يُعتبر داود الظاهري أحد أعلام الفقه، وهو مؤسس مذهب الظاهرية الذي قدم آراءً فريدة في مجالات العقيدة. لقد شهد هذا المذهب انتشارًا واسعًا بفضل أفكاره المتميزة.
الاسم والمولد
إليكم بعض المعلومات الأساسية عن الإمام الظاهري، الذي يُعتبر علامة بارزة في عصره:
- هو داود بن علي بن خلف البغدادي الظاهري.
- وُلِدَ في العام 200 هـ، وهناك من يحدد تاريخ ميلاده بدقة أكثر في العام 202 هـ.
- توفي الإمام داود الظاهري في شهر رمضان عام 270 هـ، رحمة الله عليه.
- عرف داود بالأصبهاني نسبةً إلى والدته، التي كانت من أصفهان.
- أما والده فكان من أتباع المذهب الحنفي.
- ترك الظاهري إرثًا من التأليف يتجاوز 18 ألف ورقة.
- أصل الظاهري من أصفهان، وُلد في الكوفة، ونشأ في بغداد.
مذهب الظاهرية
أسس الإمام الظاهري مذهب الظاهرية الذي يحمل في طياته عددًا من الخصائص البارزة:
- نشأ هذا المذهب خلال القرن الثالث الهجري.
- كان التأسيس بجهود داود بن علي الأصبهاني.
- انتشر المذهب من خلال العديد من المؤلفات التي خلفها، مما أعطى لمذهبه وزنًا وتأثيرًا.
- أصبح المذهب الظاهري معروفًا في الدول الإسلامية، وحاز على شهرة تضاهي شهرة المذاهب الأربعة المعروفة.
- تعرض المذهب للضعف والانقراض في فترات من الزمن، لكن الله أنعم عليه بمؤسس ثانٍ هو الأندلسي حمد بن حزم الذي أحياه مجددًا.
- ظهر ابن حزم في الأندلس وعمل على إحيائه من جديد.
- كان المذهب الظاهري مرتبطًا بأهل الحديث، حيث عاش داود خلال فترة اهتم فيها العلماء بنقل الأحاديث.
- تزامن ظهور المذهب مع العصر الذهبي للسنة النبوية خلال القرن الثالث الهجري، حيث تم تحقيق العديد من الكتب المصنفة.
- شهدت تلك الحقبة وضع قواعد التصحيح والتضعيف، بالإضافة إلى قواعد الجرح والتعديل.
مؤلفات داود الظاهري
ترك الإمام داود الظاهري العديد من المؤلفات التي عُرفت في التاريخ الإسلامي، ومن أبرزها:
- كتاب السهو.
- كتاب الاستسقاء.
- كتاب افتتاح الصلاة.
- كتاب ما يفسد به الصلاة.
- كتاب الجمعة.
- كتاب صلاة الخوف.
- كتاب صلاة الخسوف.
- كتاب صلاة العيدين.
- كتاب الإمامة.
- كتاب الإيضاح.
- كتاب الإفصاح.
- كتاب الدعوى والبينات.
- كتاب الأصول.
- كتاب الحيض.
- كتاب الطهارة.
- كتاب الأذان.
- كتاب الصلاة.
- كتاب القبلة.
- كتاب المواقيت.
شيوخ الإمام الظاهري وتلاميذه
شيوخه
تتلمذ الإمام داود الظاهري على أيدي عدد من الشيوخ البارزين الذين أثروا في علمه، ومن بينهم:
- سليمان بن حرب.
- عمرو بن مرزوق.
- القعنبي.
- محمد بن كثير العبدي.
- مُسَدَّد بن مُسَرهَد.
- إسحاق بن راهويه.
- أبو ثور الكلبي.
- القواريري.
- يحيى بن معين.
تلاميذه
قدّم الشيخ علمه لتلاميذه وتربوا على يديه، ومن بينهم عدد من العلماء الذين نبغوا فيما بعد:
- زكريا الساجي.
