الآثار الناتجة عن ارتفاع درجة حرارة كوكب الأرض
ارتفاع درجات الحرارة ومعدلاتها القصوى
تُعتبر الزيادة في متوسط درجات حرارة الأرض من أبرز النتائج المترتبة على ظاهرة الاحترار العالمي. وفقاً للإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي (NOAA)، شهد متوسط درجات الحرارة العالمية ارتفاعاً يبلغ حوالي 0.8 درجة مئوية خلال القرن الماضي فقط. وقد أفادت كلٌ من إدارة NOAA ووكالة الفضاء الأمريكية ناسا بأن عام 2016 كان من بين السنوات الأكثر حرارة منذ بدء تسجيل البيانات في عام 1895، حيث بلغت الزيادة في معدل درجات الحرارة 0.99 درجة مئوية، متجاوزةً بذلك متوسط درجات الحرارة في القرن العشرين بالكامل.
الظواهر المناخية المتطرفة
يظهر نمط جديد من الظواهر الجوية المتطرفة في ظل ارتفاع درجة حرارة الكوكب. يعرف العلماء تطرف هذه الظواهر عندما تختلف بنسبة 90%-95% عن السجلات التاريخية للطقس في منطقة معينة. وتتضمن التأثيرات الناتجة عن هذا الاحترار العالمي ما يلي:
- ارتفاع درجة الحرارة ليلاً، نتيجة الموجات الحرارية القاسية المنتشرة بسبب الاحترار العالمي.
- زيادة معدلات التبخر، ما يرفع تركيز بخار الماء في الغلاف الجوي، مما يؤدي بدوره إلى هطول الأمطار والثلوج بغزارة، ويزيد من مخاطر الجفاف، بما في ذلك زيادة احتمالات احتراق الغابات الجافة.
- احتمالية زيادة حدة الأعاصير نتيجة دفء ورطوبة الغلاف الجوي فوق المحيطات؛ على الرغم من أن تأثير الاحتباس الحراري على تواتر وشدة وحجم وسرعة الأعاصير ما يزال موضوعاً للبحث.
- ارتفاع مستويات سطح البحر، مما يزيد من كمية مياه البحر مع زيادة هطول الأمطار، مما يعزز فرص حدوث فيضانات مدمرة.
ذوبان الجليد
يساهم ارتفاع درجات الحرارة في القطبين الناتج عن الاحترار العالمي في تسريع ذوبان الأنهار الجليدية وتراجعها عن اليابسة، حيث بدأت هذه الظاهرة في أوائل القرن العشرين، بدءَاً من الثورة الصناعية. تشير التوقعات إلى أن أكثر من ثلث الأنهار الجليدية المتبقية قد تختفي بحلول عام 2100. كما تم الإبلاغ عن اختفاء حوالي 95% من الجليد البحري في القطب الشمالي، وهو من أقدم وأسمك الجليد، وإذا استمرت الانبعاثات الناتجة عن النشاط البشري دون رقابة، فقد يصبح القطب الشمالي خالياً من الجليد بحلول صيف عام 2040.
ارتفاع مستويات البحار وتحمض المحيطات
يُعتبر ارتفاع مستويات البحر العالمية تهديداً مباشراً لنحو نصف سكان كوكب الأرض الذين يعيشون في المناطق الساحلية. أوضحت وكالة حماية البيئة أن مستويات البحر ارتفعت عالمياً بحوالي 20.86 سم منذ عام 1870، ومن المتوقع أن تتسارع هذه الزيادة في السنوات المقبلة إذا استمرت الأنشطة البشرية الحالية.
تتعرض المحيطات أيضاً لظاهرة معروفة باسم تحمض المحيطات، والتي تتسبب في زيادة تركيز غاز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي بسبب احتراق الوقود الأحفوري. هذا الغازات تسهم في ارتفاع درجة حرارة المحيطات، حيث تنتمي هذه الظاهرة إلى ما يشبه الحمض الكربوني الناتج عن انحلال ثاني أكسيد الكربون في المياه، مما يؤدي إلى خفض الرقم الهيدروجيني للمياه إلى مستوى حمضي.
