن يُعتبر نجسًا.
- في كتاب “فتح القدير الحنفي” يُشير إلى نجاسة لبن الحَمير، وبهذا فهي تُعتبر مُحرمة بالإجماع.
- كما ذكر النووي في كتاب “المجموع” أن لبن الحَمير يتضمن ثلاث روايات، وأصحها أنها تعتبر نجسة.
- يعتبر المذهب المالكي أن حكم شرب لبن الحيوانات مرتبط بأحكام أكل لحومها، وبالتالي أي حيوان مُحرم أكله يُعتبر لبنه نجسًا.
- وذُكر في مذهب الحنابلة أن كل ما يصدر من حيوانات غير مأكولة اللحم يكون نجسًا، مما يمنع من تناول لحومها أو شرب لبنها.
- كذلك، يُحرّم التداوي بشرب لبن الحِمار، إذ يتم تصنيفه كنجس.
ما يؤكل لحمه وما لا يؤكل لحمه في الشريعة الإسلامية
إليك القواعد الأساسية لما يُسمح به وما يحرّم في الشريعة الإسلامية:
- الحيوانات المحظورة ذات الأسماء الواضحة في القرآن أو السنة تُعتبر حرامًا، مثل الخنزير والحمار، إلخ.
- جميع الحيوانات التي تعيش في الماء محظورة باستثناء الأسماك، حيث تُعتبر جميع الأنواع حلال ما عدا التي تموت بطرق طبيعية في الماء.
- الحيوانات البرية التي لا تحتوي على دم يُعتبر أكلها محرمًا، مثل الدبابير والذباب والعناكب وغيرها.
- أيضًا، الحيوانات التي تحتوي على دم لا يسيل تُعتبر محظورة، كالأفاعي والسحالي.
- أنواع الآفات، مثل الفئران والقنافذ تُعتبر محظورة لأنها تُصنف كنجسة.
- الحيوانات البرية التي يسيل فيها الدم، والتي تتغذى على الأعشاب، تُعتبر حلالًا، مثل الإبل والأبقار.
- الحيوانات المفترسة والتي تصطاد بأسنانها، مثل الأسود والنمور، تُعتبر محظورة.
- الطيور الجارحة، التي تصطاد بمخالبها، كذلك تُعتبر محظورة.
- الطيور التي لا تفترس وتحيا على الحبوب، مثل الدجاج والبط، تُعتبر حلالًا.
- إذا أكل الحيوان الحلال شيء ملوث، مما يؤثر على رائحة لحمه، يكون مستحبًا الامتناع عن تناوله.
- لكن إذا كان يتناول الطعام بجانب النجاسة دون تأثير على الرائحة، يُعتبر اللحوم والحليب حلالًا.