يُعتبر بداية العام الميلادي الجديد من أكثر المناسبات التي يحتفل بها الناس حول العالم، ولكن يتبادر إلى أذهاننا سؤال: هل يجوز للمسلمين الاحتفال بهذه المناسبة؟
سنتناول في مقالنا هذا حكم تهنئة المسلمين بالعام الميلادي الجديد، إذ نلاحظ أنه في السنوات الأخيرة، احتفل كثير من المسلمين بهذه المناسبة، مما يستلزم استكشاف حكم التهنئة بالعام الميلادي الجديد وما إذا كانت تعتبر جائزة أم لا.
حكم التهنئة بالعام الميلادي الجديد
لقد شهدت فترات سابقة احتفال العديد من المسلمين بالعام الميلادي مع المسيحيين، دون معرفة الأحكام المتعلقة بالتهنئة لغير المسلمين. إليكم بعض ما يتعلق بهذا الشأن:
- من المعتاد بين المسلمين الاحتفال بالعام الهجري بدلاً من الميلادي.
- ومع ذلك، يرى الكثيرون أن الاحتفال مع غير المسلمين في هذا اليوم يُعتبر تعبيراً عن الود والمحبة، ولا يُعتقد أن ذلك حرام.
- يُعتبر الاحتفال بالعام الميلادي من عادات غير المسلمين.
- لذا فإن احتفال المسلمين بهذا اليوم يُعد تقليداً لغير المسلمين، مما يشكل فعلاً غير جائز.
- وبناءً عليه، أكّد بعض العلماء أن حكم التهنئة بالعام الميلادي الجديد غير مصرح به.
- على الرغم من ذلك، خرجت مجموعة من العلماء، وخصوصاً في طليعتهم بعض الشيوخ، لتوضيح أن الاحتفال بالعام الميلادي يُعتبر من العادات.
- البعض يعتبرون الأمر عادياً، وفي هذه الحالة، إذا لم يكونوا على علم بعدم جواز التهنئة، فلا يقع عليهم اللوم.
- استناداً إلى التأكيدات من كبار العلماء مثل الخضير وابن باز، في حال قام مسلم بالرد على تهنئة من شخص غير مسلم، فإنه لا يُعتبر حراماً.
- فمن الجيد أن يرد المسلم بعبارات المجاملة مثل “كل عام وأنت بخير”، وذلك كجزء من آداب التعامل.
- ديننا الإسلامي يتسم بالتسامح واحترام الآخرين.
- تحليل بعض العلماء حكم التهنئة بالعام الميلادي الجديد، أظهر أن الاحتفال يُعد جائزاً.
- شرط أن يكون في إطار الفرح والمباركة والسعادة، وليس تقليداً لغير المسلمين، وفي هذه الحالة يكون الأمر غير جائز.
حكم دعاء استقبال السنة الجديدة
تناولنا سابقاً حكم تهنئة المسيحيين وظهور آراء مختلفة حول هذا الموضوع.
لكن خلاصة القول أن موضوع التهنئة بالعام الميلادي الجديد يحمل بعض الشكوك.
لذا يُفضل تجنب الأمور المشتبه بها.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من تشبه بقوم فهو منهم”، وعند التأمل في هذا الحديث.
يتضح أنه عند الاحتفال مع غير المسلمين في أي مناسبة يُعتبر نوعاً من التشبه بهم.
وبما أن العام الميلادي لا يُعتبر عاماً شرعياً في الإسلام، فلا يجوز الاحتفال بما لا يدخل في دائرة الإسلام.
حكم قول “سنة سعيدة”
- لا يُسمح بقول “سنة سعيدة” لهم، إذ تُعتبر من أنواع المشاركة معهم في احتفالاتهم.
- يقول الشيخ ابن العثيمين بأنه طُرح عليه سؤال حول حكم قول “سنة سعيدة” في بداية العام الميلادي.
- وأجابه الشيخ أنه يفضل الامتناع عن ذلك، لأن أحداً من الصحابة لم يفعله على الإطلاق.
- وبناءً عليه، يُعتبر الأمر مشكوكاً فيه، لذا يُفضل الامتناع.
- سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه، بعد استشارة الصحابة، قرر عدم استخدام التقويم الميلادي، تفادياً لتشبيه المسلمين بغير المسلمين.
- ومن هنا بدأت فكرة إنشاء التقويم الهجري عقب هجرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
- قال ابن القيم في كُتبه الشهيرة حول أحكام أهل الذمة:
- إن تهنئة شخص غير مسلم قد تكون سبباً لخروج المسلم من دائرة الإسلام.
- لكن لا يعني ذلك أنه لا يجوز الدعاء لغير المسلمين.
- بل يمكن الدعاء لهم بأمور محببة ومباركة.
