تاريخ تطور الفقه الإسلامي

مفهوم الفقه

يُشير مصطلح الفقه في معناه العام إلى المعرفة والدراية التي يتم الوصول إليها من خلال التفكير المدروس. غالبًا ما يرتبط هذا المفهوم بالجوانب الدينية، وبالأخص بأحكام الشريعة الإسلامية. بعبارة أخرى، يُعتبر الفقه مجالًا أو علمًا يُعنى بدراسة الأحكام الشرعية المتعلقة بالتصرفات والأفعال التي يقوم بها الإنسان. في هذا المقال، سنتناول تاريخ الفقه من حيث تعريفه الاصطلاحي والعملي وأصوله وفروعه.

يدل مصطلح “الفقه” في اللغة العربية على العلم والإحاطة بشيء ما من حيث الفهم والإدراك. وقد ارتبط الفقه ارتباطًا وثيقًا بالدين، مما جعله يعكس المعرفة المتعلقة بالأحكام الشرعية. كما أشار ابن منظور إلى هذه القضية بقوله “غلب على علم الدين لسيادته وشرفه وفضله على سائر أنواع العلم”، مما يُبرز المكانة الرفيعة التي يحتلها الفقه من بين العلوم. يشمل الفقه كل أنواع العلوم الشرعية التي تم التوصل إليها عبر دراسات منهجية خلال مراحل متعددة أسست للمدارس الفقهية، والتي تشمل فروع الفقه وأصوله والقواعد العامة.

نشأة الفقه وتطوره

يعبر علم الفقه في الإسلام عن الأحكام الشرعية المستندة إلى أدلة تفصيلية يتم استنباطها من خلال الاجتهاد. ووفقًا لقول الشيرازي “إنّ معرفة الأحكام الشرعية دليلها الاجتهاد”، يشتمل هذا العلم على أصول الدين وفروعه، إلا أن التطبيق الأكثر شيوعًا كان على الفروع. يُعرف الفقيه في الشريعة الإسلامية بأنه الشخص المتخصص في أحكام الشريعة وأصولها، ومن الضروري أن يكون واسع المعرفة وقوي الرأي، قادرًا على تقديم الأدلة القاطعة لإثبات صحة الأحكام الشرعية، والسعي لبحث أعمق لتفاصيل الأحكام.

ترجع جذور الفقه الإسلامي إلى بداية دعوة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، حيث شهد تطور الفقه مراحل عدة منذ عصر النبوة. ومنذ أن نزل الوحي على النبي، أضحى الفقه يشمل كل ما نزل من أحكام سواء في القرآن الكريم أو السنة النبوية، بالإضافة إلى ما اجتهد النبي في تفسيره. وقد تحددت مصادر التشريع في تلك الفترة في الوحي المنزّل عن طريق جبريل عليه السلام، ليبدأ بعد ذلك تطور الفقه في سنوات متعاقبة.

العصر النبوي

توجّهات الدين اكتملت في هذا العصر مع نزول الوحي حيث جاء في قوله تعالى (وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آَيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا). وقد تم تفسير هذه الآية على أنها تشير إلى مسؤولية الصحابة في حفظ ما أنزل الله إلى النبي وفهمه وتعليمه، بجانب العمل على كتابة وتدوين القرآن والأحاديث النبوية.

عصر الصحابة

بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، وبتوقف نزول الأحكام، دخلت الأمة فترة جديدة تُعرف بعصر الصحابة. وقد تميّز الفقه في هذا العصر بشكل كبير، حيث أصبح الصحابة، الذين تلقوا علم الدين أثناء حياة النبي، مرجعاً رئيسياً لمختلف المسلمين. تضمن هذا العصر العديد من الفقهاء المعروفين مثل الخلفاء الأربعة وأمهات المؤمنين، واستمرت هذه الفترة من عام 11 إلى عام 40 هجرية، تلتها فترة صغار الصحابة وما تلاهم من التابعين.

Scroll to Top