- يوسف بن يعقوب الداوودي.
- عباس بن أحمد المُذَكِّر.
- ابنه أبو بكر محمد بن داود.
المذهب الظاهري لدى ابن حزم
سار ابن حزم الظاهري على نهج الإمام داود، حيث:
- اتسم في مساعيه بالتمسك بأهل السنة والجماعة.
- تأثر بالمذاهب الأربعة.
- كان متميزًا في نقل الأثر.
- وقد وُصِف بأنه “رأس في علوم الإسلام، متبحر في النقل” كما قال عنه الذهبي.
أسس المذهب الظاهري
حدد ابن حزم أربعة أسس تشكّل المذهب الظاهري، وهي:
- نصُّ القرآن.
- نصُّ كلام النبي محمد صلى الله عليه وسلم، حيث إن الرسول لم ينطق عن الهوى بل أوحي إليه بواسطة الثقات.
- إجماع علماء الأمة.
- ضرورة وجود دليل لا يحتمل إلا وجهًا واحدًا.
الإشكالات التي أثارها الظاهرية
على الرغم من شهرة المذهب الظاهري، إلا أنه واجه جدلًا كبيرًا حول العديد من المسائل، حيث:
- حافظ الظاهرية على حرفية نصوصهم دون مراعاة للمعاني أو العلل أو المناسبات.
- تجنّبوا القياس والتقليد، بالإضافة إلى مصادر الأصول الأخرى.
- خالفوا أهل الحديث في العديد من المسائل واشتهروا بمسائل شاذة.
- اتهموا بأن لديهم منهجية خاصة لتصحيح الأحاديث وتضعيفها.
الخلافات العقدية لدى الإمام داود الظاهري
اختلف الإمام الظاهري مع أهل السنة والجماعة في بعض مسائل الاعتقاد، ومن ذلك:
- قوله عن القرآن: “أمَّا الَّذِي فِي اللَّوْحِ المَحْفُوْظِ: فَغَيْرُ مَخْلُوْقٍ، وَأَمَّا الَّذِي هُوَ بَيْنَ النَّاسِ فَمَخْلُوْقٌ”.
- انتقده عدد كبير من الأئمة، وكان الإمام أحمد بن حنبل رافضًا للدخول عليه بسبب ذلك.
كتب الفقه الظاهري
هناك العديد من الكتب التي تناولت الفكر الظاهري ونقلت آراء داود الظاهري، ومن أبرزها:
- كتاب “المبسوط” للسرخسي.
- التمهيد والاستذكار لابن عبد البر.
- كتاب بداية المجتهد.
- كتاب الحاوي للماوردي.
- كتاب رؤوس المسائل.
- كتاب البحر الزخار.
ثناء العلماء عليه
نال الإمام الظاهري تقديرًا كبيرًا بفضل علمه، حيث أشاد به العديد من العلماء، ومن بينهم:
- الإمام النووي قال: “فضائل داود، وزهده، وورعه، ومتابعته للسنة مشهورة”.
- الإمام الصفدي وصفه بأنه: “كان زاهدًا متقللاً كثير الورع”.
- قال الإمام شمس الدين محمد عنه: “الإمام الحافظ المجتهد الكبير، كان إمامًا فاضلاً صادقًا ورعًا”.
- قال الإمام القاضي: “رأيت داود بن علي يصلي، فما رأيت مسلمًا يشبهه في حسن تواضعه”.
وفاة داود الظاهري
توفي داود بن علي في شهر رمضان عام 270 هجريًا، والذي يُوافق سنة 884 ميلاديًا، وقد خلف إرثًا كبيرًا لابنه محمد في مجال الفقه.
مكانة داود الظاهري
امتاز داود بمكانة عظيمة حيث كان رائدًا في العلم ببغداد، ويتميز بالزهد والتقلل، وكان له انحياز قوي لمذهب الشافعي.