ما هو الأمل؟
خلق الله سبحانه وتعالى الحياة مليئة بالتحديات والتغيرات، فالحياة ليست ثابتة لأحد، ولا تخلو من الهموم، حيث تمزج بين الخير والشر، الفرح والحزن، الأمل واليأس. يأتي الأمل ليضيء الطريق في ظلمات الحياة، ويحفز الروح الإنسانية على المثابرة والاجتهاد. فهو الأمل الذي يدفع المؤمن للابتعاد عن أهوائه والرغبة في نيل رضى الله والفوز بالجنة، كما أنه يحفز الطلاب على الدرس والاجتهاد لتحقيق أحلامهم في النجاح. ولقد ذُكرت في القرآن الكريم آية تزرع روح الأمل والتفاؤل في نفوس المسلمين، قال الله عز وجل: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّـهِ إِنَّ اللَّـهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ).
الأمل في اللغة يعني الرجاء، وغالباً ما يُستخدم في السياقات التي يُستبعد فيها تحقيق شيء ما، وجمع كلمة الأمل هو الآمال. إن الأمل يتكون من مجموعة من العوامل تشمل قوة الإرادة والدافع الشخصي، التي يمتلكها الفرد من أجل تحقيق أهدافه. تتكون عناصر الأمل من ثلاث مكونات رئيسية: قوة الإرادة، والطاقة النفسية، التي تعتبر المحرك الأساسي لتحقيق الأهداف، بالإضافة إلى القدرة على خلق مسارات جديدة للتفكير. يُمكن أيضاً تعريف الأمل على أنه حالة تحفيز إيجابي تعتمد على إحساس النجاح المتوقع، وينقسم الأمل في هذا السياق إلى قسمين: التخطيط لتحقيق الأهداف، وتوجيه الطاقة نحو هذه الأهداف.
كيفية إيجاد الأمل
يظل الأمل حاضراً في الحياة رغم التعقيدات والمواقف التي قد تؤدي إلى اليأس. يمكن للشخص الانغماس في الأمور الإيجابية التي تضفي الأمل، كما يُنصح بالتحدث مع النفس بعبارات متفائلة وتكرارها، مما يُسهم في خلق تأثير إيجابي على النفس. عبارة مثل: “سوف تسير الأمور على ما يُرام” تعزز من الروح المعنوية وتساعد في التخلص من الأفكار السلبية، مما يتيح العيش بسعادة.
استراتيجيات التغلب على اليأس
يواجه الإنسان العديد من التحديات في حياته، مما يجعله في بعض الأحيان يُفكر بطريقة سلبية أو يُصاب بالإحباط. هناك عدة طرق للتغلب على مشاعر اليأس، ومنها:
- تغيير طريقة التفكير لتكون أكثر إيجابية والتركيز على الجوانب الإيجابية من الحياة. على سبيل المثال، التفكير في الأمور البسيطة باعتبارها نعم من الله يعزز من الشعور بالامتنان ويقلل من المشاعر السلبية.
- التوجه للأطباء النفسيين للتحدث عن المشاعر السلبية وعدم تجاهلها، لأنها قد تشير إلى حالة اكتئاب. يمكن أن يُقترح العلاج بالعقاقير المضادة للاكتئاب للتخلص من هذا الشعور.
- التأكيد على وجود إيجابيات يجب تعزيزها، والبحث عن السلبيات التي يجب الحد منها. كما يضع القرآن الكريم نهجاً قوياً يركز على ذكر الإيجابيات قبل السلبيات، كما ورد في قوله سبحانه: (كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّـهِ).
- اتباع منهج القرآن الذي يحث على عدم إشاعة الفاحشة، حيث يُظهر إثم المخالفات الفردية دون التأثير على سمعة المجتمع. إن تداول الفواحش في المجالس يؤدي إلى تفشي الانحرافات ويفقد الناس الثقة في بعضهم البعض.
نماذج الأمل في حياة الأنبياء
تجلى الأمل في قصص العديد من أنبياء الله، حيث يمثل كل منهم تجارب فريدة تم توثيقها في القرآن. تتضح صور الأمل في:
- الأمل الذي لم يفارق سيدنا إبراهيم عليه السلام، رغم كبر سنه وغياب الأولاد، إلا أنه دعا الله واستجاب له؛ فوهب الله له إسماعيل وإسحاق، قال الله تعالى: (رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ * فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ).
- الأمل الذي تمسك به النبي يعقوب عليه السلام رغم فقدان ابنه يوسف، حيث أظهر صبراً عظيماً، فقال: (قالَ بَل سَوَّلَت لَكُم أَنفُسُكُم أَمرًا فَصَبرٌ جَميلٌ عَسَى اللَّـهُ أَن يَأتِيَني بِهِم جَميعًا).
- الأمل الذي ظلت تحمله قصة النبي أيوب عليه السلام في ضروف ابتلائه، حيث دعا ربه قائلاً: (وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ).
- الأمل الذي تجلى في حياة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، والذي بدا جلياً في سورة الشرح، حيث قال الله: (أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ* وَوَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَكَ*).
- الأمل الذي لم يُخفت في مواجهة النبي صلى الله عليه وسلم لطواغيت الشرك، إذ واجه الاستهزاء والأذى، لكنه استمر في إيمانه وثقته. كما ورد في حديث أبي بكر الصديق: (ما ظنُّك باثنَينِ اللهُ ثالثُهما).