حديث نبوي شريف يتناول فضل الوطن وأهميته

تتردد على مسامعنا مقولة “حب الوطن من الإيمان” التي ينادي بها المناضلون في مختلف أنحاء العالم، لتكون حجة قوية على أن الأديان السماوية تدعو إلى حب الوطن والدفاع عنه كجزء أساسي من رسالتها.

في هذا السياق، هناك أحاديث نبوية شريفة نقلت عن سيد الخلق، محمد صلى الله عليه وسلم، تعكس مدى حبه العميق لوطنه وحنينه إليه رغم ما عاناه من أذى.

حديث نبوي حول الرقية بتراب الوطن

  • ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في صحيح مسلم من حديث عائشة رضي الله عنها أنه كان يرقي مرضاه قائلاً: (باسم الله تربة أرضنا بريقه بعضنا يشفي سقيمنا بإذن ربنا).
    • كان النبي يضع سبابته في فمه ثم يغمسها في تراب الأرض، ويطبقها على موضع الألم أو الجرح ويقول: “باسم الله تربة أرضنا بريقه بعضنا يشفي سقيمنا بإذن ربنا”.
    • وقد فسر العديد من العلماء توظيف النبي لتراب الأرض على أنه يعكس قدسيته وتأثيره المحتمل على صحة المريض، حيث أكد الأطباء القدامى أيضاً على وجود علاقة بين تراب الوطن وجسم الإنسان.

حديث نبوي عن حب الرسول لمكة المكرمة

  • مكة المكرمة كانت موطن رسول الله، ولم يغادرها إلا مضطراً بسبب ظلم قومه له.
    • عانى من الأذى، بما في ذلك المقاطعة التجارية والأذى الجسدي والمعنوي، وعلى الجميع أن يخلص لوطنه مثلما فعل النبي.
  • عند مغادرته مكة إلى المدينة، استدار مخاطباً مكة وكان وكأنها أحد أصدقائه الذين يودعهم بقلب مجروح. وقد روي عن عبد الله بن عباس رضي الله عنه أن النبي قال:
  • (ما أطيبكِ من بلد وأحبَّكِ إليَّ! ولولا أن قومي أخرجوني منكِ ما سكنت غيركِ) (رواه الترمذي الحديث رقم 3926 ص 880).
    • وفي رواية أخرى: (والله إني أعلم أنك خير أرض الله وأحبها إلى الله، ولولا أن أهلك أخرجوني منك ما خرجتُ)
  • هذا الحديث الشريف يدل على حب النبي الشديد لوطنه ومكانته في قلبه، حتى أنه لم يفكر في الاستبدال به مكاناً آخر برغبته المطلقة.

حديث نبوي عن شوق الرسول لمكة

  • حالما وصل النبي إلى المدينة، عرف أهلها بسرعة، لكنه بدأ يشتهي وطنه، فدعا الله كما في صحيحين: (اللهم حبب إلينا المدينة كحبنا مكة أو أشد) (رواه البخاري برقم 4-99).
  • وفي رواية مسلم قال النبي: (اللهم بارك لنا في تمرنا، وبارك لنا في مدينتنا، وبارك لنا في صاعِنا، وبارك لنا في مُدِّنا، اللهم إني عبدك ونبيك، وإنه دعاك لمكة، وأنا أدعوك للمدينة بمثل ما دعا لمكة).
  • يثبت هذا أنه يصعب عليه محبة أي مكان آخر مثل محبته لمكة، حتى مع تعرّضه للأذى من قومه.
    • دعا الله أن يبارك المدينة وأهلها لما يجد فيهم من الطيب والخير.
    • وأراد أن يسجل حب المدينة في قلبه بشكل مشابه لحبه لمكة.
  • كما أشار الإمام الذهبي إلى محاسن الرسول الكريم، مشيداً بحبه العظيم لوطنه ومدينته بشكل خاص، مستذكراً العواطف التي كانت مرتبطة به كحب عائشة رضي الله عنها وأرضاها، بالإضافة إلى محبته لأبو بكر الصديق.
  • ومن أنس رضي الله عنه -عن النبي-: (اللهم اجعل بالمدينة ضِعْفي ما جعلت بمكة من البركة) رواه البخاري، ما يدل على أن مكة بقيت محفورة في ذاكرته رغم كل ما مر به من آلام.

حديث النبي عن الغربة والابتعاد عن الأوطان

لقد وصف رسول الله الغربة بعيداً عن الوطن بالعذاب والشقاء الذي لا يختفي سوى بالعودة إلى الوطن. عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال النبي صلى الله عليه وسلم:

  • (السفر قطعة من العذاب يمنع أحدكم طعامه وشرابه ونومه، فإذا قضى نهمته فليعجل إلى أهله).
    • هذا الحديث رواه مالك والطبراني والدراقطني وأحمد في مسنده والحاكم.
  • من هنا يتضح أن رسول الله كان يشير إلى أهمية الحنين للوطن، مشيراً إلى أن الابتعاد عن المواطن يمنعك من الاستمتاع بما تجده في سفرك.
  • علاوة على ذلك، كان النبي صلى الله عليه وسلم كلما سافر واقترب من مكة، يظهر شوقه إليها. وقد روى أنس بن مالك رضي الله عنه أنه “كان رسول الله إذا قدم من سفرٍ، فأبصر درجات المدينة، أوضع ناقتَه – أي أسرع بها” ما أخرجه البخاري.

أحاديث عن عودة الرسول إلى وطنه وشوقه إليه

  • بعد هجرتها إلى المدينة لنشر الدعوة، واجه النبي صلى الله عليه وسلم الأذى، لكن في السنة الثامنة للهجرة، دخل مكة مهللاً ومكبراً حامداً لله، وكان يشعر بالنصر.
    • أطفأ هذا اللقاء حنينه لوطنه، بل صافح جميع من آذاه من المشركين وقال في حديثه الشريف،
    • (والله ما أقول لكم إلا كما قال يوسف لإخوته. لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين. اذهبوا فأنتم الطلقاء).
    • بهذا انتصر الله عليه بفتح بلدته المحبوبة.

أخلاقيات الصحابة والتابعين تجاه أوطانهم

  • كذلك عانى الصحابة الكرام من الأذى والاضطهاد في ديارهم، مما جعلهم يتركون مكة المكرمة مكرهين.
    • ورغم هذا، فضل الصحابة نشر الدعوة واتباع أوامر النبي على مصالحهم الشخصية.
  • بعضهم هاجر إلى الحبشة بينما فضل آخرون الهجرة إلى المدينة لنصرة الدين والابتعاد عن المصاعب التي واجهتهم.
  • وفي الختام، كانت هجرة الرسول واشتياقه لوطنه درساً للمسلمين لواجباتهم تجاه أوطانهم.
    • سيرة النبي بأحداثها وتصرفاته تعلّمنا أهمية حب الأوطان واحترامها.
    • ولم يوجه الرسول أي أذى لوطنه بل دعا دوماً إلى تعميره.
    • روى أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله قال: (إذا قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فليغرسها)، مما يعني أهمية الاستمرار في بناء الوطن حتى قيام الساعة.
Scroll to Top