مقدمة ابن خلدون
تعريف مقدمة ابن خلدون
تُعتبر “المقدمة” كتاباً كتبَه ابن خلدون كتمهيد لعمله الكبير (العبر، وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر، ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر). ومع مرور الزمن، تم اعتبار هذه المقدمة كعمل مستقل يتميز بالطابع الموسوعي الذي يغطي جميع مجالات المعرفة. يشتمل الكتاب على سبعة أجزاء بالإضافة إلى جزء ثامن يتضمن الفهارس. ومن الجدير بالذكر أن مقدمة ابن خلدون، التي تقع في الجزء الأول من العمل، صُنفت كفرع من فروع الفلسفة، حيث لا يمكن دراسة التاريخ بمعزل عن البشر، والتفاعل الاجتماعي، وأنظمة الحكم. بينما تتناول الأبواب الأخرى من الكتاب أخبار العرب منذ بداية الخليقة حتى زمن ابن خلدون، بالإضافة إلى تسليط الضوء على البربر وبلاد الغرب.
منهج ابن خلدون
في مقدّمته الشهيرة، وضّح ابن خلدون علاقة المنطق والعلم، حيث استند إلى العلاقة القوية بين التاريخ والأحداث السياسية والاجتماعية. تعتمد هذه العلاقة على مفهوم السبب والنتيجة، حيث تناولت نظريته المعروفة (المجتمع الريفي والمجتمع الحضري) بعض الخصائص البشرية والاجتماعية. كما أشار إلى أهمية وجود “الحاكم الأعلى” في هذه المجتمعات، مستخدماً مصطلحات (البدو) و(الحضر) للإشارة إلى المجتمع الريفي والحضري، واعتبر أن كلاهما يمتلك عصبية قوية.
وقد شبه ابن خلدون المجتمع بالكائن الحي، حيث اعتبر أن الأفراد تشبه أجزاء الجسم. كما اعتقد أن المجتمع يتكون من الثقافة والأشخاص، وكلاهما قابل للمرض، والموت، والنمو، والشعور بالألم عند تأثر أحد أجزائه. وفي رأيه، فإن المجتمعات التي تفقد العصبية قد تواجه تغيرات محتملة، وقد اعتبر هذه التغيرات عملية دورية تحدث في مراحل زمنية ثابتة، حيث تستمر كل مرحلة ما بين 40 إلى 120 عاماً، وتمتاز كل مرحلة بخصائص ديمغرافية واقتصادية ودينية وسياسية تتعلق بالازدهار والتنمية والاضمحلال.
لقب ابن خلدون
تحتوي استنتاجات ابن خلدون وأبحاثه حول التغيرات الاجتماعية، وفكرته حول العصبية، ومقدمته الشّهيرة على عناصر منحت ابن خلدون لقب “أبو علم الاجتماع.” فقد وضع أسساً لمصطلح العمرانية، وقدم منهجاً علمياً للدراسة. وفي مجلده الأخير المعروف بـ”التصريف”، تناول أحداث حياته مستخدماً المنهج العلمي في كتابته، حيث مزج بين التقليد والتجديد في فن السيرة الذاتية. لقد كان لابن خلدون تأثيرٌ كبيرٌ على مجالات التاريخ، وعلم الاجتماع، والعلوم السياسية، والتعليم، وشهدت كتبه ترجمات إلى العديد من اللغات سواء في الشرق أو الغرب.
أعمال ابن خلدون
يمكن تصنيف الأعمال التي أنجزها ابن خلدون إلى فئات تاريخية ودينية. من ضمن أعماله التاريخية التي استمرت حتى يومنا هذا هو “التاريخ العالمي”. ومع ذلك، فقد فقد عملاً تاريخياً يتعلق بالتيموريين، الذي ذُكر في سيرته الذاتية. أما في الجانب الديني، فإن أحد مؤلفاته المعروفة هو “لُباب المحصّل في أصول الدين” والذي يُعتبر تلخيصًا لقصيدة تتناول أصول الفقه. كما توجد بعض الأعمال التي يُشَك في نسبتها إليه، مثل “المسالك الصوفية” (شفاء السائل).
صفات ابن خلدون
تميز ابن خلدون بصفات متعددة أعطته طابعاً خاصاً، فقد كان رجلاً متقلّباً، محبّاً للظهور والمغامرة السياسية، واثقاً بنفسه، ذكياً، وفطناً. كانت حياته مليئة بالمغامرات والأحداث، حتى أن التاريخ السياسي العربي لم يشهد شخصية مثل ابن خلدون، مما يدل على شهرته الواسعة وأعماله الفريدة.