تعريف الطهارة في اللغة والشرع
تعريف الطهارة لغةً
الطهارة في اللغة ترمز إلى النظافة والسلامة من الأوساخ والإضرار، سواء كانت هذه الأوساخ مادية أم معنوية.
تعريف الطهارة شرعاً
في الاصطلاح الشرعي، تُعرَّف الطهارة بأنها: إزالة الحَدَث، أو الخَبَث، أو النجاسة بواسطة الماء أو التراب، وهما البديلان المباحان في الطهارة. كما يمكن القول بأن الطهارة تعني زوال الصفات التي تمنع من أداء الصلاة وتكون موجودة في الجسم.
فيما يتعلق بالحَدَث، فهو يتضمن الصفات التي تتعلق بالجسم أو بعض أجزائه، ويتم تحقيق الطهارة من خلال إزالته. أما الخَبَث، فيشير إلى ما يُعتَبَر مستقذراً شرعاً، ويتم الطهارة منه من خلال إزالته عن الأجزاء الظاهرة للجسم.
وقد أُشير إلى أهمية الطهارة في العديد من الآيات القرآنية، منها قول الله -عز وجل-: (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ). كما رواه الإمام مسلم في صحيحه عن أبي مالك الأشعريّ -رضي الله عنه-، حيث قال النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: (الطُّهُورُ شَطْرُ الإيمانِ).
حكم الطهارة والغاية منها
تتطلب الطهارة من النجاسة عند القدرة، استدلالاً بقوله -تعالى-: (وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ)، وأيضاً في قوله -تعالى-: (وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِّنَاسِ وَأَمْنًا وَاتَّخِذُوا مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ).
كما تجب الطهارة من الحَدَث لتمكين الفرد من أداء العبادات، استناداً إلى ما رواه الإمام مسلم عن عبدالله بن عمر -رضي الله عنهما-، قول النبي -عليه الصلاة والسلام-: (لا تُقْبَلُ صَلاةٌ بغيرِ طُهُورٍ).
من المهم أيضاً التأكيد على أهمية الطهارة في تعزيز تعظيم الله -عز وجل-، حيث مُدح المتطهرون، كما قال -تعالى-: (فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ).
شروط الطهارة
تتطلب الطهارة توفر شروط معينة، منها:
- الإسلام: فليس هناك ضرورة للطهارة إلا على المسلم.
- العقل: الطهارة لا تجب على المجنون أو المغمى عليه إلا إذا تغيرت حالتهما، بينما تظل واجبة على السكران.
- البلوغ: يُحدد بخمس علامات: الاحتلام، الحيض، الحمل، نمو الشعر، وبلوغ السنّ المُحددة شرعاً؛ فلا تجب الطهارة للصبي ولكن يُؤمر بها في سن السابعة.
- الخلو من الحيض والنفاس: حيث ينبغي على المرأة أن ينقطع عنها دم الحيض أو النفاس للطهارة.
- دخول الوقت: يجب الطهارة عند دخول وقت العبادة التي تتطلبها.
- عدم النسيان: الناسي لا يُحاسب، ولكن يجب عليه القضاء عند تذكره.
- عدم النوم: النائم يتوجب عليه القضاء.
- عدم الإكراه: لا يُحاسب المُكرَه، ولكن يُترتب عليه القضاء.
- توفر الماء أو التراب الطاهر: تجب الطهارة لمن يجد الماء أو التراب الطاهر.
- الاستطاعة: يجب توفر القدرة على الطهارة قدر الإمكان.
أنواع الطهارة
تنقسم الطهارة إلى نوعين رئيسيين، وهما:
- الطهارة الحسّية: تشمل نظافة الجوارح مما يمنع أداء العبادات، وتنقسم إلى نوعين؛ الطهارة من الحَدَث عبر ثلاث مراتب: كبرى بالغسل، صغرى بالوضوء، وبدايل عنهما كالتيمم عند التعذر. والطهارة من الخَبَث، وتشمل النضح، الغسل، والمسح.
وهناك أيضاً الطهارة المعنوية، التي تعني نظافة القلب والنفس من الذنوب والمعاصي.
وسائل الطهارة
الماء
تُعتبر الطهارة باستخدام الماء الأصل، ما لم يكن هناك استثناء شرعي، وقد أكد النبي -صلى الله عليه وسلم- أن الطهور هو الماء. يُذكر أن القرآن والسنة يتضمنان ذكر الماء بشكل مطلق دون تقييد، ويجب أن تتم الطهارة بالماء للنصوص المحددة لذلك، مع التركيز على النجاسة المحددة.
تفاوتت آراء العلماء في تحديد الأصل في الطهارة؛ فتجدر الإشارة إلى أن الجمهور يعتبرون الماء الأهم في إزالة النجاسات، بينما يرى كل من أبو حنيفة وأبو يوسف جواز التطهير بأي مائع طاهر.
التراب
يُعدّ التراب من الوسائل الفعالة للطهارة، ومن النجاسات التي تحتاج للطهارة منه هو لعاب الكلب، حيث يجب تطهيره سبع مرات، إحداها بالتراب. يُفضل أن تكون المرة الأولى باستخدامه، كما ورد عن أبي هريرة -رضي الله عنه- بأن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: (طَهُورُ إناءِ أحَدِكُمْ إذا ولَغَ فيه الكَلْبُ، أنْ يَغْسِلَهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ أُولاهُنَّ بالتُّرابِ).
التيمم أيضاً يُعتبر طهارة تُستعمل عند عدم وجود الماء، ويتم بمسح الوجه واليدين إلى المرفقين.
الحجارة
يستخدم الاستجمار بالحجارة لإزالة ما يخرج من السبيلين، ويجوز استعمله حتى مع وجود الماء، كما اتفق عليه الفقهاء ما عدا ابن حبيب من المالكية. يُستند لذلك على حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- حيث قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إذا أتى أحدكم الخلاء… وكان يأمر بثلاثة أحجار).
الدبغ
الدبغ يشير إلى إزالة فضلات الجلد وما قد يُضره، وتحويله إلى حالة طاهرة، حتى لو كانت فضلات الطيور وغيرها تُعتبر من النجاسات.
مقاصد الطهارة
الوضوء
الوضوء يُعتبر شرطاً ضرورياً لصحة الصلاة؛ حيث إن فقدانه يفقد الصلاة صحتها، في حين قد يُتوضأ المسلم دون حاجة للصلاة. ينقسم الوضوء من حيث الحكم إلى:
- الوضوء الواجب: لأداء عبادة إلزامية، مثل صلاة الفريضة.
- الوضوء المستحب: لأداء عبادات مستحبة، مثل الذكر وقراءة القرآن.
الغسل
الغسل يعني تعميم الماء الطاهر على جميع أجزاء الجسم مع النية، ويجب الغسل لأسباب متعددة مثل الجماع والحيض والنفاس. يمكن أن يكون الغسل واجباً في حالات معينة أو مستحباً، كما في غسل يوم الجمعة.
التيمم
التيمم يُشرع عند عدم توفر الماء أو صعوبة استخدامه بسبب مرض أو سفر، وقد تم ذكر مشروعيته في القرآن الكريم والحديث الشريف، حيث يقول الله -تعالى-: (فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ).
كما أشار العلماء إلى أنه يُعدّ بديلاً مشروعاً عن الغسل والوضوء في حالات معينة.
إزالة النجاسة
يجب إزالة النجاسة من الجسم والثوب والمكان، استناداً لعدة أحاديث صحيحة، منها حديث أنس بن مالك -رضي الله عنه- وقصص أخرى تدل على ضرورة الحفاظ على الطهارة.