أثر الاحترار العالمي على النظام البيئي
حذر تقرير صادر عن الأكاديمية الوطنية للعلوم من التأثير الكبير والمُتسع للاحتباس الحراري على النظام البيئي. فقد أدت الزيادة في درجات الحرارة بالفعل إلى انتقال العديد من الأنظمة النباتية والحيوانية نحو الشمال أو إلى ارتفاعات أعلى من التي كانت فيها. حالياً، تُسجل الأشهر ذات الربيع الباكر للطيور والحشرات المهاجرة إلى موائلها الصيفية قبل أسابيع وأيام مما كانت عليه في القرن العشرين، وفقاً لوكالة حماية البيئة.
وأشار البروفيسور جوزيف فيرن إلى أن الأنظمة البيئية ليست مجرد تحرك للشمال، بل تمتد من خط الاستواء نحو القطبين، حيث تتابع الكائنات الحية درجات الحرارة المناسبة. تتجلى المشكلة عندما يكون معدل تغير المناخ أسرع من قدرة هذه الكائنات على التكيف، مما يؤدي إلى انقراضها بسبب عدم قدرتها على التنافس.
أيضاً، يساهم ارتفاع درجات الحرارة في توسيع نطاق العديد من مسببات الأمراض التي كانت محصورة في السابق في المناطق الاستوائية وشبه الاستوائية، مما يُعَرِّض الأنواع النباتية والحيوانية التي كانت محمية سابقاً لهذه الأمراض. وقد أشار تقرير صدر في عام 2013 في مجلة “طبيعة تغيير المناخ” إلى أنه بحلول عام 2080، من المتوقع أن تتعرض حوالي نصف النباتات وثلث الحيوانات الموجودة للزوال، إلا في حال اتخذ البشر خطوات فورية للحد من هذه التأثيرات.
التأثيرات الاجتماعية للاحتباس الحراري
تتسبب آثار الاحترار العالمي في تأثيرات سلبية على صحة الإنسان ورفاهيته، فالعوامل المؤثرة على البيئة المحيطة بالبشر تؤدي إلى تأثير مباشر على حياتهم وصحتهم. يمكن تلخيص آثار الاحترار العالمي على حياة الإنسان بالشكل التالي:
- الغذاء: نقص متوقع في مصادر الغذاء والماء نتيجة للجفاف وندرة الثروة الحيوانية الناجمة عن التأثيرات المناخية المتطرفة وحرائق الغابات وانخفاض منسوب المياه الجوفية.
- الصحة: يُعدّ الاحترار العالمي مسئولاً عن تفشي العديد من الأمراض؛ حيث أبلغت الجمعية الطبية الأمريكية عن زيادة في الأمراض المزمنة مثل الربو والأمراض المنقولة بواسطة البعوض، بما في ذلك الملاريا وفيروس زيكا، حيث أصبح التغير المناخي عاملاً مهماً في نشر هذه الأمراض.
- الأمن: يؤدي تفشي الجوع الناتج عن الاحترار العالمي إلى اضطرابات في الأسواق الغذائية، مما يسفر عن مجاعات وعدم استقرار سياسي، وفقاً لتحليلات من وزارة الدفاع الأمريكية ومركز وودرو ويلسون الدولي للعلماء.
تعريف ظاهرة الاحترار العالمي
تُعرّف ظاهرة الاحترار العالمي بأنها الارتفاع المتزايد في درجات حرارة سطح الأرض والمحيطات والغلاف الجوي، ويعود هذا الارتفاع إلى الأنشطة البشرية المرتبطة بحرق الوقود الأحفوري، مما ينتج عنه انبعاث غاز ثاني أكسيد الكربون، والميثان، والغازات الدفيئة الأخرى التي تسهم في انحباس الحرارة على كوكب الأرض.