التاريخ
تعتبر مادة التاريخ واحدة من المواد الأساسية في دراسة العلوم الاجتماعية خلال المراحل التعليمية ما قبل الجامعية. وفي المرحلة الجامعية، تأخذ دراسة التاريخ طابعاً أكثر تخصصاً، حيث تمثل مجالاً علمياً مستقلاً داخل كليات الآداب والتربية في مختلف الجامعات العربية. تعود أهمية دراسة التاريخ إلى قدرتها على استنباط الدروس والعبر من الأحداث التاريخية التي وقعت في الماضي، من خلال فهم السياقات المرتبطة بكل حدث، وتفسير الأسباب والنتائج لتلك الأحداث. تسعى هذه الدراسة إلى الوصول إلى فهم أعمق لطبيعة الزمن الراهن. ويتطلب البحث التاريخي اتباع منهجية معينة وضعها الأكاديميون للتخلص من الأساطير والأساليب التي قد تزيّف الحقيقة. يعتمد هذا المنهج على ثقافة الباحث في التاريخ، لكي يتمكن من استنباط السياقات والدوافع وراء الأحداث التاريخية. بشكل عام، من المهم أن يعي دارس التاريخ معنى مفهوم التاريخ وأن يميز بينه وبين التأريخ.
تعريف التاريخ لغة
في اللغة، يشير التاريخ إلى التعريف بالزمان، حيث يتم تعريف الشيء بناءً على وقت وقوعه. يعرف البعض التاريخ بإسناده إلى أحداث معروفة ومشهورة، مثل سقوط دولة أو نشوب حرب. على سبيل المثال، يُشار إلى عام الفيل، حيث كان يقال أن شخصاً ما وُلد بعد عام الفيل بعامين، مما جعل هذه الحادثة معيارًا للتاريخ. خلال فترة خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، تم بدء التأريخ الإسلامي من هجرة النبي صلى الله عليه وسلم، وهو ما استمر حتى يومنا هذا.
تعريف التاريخ اصطلاحاً
تعددت آراء العلماء والباحثين حول تعريف التاريخ من حيث الاصطلاح، قديماً وحديثاً. من بين التعريفات الأكثر دقة يأتي تعريف ابن خلدون، الذي يُعتبر من أوائل مؤسسي علم التاريخ بصورته الحديثة، حيث وصف التاريخ بأنه عبارة عن النظر والتحقيق في الكائنات وأسبابها، بالإضافة إلى دراسة الأبعاد المختلفة للأحداث ومراميها. بذلك، أسس لما عُرف لاحقاً بفلسفة التاريخ. وقد تبع هذا الفكر المفكر الفرنسي فولتير. كما قدم المفكر المغربي عبد الله العروي تعريفاً حديثاً، حيث اعتبر أن التاريخ هو نتاج المؤرخ، الذي يقوم بانتقاء الأحداث التاريخية ليفرغها في سياقات معينة ويستخلص منها الحقائق. وفي الثقافة الغربية، يُعرّف كولينغوود التاريخ على أنه الماضي الذي يدرسه المؤرخ، بحيث يبقى هذا الماضي حاضراً في الزمن الراهن.
الفرق بين التاريخ والتأريخ
من أبرز المشكلات التي تواجه الدارسين المعاصرين للتاريخ هو الخلط بين التدوين التاريخي كحدث تاريخي، حيث يعتقد البعض أن الكتابة عن الأحداث تعني التاريخ. ولكن العلماء يميزون بينهما، حيث يُعتبر التأريخ هو كتابة ما وقع في الماضي، بينما التاريخ هو إعادة قراءة وتحليل تلك الوقائع لصياغتها بشكل أقرب إلى الحقيقة.