لقد أقر الله سبحانه وتعالى الزواج كعلاقة شرعية وأباح للزوج معاشرة زوجته في الفرج، مع ما يرتبط بهذا الأمر من ثواب وأجر عظيم. ولكن، هل يجوز للزوج معاشرة زوجته من الخلف برضاها؟ دعونا نبحث في حكم ذلك.
حكم معاشرة الزوجة من الخلف برضاها
كثير من الناس يتساءلون عن حكم معاشرة الزوجة من الخلف برضاها، وإليكم التوضيح:
- لقد حرم الله عز وجل على الرجل مجامعة زوجته من الدبر بشكل قاطع، سواء كان برضاها أو بغير رضاها. وقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ملعون من أتى امرأته من دبرها).
- يعتبر هذا الفعل من الكبائر التي نهى عنها الله سبحانه وتعالى، والدليل هو قول النبي صلى الله عليه وسلم: (من أتى كاهناً فصدقه بما يقول أو أتى امرأة حائضا أو أتى امرأة في دبرها فقد برئ مما أنزل الله على محمد).
- الإمام ابن تيمية كان له رأي في أن الزوجين إذا اتفقا على ممارسة هذا الأمر يجب أن يُعاقبا. وإذا لم يتبنا ذلك، يجب التفريق بينهما، والله أعلم.
- قد اتفق علماء المسلمين على أن معاشرة الزوجة من الخلف بالرضا تُعتبر نوعاً من اللواط الأصغر، مما يحرم على الزواج ارتكاب هذه الفاحشة.
الحكمة من تحريم معاشرة الزوجة من الخلف
بعد التطرق إلى حكم معاشرة الزوجة من الخلف برضاها، نوضح الحكمة وراء تحريم الله سبحانه وتعالى لها فيما يلي:
- إن منطقة الدبر غير مهيئة للمعاشرة الزوجية، حيث أن الله سبحانه وتعالى قد خصص منطقة الفرج لهذه الغاية. والزوج الذي يتجه نحو الدبر مطرود من رحمة الله.
- كما أن معاشرة الزوجة من الدبر تؤدي إلى انقطاع نسل الإنسان، وهو ما يتعارض مع المقصد الأساسي من الزواج. بالإضافة إلى أن الجماع من الخلف يعد مدخلاً نحو ارتكاب أفعال قوم لوط.
- كذلك، للزوجة حق الاستمتاع خلال العلاقة الزوجية، والجماع من الدبر يُفقدها هذا الحق.
- علاوة على ذلك، فإن المعاشرة من الخلف قد تسبب أضراراً صحية للزوج، كما أنها لا تخدم الغرض من إخراج الماء المحتقن في جسمه.
حكم معاشرة الزوجة من الخلف مع استعمال الواقي الذكري
- كافة النصوص والنصائح النبوية المتعلقة بهذا الأمر تؤكد على حرمة معاشرة الزوجة من الخلف، سواء كان الإيلاج بدون حائل أو باستخدام الواقي الذكري.
- لذا، يحظر على الزوج ممارسة الجماع من الدبر سواء استخدم الواقي الذكري أم لا، لأن حكم التحريم لا يتوقف على كون تلك المنطقة مكاناً للقاذورات، بل هناك حكم أخرى لا يعلمها إلا الله.
الحكم الشرعي لمجامعة الزوجة من الخلف بدون قصد
بعد استعراض آراء الأئمة حول حكم معاشرة الزوجة من الخلف برضاها، نتناول الآن حكم إتيان الزوج لزوجته من الخلف دون قصد:
- أوضح رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الشخص الذي يرتكب معصية دون قصد أو عمد لا يحمل إثمًا.
- مما يدل على ذلك حديث عبد الله ابن عباس رضي الله عنه حيث قال: (إن الله تعالى وضع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه).
- بناءً على هذا، اتفق العلماء على أنه ليس على الزوج الذي أتى زوجته من دبرها بدون قصد أو عمد أي إثم، بذات الوقت يتحمل الذنب من يقصد ذلك.
- وقد قال تعالى: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ ولكن مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ ۚ وَكَانَ اللهُ غَفُورًا رَّحِيمًا}
- لذا، يجب على الزوجة رفض هذا الفعل وعدم طاعة زوجها. وإذا استمر في ذلك، يتعين عليها التوجه للمحكمة للفصل بينهما.
يمكنكم أيضًا معرفة:
هل يحرم على الزوج إتيان زوجته في دبرها؟
يتساءل بعض الأزواج عن حكم معاشرة الزوجة في القبل من الخلف. وإليكم الإجابة الشرعية:
- يشير الدين الإسلامي إلى أن القبل هو المكان المصرح به للجماع، مما يمنع المعاشرة من أي منطقة أخرى.
- لذا، أجازت الشريعة الإسلامية للزوج أن يطأ زوجته من أي جهة أرادها، شرط أن يكون الوطء في منطقة الحرث.
- كما ورد عن محمد بن المنكدر، الذي قال: (سمعت جابراً رضي الله عنه يقول: “كانت اليهود تقول: إذا جامعها من ورائها جاء الولد أحول. فنزلت: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أنَّى شِئْتُمْ}).
- لذا، يعني ذلك أنه يُستحسن للزوج معاشرة الزوجة في الفرج من أي جهة شاء، والله أعلم.
هل معاشرة الزوجة من الخلف تعد طلاقاً؟
استناداً إلى حكم معاشرة الزوجة من الخلف برضاها، نقدم لكم إجابة هذا السؤال:
- اتفق علماء الأمة الإسلامية على أن معاشرة الزوجة من الخلف تُعتبر من الكبائر، مستندين في ذلك إلى العديد من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية المجرمة لهذا الفعل.
- ومع ذلك، لم يرد في الشريعة نص صريح يبين أن معاشرة الرجل لزوجته في الدبر تعتبر طلاقاً.
- لكن ينبغي على الزوجين الامتناع عن هذا الفعل والابتعاد عنه، والحرص على التوبة إلى الله.