انخفاض ضغط الدم بعد تناول الطعام
يُعرف انخفاض ضغط الدم بعد تناول الطعام (بالإنجليزية: Postprandial hypotension) بأنه نوع من انخفاض ضغط الدم، ويتمثل بهبوط ضغط الدم الطبيعي أو تفاقم انخفاض الضغط المنخفض الذي كان موجوداً مسبقاً، وذلك في فترة تتراوح بين نصف ساعة وساعتين بعد تناول وجبة الطعام. وغالبًا ما يُلاحظ هذا النوع من انخفاض ضغط الدم لدى الأشخاص كبار السن، حيث لا يكاد يُسجل في الشباب. وفي الواقع، تختلف نسب حدوثه بين فئة كبار السن، فقد أظهرت دراسة نُشرت في مجلة Journal of Aging Research أن هذه الحالة تُسجل بنسبة 67% في كبار السن المقيمين في المستشفيات، بينما تُظهر نسبة تتراوح بين 24-33% في الذين يعيشون في المنزل تحت الرعاية الطبية، وتصل النسبة إلى 50% لدى كبار السن الذين تعرضوا للإغماء غير المفسر.
عمومًا، يُعرف ضغط الدم (بالإنجليزية: Blood pressure) بأنه القوة التي يُمارسها تدفق الدم على جدران الشرايين. وتختلف قيم ضغط الدم بين الارتفاع والانخفاض بناءً على الجهد البدني المبذول، حيث ينخفض ضغط الدم أثناء النوم، بينما يرتفع بشكل مؤقت أثناء ممارسة التمارين الرياضية. يُعتبر ضغط الدم منخفضًا عندما يكون الضغط الانقباضي (بالإنجليزية: Systolic) أقل من 90 مليمتر زئبق أو يكون الضغط الانبساطي (بالإنجليزية: Diastolic) أقل من 60 مليمتر زئبق.
أعراض انخفاض ضغط الدم بعد تناول الطعام
تظهر بعض الأعراض على الأشخاص الذين يعانون من انخفاض ضغط الدم بعد تناول الطعام، ومن هذه الأعراض ما يلي:
- الشعور بالغثيان.
- الإرهاق والتعب.
- صعوبة التركيز.
- الشعور بالدوار أو الدوخة.
- الإغماء.
- رؤية ضبابية أو غامضة.
أسباب وعوامل خطر انخفاض ضغط الدم بعد تناول الطعام
بعد تناول الوجبة، يزداد تدفق الدم إلى الأمعاء لهضم الطعام، وللحفاظ على ضغط الدم ضمن المستويات الطبيعية، يقوم الجسم بانقباض الأوعية الدموية في الأجزاء الأخرى وزيادة معدل نبض القلب، ولكن قد لا تحدث هذه الاستجابة بشكل كافٍ لدى كبار السن، مما يؤدي إلى انخفاض الضغط بعد تناول الطعام. في بعض الحالات، قد لا يتمكن الأطباء من تحديد سبب واضح لانخفاض الضغط بعد الأكل، ولكن تم التعرف على بعض عوامل الخطر التي قد تزيد من احتمالية حدوث ذلك، ومن هذه العوامل:
- اضطرابات الجهاز العصبي الذاتي (بالإنجليزية: Autonomic nervous system): وهو المسؤول عن تنظيم العمليات الداخلية في الجسم، ومن بين الأمثلة على الاضطرابات التي قد تؤثر عليه:
- مرض باركنسون (الشلل الرعاش) (بالإنجليزية: Parkinson disease).
- مرض الضمور الجهازي المتعدد (بالإنجليزية: Multiple system atrophy).
- مرض السكري (بالإنجليزية: Diabetes)، حيث يرتبط انخفاض ضغط الدم بعد الطعام بسرعة امتصاص السكر في الجسم.
- ارتفاع ضغط الدم: يمكن أن تؤدي الأدوية المستخدمة لعلاج ارتفاع ضغط الدم إلى زيادة احتمالية انخفاض ضغط الدم بعد تناول الطعام، بسبب فعاليتها العالية في خفض ضغط الدم، مما يؤدي إلى انخفاضه بشكل مفرط.
- مكونات الوجبة: يؤثر نوع الطعام الموجود في الوجبة على مستويات ضغط الدم، فقد وُجد أن الوجبة الغنية بالبروتينات تُعتبر الأقل تأثيرًا على الضغط، بينما تؤثر الوجبة الغنية بالسكريات بشكل أكبر في انخفاضه، حيث يُفسر هذا بأن بعض المواد الكيميائية التي تُفرز في الدم مثل الأنسولين (بالإنجليزية: Insulin) قد تتسبب في تمدد الأوعية الدموية في منطقة البطن وبالتالي انخفاض الضغط.
تشخيص انخفاض ضغط الدم بعد تناول الطعام
تعتبر مراقبة ضغط الدم المحمولة (بالإنجليزية: Ambulatory blood pressure monitoring) واحدة من الوسائل التشخيصية التي تساعد على كشف انخفاض ضغط الدم بعد الأكل. بشكل عام، يتم التعبير عن قيم ضغط الدم برقمين، وهما الضغط الانقباضي والانبساطي. عملية قياس الضغط لتشخيص انخفاض ضغط الدم بعد تناول الطعام تتم وفق الخطوات التالية:
- يُترك الشخص لمدة خمس دقائق ليجري عملية الاسترخاء.
- يتم قياس ضغط الدم أثناء الاستلقاء.
- تُقدم وجبة متنوعة تحتوي على جميع المجموعات الغذائية: بروتينات وكربوهيدرات ودهون.
