حكم شهادات الاستثمار التي تقدم عائدًا متغيرًا وثابتًا

تعتبر شهادة الاستثمار وثيقة رسمية تثبت حقوق الأفراد الذين يقومون بإيداع مبالغ مالية في البنوك. في هذا المقال، سنستعرض مشروعية العوائد الناتجة عن هذه الشهادات، سواء كانت العوائد ثابتة أو متغيرة.

مفهوم شهادات الاستثمار

تمتلك دار الإفتاء رأيًا محددًا بشأن شهادات الاستثمار بشكل عام. فأثناء إيداع الأموال في البنوك وتحقيق العوائد من هذا الإيداع، فإن ذلك يُعتبر حلالاً شرعًا بشرط أن لا تكون العوائد ثابتة، حيث تُعتبر هذه العمليات من أشكال التمويل والاستثمار.

عند استفسار دار الإفتاء عن حكم الشريعة في شهادات الاستثمار، كان الرد أنه عند إيداع الفرد لمبلغه المالي في البنك، فهو يساهم بشكل غير مباشر في تمويل المشاريع التي يديرها البنك. وبالتالي، يحق للفرد الحصول على جزء من أرباح هذه المشاريع، وهو أمر مشروع له.

وتُدفع تلك الأرباح للمودع بصيغة فوائد، مما يجعل حكم شهادات الاستثمار جائزًا، ويحق للفرد الاستفادة منها وفقًا لما يراه مناسبًا.

أنواع عائدات شهادات الاستثمار

تنقسم شهادات الاستثمار إلى نوعين، وهنا سنوضح كلا النوعين:

حكم شهادات الاستثمار ذات العائد المتغير

تمثل شهادات العائد المتغير استثمارًا يحمل في طياته ربحًا غير مضمون، حيث يحصل المستثمر على نسبة من الأرباح فقط في حال تحقيق المشروع لنجاح. لا ضمان للحصول على أرباح ثابتة، وهو ما تم الاتفاق عليه من قبل جميع علماء الدين، مما يجعل التمتع بأرباح هذه الشهادات جائزًا.

حكم شهادات الاستثمار ذات العائد الثابت

بالنسبة لشهادات الاستثمار ذات العائد الثابت والمضمون، فإنها تُعتبر محرمة شرعًا. عندما يقوم الشخص بإيداع مبلغ مالي في البنك مع ضمان استرداد المبلغ بالكامل مع إضافة فوائد طوال فترة الإيداع، يُعد ذلك نوعًا من الربا، والذي هو محرم بشكل قاطع.

وقد أكد الله تعالى في آية الكرسي بسورة البقرة: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ”، صدق الله العظيم.

أنواع شهادات الاستثمار وأحكامها الشرعية

تتنوع شهادات الاستثمار وتختلف عما يميز كل نوع عن الآخر. فيما يلي تفاصيل تلك الأنواع:

شهادات ذات قيمة متزايدة

تُعتبر شهادات الاستثمار التي تأتي بمدة ثابتة قدرها عشر سنوات من الأنواع التي تزداد قيمتها. تُصدر أرباحها كل ستة أشهر، إلا أن حاملي تلك الشهادات لا يتلقون الفوائد فور صدورها. بل تُجمع الأرباح وتُضاف بشكل دوري إلى قيمة الشهادة الأصلية. يمكن للعملاء اختيار الاستفادة من هذه الأرباح بعد مرور نصف مدة الشهادة، أي بعد خمسة أعوام. إذا فضل العميل الاحتفاظ بالفوائد حتى نهاية المدة، فإن الأرباح ستكون أكبر بفضل الفوائد المركبة.

شهادات ذات قيمة ثابتة

تُعد هذه الشهادات، التي تُحدد أيضًا بمدة عشر سنوات، أكثر استقرارًا. يتم تلقي الأرباح المستحقة كل ستة أشهر، ولا يتغير المبلغ الأساسي حتى انتهاء المدة.