أدعية لاستقبال العام الجديد
إذا كان المسلم يرغب في الاحتفال بالعام الجديد باعتباره عامًا آخر تحت رعاية الله، فهناك بعض الأدعية المحببة التي يُستحسن قولها، منها:
- في بداية هذه السنة الجديدة، اللهم علمني ما لا أعلمه.
- وكن معي في كل خطوة، وهب لي من نعمتك وبركاته، فأنت السميع العليم.
- اللهم إني أسألك أن تأخذ بيدي وتنصرني على كل ما يرهقني وتقويني.
- وأستحلفك أطلب منك أن تُكرمني بقدرة الحفظ والتذكر، وارزقني الصحة والعافية.
- اللهم أسألك أن تمن علي من فضلك ونعمتك.
- وأن تحفظ لي أحبتي وترزقهم الصحة والسعادة كما تعودت أن ترزقهم.
- اللهم إني أسألك الهداية في قلبي وعقلي، وأسألك أن تثبتني على دينك الإسلام.
- وعلى صلاتك، ولا تقبض روحي قبل أن أقول الشهادة وأن تكون راضيًا عني.
- اللهم أبعد عني الشيطان ووساوسه، وأبعد عني الكفر والفجور، وباعد بيني وبين أصدقاء السوء.
- اللهم اكفني بحلالك عن حرامك، وارزقني وأهلي الجنة ونعيمها، إنك السميع العليم.
- واللهم أسألك أن تسلم أهلي من كل ما يؤذيهم ومن الوباء والفقر، وأن تغفر لهم، فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت.
- انتشر دعاء معين يُفضل قوله مع نهاية كل صلاة بمناسبة السنة الجديدة.
- لكن العديد من العلماء قد أشادوا بأن هذا الدعاء يعد من البدع وممنوع قوله.
- لأن لا يُوجد له أي أساس في الإسلام.
- لذا يُنصح بتجنبه، حيث أن كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.
مظاهر التهنئة بالعام الميلادي الجديد
تعددت أساليب الاحتفال بالعام الميلادي الجديد، حيث تتنافس بعض الدول والمناطق في تنظيم أفضل احتفالات. من بين مظاهر تهنئة الأقباط بعيد الميلاد نجد:
- تزيين الشوارع بالأضواء المبهجة.
- كما تُقيم بعض الدول الألعاب النارية والمظاهر الاحتفالية في تلك الليلة.
- ويجتمع العديد من الأشخاص لحضور الإطلاق عند الساعة الثانية عشر بعد منتصف الليل.
- تُنظم التجمعات الأسرية في المساء في بعض المناطق.
- حيث تشارك النساء بأجواء من الرقص والأطعمة والمشروبات، وتُعتبر مدينة سيدني من أوائل المدن التي قامت بتنظيم احتفالات رائعة بمناسبة العام الميلادي الجديد.
- يتوجه المسيحيون إلى الكنيسة للاحتفال بداخلها.
- ومع مرور الوقت، بدأت الدول الإسلامية بالمشاركة في هذه الاحتفالات.
- مثل الإمارات العربية المتحدة وتركيا ومصر وفلسطين.
حكم التهنئة بأعياد رأس السنة الميلادية
- تعتبر غالبية الفقهاء في الإسلام أن تهنئة غير المسلمين بأعيادهم، بما في ذلك رأس السنة الميلادية، غير جائزة، استنادًا إلى قاعدة عامة تهدف إلى الفصل بين المسلمين وغير المسلمين في العبادات والمناسبات. يرون أن التهنئة تُعتبر مشاركة في عيد يُعد مخالفًا لعقيدتهم.
تتعدد الأسباب التي تؤدي إلى تحريمه:
- تجنب المشاركة في الأعياد المخالفة: فتقديم التهنئة لغير المسلمين قد يُعتبر كنوع من المشاركة في أعياد دينية قد تتعارض مع العقيدة الإسلامية.
- الأدلة الشرعية: من الأدلة الشرعية، يعتمدها بعض الفقهاء، تتضمن أحاديث تشير إلى عدم جواز مشاركة غير المسلمين في أعيادهم، مثل الحديث النبوي: “من تشبه بقوم فهو منهم” (رواه أبو داود وأحمد).
الأدلة على جواز تهنئة غير المسلمين بأعيادهم
- التعامل الحسن مع غير المسلمين: القرآن الكريم يُحث على التعامل الحسن مع غير المسلمين، كما في قوله تعالى: “لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ” (سورة الممتحنة: 8). يشمل ذلك التعامل برفق واحترام حتى في المناسبات.
- الأحاديث النبوية: لم يُنقل عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه منع من تهنئة غير المسلمين في مناسباتهم، بل كان يُظهر اللطف والرحمة للجميع. يقوم بعض العلماء بربط فكرة التعامل الحسن بالتهنئة في المناسبات.