- تُقاس ضغط الدم على فترات زمنية مختلفة بعد الجلوس، حيث تُقاس القراءات بعد 15، 30، 60، 75، 90، و120 دقيقة من تناول الوجبة، وتُسجل النتائج ليتم مراجعتها من قبل الطبيب.
إذا لاحظ الطبيب أن الضغط الانقباضي قبل تناول الوجبة كان أعلى من 100 مم زئبقي وانخفض بعد تناول الطعام إلى أقل من 90 مم زئبقي خلال ساعتين، أو إذا كان هناك انخفاض قدره 20 مم زئبقي في الضغط الانقباضي خلال ساعتين، فإن ذلك يشير إلى وجود انخفاض في ضغط الدم بعد تناول الطعام. كما يمكن إجراء فحوصات أخرى حسب الحالة، ومنها:
- تحليل اليوريا والكهارل (بالإنجليزية: Urea and electrolytes)، والذي يُستخدم عادةً لتقييم وظائف الكلى.
- تحليل الدم، للكشف عن حالات مثل:
- فقر الدم (بالإنجليزية: Anemia).
- انخفاض مستوى السكر في الدم.
- تشخيص مرض السكري عبر قياس مستوى السكر في الدم (بالإنجليزية: Fasting glucose).
- اختبار الطاولة المائلة (بالإنجليزية: Tilt-table testing)، والذي يُستخدم عمومًا لاكتشاف أسباب الإغماء، وكذلك للكشف عن انخفاض ضغط الدم الانتصابي (بالإنجليزية: Orthostatic hypotension)، وهو انخفاض ضغط الدم عند تغيير وضع الجسم من الاستلقاء إلى الوقوف بشكل مفاجئ.
- تخطيط كهربية القلب (بالإنجليزية: Electrocardiogram)، والذي يبحث عن أي خلل في إيقاع نبض القلب.
- تخطيط صدى القلب (بالإنجليزية: Echocardiogram)، الذي يُساعد في تقييم بنية ووظائف القلب.
- فحوصات أخرى، مثل تحليل الحمل في حالة الشك بوجود حمل.
علاج انخفاض ضغط الدم بعد تناول الطعام
رغم عدم وجود علاج محدد لمشكلة انخفاض ضغط الدم بعد الأكل، إلا أنه يمكن التحكم في الأعراض المرافقة نسبياً لدى معظم الأشخاص المتأثرين من خلال بعض التعديلات والإجراءات اليومية. من بين الأساليب المتبعة:
- تعديل مكونات الوجبات: يمكن إجراء تغييرات على النظام الغذائي مثل:
- تقسيم الوجبات إلى كميات صغيرة تتناول عدة مرات خلال اليوم، مما يساعد على تقليل تدفق الدم إلى منطقة البطن في كل مرة.
- تجنب الوجبات الغنية بالكربوهيدرات سريعة الهضم، مثل الشوكولاتة والمشروبات السكرية والبطاطا والأرز الأبيض والخبز الأبيض.
- زيادة استهلاك الأطعمة بطيئة الهضم، كالحبوب الكاملة والبروتينات والفاصولياء.
- تجنب الكحول: حيث يزيد تناول الكحول من التوسع الوعائي، مما يعيق استجابة الجسم اللازمة لضبط ضغط الدم بعد الأكل.
- العلاجات الدوائية: بعض الأدوية قد تساعد في تخفيف أعراض انخفاض ضغط الدم بعد تناول الطعام. يُرجى التوجه للطبيب لاستشارة حول استخدام أي دواء أو تعديل الجرعة، ومن ضمن هذه الأدوية:
- مضادات الالتهاب اللاستيرويدية (بالإنجليزية: Nonsteroidal anti-inflammatory drugs) قبل الوجبة، لمساعدتها على زيادة حجم الدم عن طريق الحفاظ على الأملاح داخل الجسم.
- استخدام الأكاربوز (بالإنجليزية: Acarbose) والغوار (بالإنجليزية: Guar)، حيث يساعد الأكاربوز في تقليل امتصاص السكر من الأمعاء، بينما الغوار يعمل على تقليل سرعة تفريغ الطعام من المعدة.
- تجنب تناول الأدوية المعالجة لارتفاع ضغط الدم قبل وجبات الطعام.
- إيقاف مدرات البول (بالإنجليزية: Diuretics) بناءً على نصيحة الطبيب، حيث لوحظ أن وقف استخدامها قد يحسن من الأعراض.
- إعطاء حقنة أوكتريوتايد (بالإنجليزية: Octreotide) تحت الجلد قبل الوجبة، حيث يُعتبر هذا العلاج فعالاً ولكن يُستخدم فقط عند فشل العلاجات الأخرى بسبب تكلفته العالية وآثاره الجانبية.
- ارتداء حزام البطن: حيث وُجد أن الجوارب الضاغطة (بالإنجليزية: Compression stockings) قد تفيد في الحد من حالات الدوار والإغماء من خلال تحسين تدفق الدم في الساقين. كما أن ارتداء حزام البطن (بالإنجليزية: Abdominal binder) قد يقلل من تجمع الدم في منطقة البطن.
- ممارسة النشاط البدني: تدعم تمارين مثل المشي تعزيز قوة جدران الأوعية الدموية، مما يقلل من أعراض انخفاض ضغط الدم بعد الطعام، رغم أن الضغط قد ينخفض مرة أخرى بعد توقف ممارسة النشاط.
- إجراءات إضافية:
- الجلوس أو الاستلقاء بعد تناول الوجبة لمدة ساعة أو ساعتين إذا كانت الأعراض شديدة.
- تناول الكافيين، الذي قد يسهم في انقباض الأوعية الدموية، وينبغي تناوله في الصباح قبل الفطور لتجنب أثره على النوم.