فهم العقيدة
تمتاز العقيدة بتعدد مفاهيمها ومصطلحاتها، وقبل التعمق في شرح معاني هذا المصطلح، من المهم توضيح أصله اللغوي. يستند مصطلح “العقيدة” إلى كلمة “الاعتقاد”. فيما يلي توضيح لهذا المعنى.
تعريف العقيدة لغويًا
العقيدة مشتقة من جذر (عقد)، حيث أشار ابن فارس إلى أن “العين والقاف والدال: أصل واحد يدل على الشد والثقة”. ومن جهته، قال الراغب الأصفهاني إن “العقد هو الجمع بين أطراف الشيء، ويستخدم في الأمور الصلبة مثل عقد الحبل وعقد البناء”، وفي هذا السياق جاء قول الله تعالى: (بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ).
تعريف العقيدة اصطلاحياً
على صعيد التعريف الاصطلاحي، تتعدد التعريفات الخاصة بالعقيدة، ومن أبرزها:
- “هي الحكم الذي لا يقبل الشك لدى معتقده، وفي الدين تتعلق بما يُعتقد به دون أن يرتبط بعمل، مثل عقيدة وجود الله وبعث الرسل، وتجتمع هذه العقائد تحت مصطلح عقائد”.
- “هي الرؤية الكلية اليقينية في الإسلام التي تتعلق بالكون والإنسان والحياة، وتفسر ما قبل الحياة الدنيا وما بعدها، وعلاقتها بتلك الأحداث”.
- “ما ينسب إلى الاعتقاد دون العمل، أو الجانب النظري الذي يتطلب الإيمان به أولًا، إيمانًا لا يشوبه الشك، مثل عقيدة وجود الله وبعث الرسل”.
- “التصديق الناتج عن إدراك شعوري أو لا شعوري، الذي يجبر صاحبه على قبول قضية معينة”.
واستنادًا إلى بعض المفكرين المعاصرين، عُرفت العقيدة الإسلامية بأنها: “تصميم القلب والاعتقاد الثابت الذي لا يعتريه شك في الأمور الإلهية، والنبوات، وأمور المعاد، وغيرها مما يتطلب الإيمان به”.
خصائص العقيدة الإسلامية
تحظى العقيدة الإسلامية بعدد من الخصائص التي تميزها وتؤكد أهميتها ومكانتها. ومن هذه الخصائص:
- تعتبر توقيفية.
أي أنها مستمدة من الله -سبحانه وتعالى-، وقد بين معالمها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ويتعين على الأمة الالتزام بالحدود التي وضعتها.
- تمتاز بالغيبية.
حيث تتناول قضايا غيبية لا يمكن للعقل إدراكها، وتعتمد على التسليم والإيمان الكامل بما جاء عن الله -عز وجل- وعن رسوله -صلى الله عليه وسلم-.
- تتسم بالوسطية.
وهي تُعتبر من أرقى العقائد وأكثرها اعتدالاً، فلا إفراط فيها ولا تفريط.
- التكامل والشمول.
فهي لم تغفل عن أي صغيرة أو كبيرة، وقد وضعت نظامًا شاملًا يغطي جميع جوانب الحياة.
الفرق بين العقيدة والمذهب
يشهد الناس خلطًا شائعًا بين هذه المفاهيم. لتوضيح الأمر، يُعتبر بعض الأفراد أن الدين الإسلامي هو مرادف لمصطلح عقيدة، وهذا لا يعكس حقيقة الواقع، حيث يتحد الدين والملة في الجوهر ويختلفان في الاعتبار. فالشريعة تُسمى دينًا من حيث الطاعة، وتسمى ملة من حيث الإجماع، وتسمى مذهبًا من حيث الرجوع إليها.
ويمكن القول إن الفرق بين الدين والملة والمذهب يتلخص في أن الدين يُنسب إلى الله تعالى، والملة تُنسب إلى الرسول، بينما يُنسب المذهب إلى المجتهد.