تعريف الوحي لغويًا
الوحي، في اللغة، يعني الإعلام والإخبار بصورة خفية، حيث يتم تلقي الأمر داخل النفس بشكل غير ظاهر، أو يمكن أن يُفهم كعملية الكتابة، أو كالإشارة السريعة. ويتضمن الوحي بالمعنى اللغوي عدة أنواع على النحو التالي:
- الإلهام الفطري، مثلما حصل مع أم موسى -عليه السلام- حيث قال الله -تعالى-: (وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ).
- الإلهام الغريزي، كمشابهة لوحي الله -تعالى- إلى النحل، حيث ورد في القرآن: (وَأَوحى رَبُّكَ إِلَى النَّحلِ أَنِ اتَّخِذي مِنَ الجِبالِ بُيوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمّا يَعرِشونَ).
- الإشارة السريعة، كما في إيحاء زكريا -عليه السلام-، الذي ذكر في قوله: (فَخَرَجَ عَلى قَومِهِ مِنَ المِحرابِ فَأَوحى إِلَيهِم أَن سَبِّحوا بُكرَةً وَعَشِيًّا).
- وسوسة الشيطان، كما ذُكر في قوله: (وَإِنَّ الشَّياطينَ لَيوحونَ إِلى أَولِيائِهِم لِيُجادِلوكُم).
- أمر الله -تعالى- إلى الملائكة، حيث قال في كتابه: (إِذ يوحي رَبُّكَ إِلَى المَلائِكَةِ أَنّي مَعَكُم فَثَبِّتُوا الَّذينَ آمَنوا).
تعريف الوحي اصطلاحًا
أما في الصياغة الشرعية، فإن الوحي يشير إلى كلام الله -تعالى- الذي يُنزل على أحد أنبيائه. إذا اعتبرنا الوحي في معنى الإيحاء، فهو علم الله -تعالى- أحد أنبيائه بحكم شرعي أو غيره من القصص والأخبار المذكورة في القرآن والسنة النبوية.
من المهم الإشارة إلى أن الفرق بين المفهوم اللغوي والاصطلاحي للوحي هو كالفرق بين العام والخاص؛ فالوحي في اللغة هو تعبير عام يتضمن كافة أنواع الإعلام الخفي، بينما الوحي في المصطلح هو خاص بما يُعلم الله -تعالى- به أحد أنبيائه.
صور الوحي
هناك ثلاث صور للوحي ذكرت في قوله -تعالى-: (وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ اللَّـهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ). وفيما يلي نبين تفاصيل كل صورة من هذه الصور الثلاث بشكل مختصر وموضوعي.
الوحي المباشر
الوحي المباشر يُشير إلى الإلهام أو النفث في القلب، وهو يختلف عن الإلهام الفطري أو الغريزي في عدة نقاط، منها:
- أنّه أمر خارجي لا ينبع من الذات.
- خاص بالأنبياء فقط.
- معلوم المصدر بشكل جلي وليس من وسوسة الشيطان.
الكلام من وراء حجاب
وقد كلّم الله -تعالى- نبيه موسى -عليه السلام- من وراء حجاب، كما يتضح من قوله: (فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الْأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ مِن جَانِبِ الطُّورِ نَارًا قَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَّعَلِّي آتِيكُم مِّنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِّنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ مِن شَاطِئِ الْوَادِ الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَن يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّـهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ وَأَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ يَا مُوسَى أَقْبِلْ وَلَا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ).
الوحي عبر رسول
ويعني ذلك الوحي من خلال رسول الله جبريل -عليه السلام-، الذي كان يأتي في حالتين:
- الأولى: جاء جبريل -عليه السلام- في هيئة شخص معروف كما في ظهوره بصورة الصحابي دحية الكلبي -رضي الله عنه-، أو كأي شخص غير معروف.
- الثانية: جاء جبريل -عليه السلام- بالشكل الذي خلقه الله -تعالى- عليه، وقد تجلى لرسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- بهذه الهيئة في مواقف متعددة، مثل الأيام الأولى للوحي ورحلة الإسراء والمعراج.
ملخص المقال: استعرضنا تعريف الوحي لغويًا واصطلاحًا، إلى جانب الصور الثلاثة التي يظهر بها الوحي، وهي الوحي المباشر، الكلام من وراء حجاب، والوحي عن طريق رسول.