ما هي الأفلاطونية المحدثة؟
تُعرف الأفلاطونية المحدثة بأنها أحدث مدرسة من مدارس الفلسفة اليونانية، حيث ظهرت في شكلها النهائي في القرن الثالث الميلادي على يد الفيلسوف العظيم أفلاطين، الذي يُعتبر مؤسس هذه المدرسة. وقد أطلق الفلاسفة القدماء على أنفسهم لقب “الأفلاطونيين”، حيث تبنوا آراء أفلاطون، التي رسخوها كنظام فلسفي إيجابي، وهو ما فعله أيضًا فلاسفة عصر النهضة والقرن السابع عشر الذين استندوا إلى الأفلاطونية الحديثة.
مع تراجع الأفكار المادية مثل الأبيقورية والرواقية، انتشرت الأفلاطونية المحدثة كأيديولوجية فلسفية رئيسية في تلك الفترة. إذ قدمت رؤية شاملة للكون ودور الفرد في الحياة. لم يكن الفلاسفة المتأخرون مشغولين بإحياء نصوص أفلاطون فحسب، بل عرفوا بأنفسهم على أنهم أفلاطونيون، حيث تم تصنيفهم كجزء من الأفلاطونية الجديدة.
استوعب هؤلاء الفلاسفة ونسقوا تقريبًا كافة جوانب التقليد الإغريقي في الفلسفة والدين والأدب، مما أدى إلى تشكيل نظام فكري أثرى الثقافة الفكرية. وقد ساهموا في دمج الأفكار العلمية والأخلاقية لأفلاطون وأرسطو مع المفاهيم الأدبية والدينية، مما أتاح للأفلاطونيين الجدد تقديم نوع من الخطاب المتفوق الذي يلخص الفكر الإنساني على مدار قرون.
أثر الأفلاطونية المحدثة على العقائد الدينية
كان للمبادئ الأساسية للأفلاطونية المحدثة تأثير كبير في تشكيل أفكار القديس أوغسطينوس هيبو فيما يتعلق بالعقيدة المسيحية، رغم أنه قرر في النهاية التخلي عن الأفلاطونية لصالح فهم أكثر استنادًا للكتاب المقدس. أثبتت الأفلاطونية أيضًا تأثيرها على المذاهب الأرثوذكسية الشرقية والغربية، وفي العصور الوسطى، تركت أثرًا على شخصيات مثل سليمان بن جابيرول، والقبالي إسحق المكفوف، بالإضافة إلى فلاسفة إسلاميين مثل الفارابي، وابن سينا، وابن ميمون.
أفلوطين: مؤسس الأفلاطونية المحدثة
يُعتبر الفيلسوف المصري أفلوطين هو المؤسس للأفلاطونية المحدثة. حيث بدأ بتطوير أفكاره في الإسكندرية ثم انتقل لاحقًا إلى روما. وقد تأثر بتعاليم الفلسفة اليونانية الكلاسيكية بالإضافة إلى الفلسفات الفارسية والهندية، واللاهوت المصري. وعلى الرغم من أن هدفه الأساسي كان الحفاظ على تراث أفلاطون وسقراط، إلا أنه نجح في دمج الأفلاطونية مع العناصر الصوفية الشرقية بفاعلية.