شهادات الجوائز

تمثل شهادات الجوائز نوعًا من الشهادات الاستثمارية ذات القيمة المنخفضة، وتمنح الفائزين جوائز. يلجأ العديد من الأفراد إلى هذه الشهادات بسبب قلة المدخرات الخاصة بهم. تختلف هذه الشهادات عن الأنواع الأخرى، حيث يتم السحب عليها كل ثلاثة أشهر بطريقة عشوائية، وتتم الإعلان عن الفائزين عبر الصحف ووسائل التواصل الاجتماعي. يعتبر الحكم الشرعي على هذا النوع من الشهادات حرامًا بشكل قاطع، إذ تُعد من المسابقة القمارية وتشتبه في الربا.

التشابه بين شهادات الاستثمار والقروض

تشبه شهادات الاستثمار في الكثير من النواحي القروض، حيث يتم الإقراض للأموال مع زيادة في القيمة المدفوعة لاحقًا، مما يُعتبر ربا. لذلك، فإن شهادات الاستثمار ذات العوائد المتغيرة أو الثابتة تمثل نفس الفكرة، مما يجعلها محظورة.

ومع ذلك، هناك من يرون أنها استثمار بين طرفين، حيث يستثمر العملاء في البنك ويدعم البنك المشاريع، ليكون كلا الطرفين شريكين في الأرباح دون أن تتجاوز الشهادات أي حدود شرعية. ويجب أن تكون الأرباح غير محددة، وهذا هو الشرط الذي اتفق عليه معظم رجال الدين. كما يوجد بنوك إسلامية تخضع لرقابة شرعية.

إن الحكم النهائي على شهادات الاستثمار يعتمد على مدى قدرة البنوك في الالتزام بالأحكام الشرعية والتأكد من خلو المشاريع من أي فساد أو ممارسات تتعارض مع المعايير الدينية والأخلاقية، إذ أن وجود أي شبهة في فساد المشروع قد يجعل الأرباح منها مشكوكًا في شرعيتها.

تباين الآراء حول حكم شهادات الاستثمار

تباينت آراء بعض العلماء ورجال الدين حول حكم شهادات الاستثمار، سواء ذات العائد الثابت أو المتغير، ما بين حلال وحرام. وفيما يلي أبرز آراء العلماء:

رأي الشيخ محمد وسام

قال أمين الفتوى الشيخ محمد وسام إن التعاملات البنكية ليست محرمة ولا يوجد بها أي شك في كونها ربا. من وجهة نظره، أن وجود البنوك ضروري لمنع الربا من خلال إنفاق الزكاة على العوائد المحصلة من شهادات الاستثمار.

رأي الشيخ عويضة عثمان

اتفق الشيخ عويضة عثمان مع الشيخ محمد وسام، مبيحًا إنفاق الزكاة من الأرباح الناتجة عن شهادات الاستثمار، مؤكدًا على أن هذه الشهادات حلال، ويحق لجميع الأفراد الاستفادة منها.

رأي الداعية مبروك عطية

أشار الداعية الإسلامي الشيخ مبروك عطية إلى عدم اقتراب عوائد شهادات الاستثمار من الحرام، مؤكدا أنها ليست مرتبطة بالربا، حيث أن الربا متعلق بنية القلب، بينما شهادات الاستثمار لا تأخذ هذا المعنى.

رأي الدكتور محمود شلبي

صرّح الأستاذ الدكتور محمود شلبي بأن وضع المدخرات المالية في البنوك حلال شرعًا، بما في ذلك شهادات الاستثمار بنوعيها الثابت والمتغير، أو الحسابات الجارية، أو الودائع المالية. وسمح أيضًا بالاستفادة من العوائد الربحية.

رأي دار الإفتاء المصرية

في ضوء ما سبق، فقد كان لرأي دار الإفتاء المصرية موقفًا واضحًا يتفق عليه علماء الدين، حيث أكدوا على شرعية الفوائد والأرباح من شهادات الاستثمار، واعتبرت العوائد الناتجة عنها حلال شرعًا.

أسئلة شائعة حول حكم شهادات الاستثمار

Scroll to Top