دراسة عن ظاهرة الأمية وأسبابها وتأثيراتها

ما هي الأمية؟

تعتبر الأمية حالة عجز عن القراءة أو الكتابة، وأحياناً يستخدم ذات المصطلح للإشارة إلى الأفراد الذين لم يتلقوا تعليماً كافياً أو لم يتعلموا بشكل كامل. ومع ذلك، يُعتبر هذا التعريف من قبل العديد من الخبراء غير دقيق، حيث يفضلون استخدام مصطلحات أقل انحيازاً. لذا، يُشار إلى الأفراد والمجتمعات التي تفتقر إلى مهارات القراءة والكتابة بمصطلح “غير المتعلمين”. في العصور اللاتينية والكلاسيكية اليونانية، تم استخدام مصطلح الأمية بشكل يشير إلى الأشخاص الذين لا يقرأون الكتب أو لا ينضمّون إلى مسارات التعليم الحر، رغم أنهم قد يكونون متمكنين من القراءة والكتابة بلغاتهم المحكية.

تاريخ مفهوم الأمية

في عام 1948، تم الاعتراف بمجموعة مهارات القراءة والكتابة والحساب كجزء أساسي من حقوق الإنسان والإنجازات الشخصية. حينها، كانت تقارير الإحصاءات الوطنية تُستخدم لقياس مستوى الأمية من خلال إجابات الأفراد حول قدرتهم على القراءة والكتابة.

في عام 1958، عُقد المؤتمر العام لليونسكو في باريس، والذي تم فيه تعريف الأمية كعدم القدرة على القراءة والكتابة، بحيث يصبح الفرد غير قادر على التعريف عن نفسه أو كتابة معلومات بسيطة عنه. أصبح هذا التعريف مؤشراً رئيسياً يستخدم في الإحصاءات الوطنية لقياس الأمية.

خلال النصف الثاني من القرن العشرين، بدأ مفهوم الأمية في التطور، حيث تزامن ذلك مع انتشار التعليم الرسمي وتزايد حملات محو الأمية. وبحلول منتصف الستينيات، أصبح تركيز حملات محو الأمية أكثر تحديدًا وتعقيدًا، مع توجه نحو تعزيز المهارات الأساسية اللازمة للاندماج الفعّال في الحياة الاجتماعية والإنتاجية.

محو الأمية الوظيفية

لاحظ الخبراء وجود علاقة قوية بين محو الأمية والتنمية الاقتصادية، مما أدى إلى ظهور مفهوم “محو الأمية الوظيفية”، الذي تم تعريفه في عام 1965 خلال المؤتمر العالمي لوزراء التربية والتعليم في طهران. تشير محو الأمية الوظيفية إلى القدرة اللازمة للأفراد لأداء عدة أدوار في المجتمع، بما في ذلك المواطنين والآباء والعمال، مما يساهم في تحسين الإنتاجية.

أصبح مفهوم محو الأمية الوظيفية عنصرًا رئيسيًا في البرنامج التجريبي العالمي لمحو الأمية (EWLP)، الذي نتج عن المؤتمر العام لليونسكو عام 1966، حيث ركز البرنامج على اكتساب المهارات الأساسية عبر الخبرة والتعلم الموجه نحو العمل، وارتبطت برامج محو الأمية خلال هذه الفترة بتحفيز السكان والمبادرات الاقتصادية.

أسباب تفشي الأمية

هناك عدة عوامل تسهم في انتشار الأمية، منها ما يلي:

  • الفقر.
  • التحيز والنظرة الذكورية، حيث تشير الإحصائيات إلى أن 17% من البالغين في العالم أميّون، وثلاثة أرباعهم من النساء.
  • طبيعة الأسرة وتعليم الأمهات؛ فالأمهات المتعلمات غالباً ما يكن أكثر حماساً لإرسال أطفالهن إلى المدرسة ومكافحة الأمية.
  • محدودية الموارد المتاحة.
  • المعايير والأعراف الاجتماعية.
  • الاكتظاظ السكاني.
  • نقص المعلمين المدربين.

تأثيرات الأمية

تأثيرات الأمية على الأفراد

تؤثر الأمية على الأفراد بطرق متعددة، ومن أهم آثارها ما يلي:

  • صعوبة الوصول إلى المعلومات وفهمها.
  • ارتفاع معدلات البطالة؛ حيث يكون معدل البطالة لدى الأفراد ذوي التعليم المحدود أعلى بمعدل مرتين إلى أربع مرات مقارنة بالمتعلمين.
  • انخفاض الدخل والعيش في ظروف مالية هشة.
  • محدودية الفرص الوظيفية.
  • صعوبة الحصول على فرص التعليم والتطوير المهني.
  • شعور الأفراد بانخفاض احترام الذات، مما قد يؤدي إلى انزوائهم عن المجتمع.
  • تأثيرات سلبية على الصحة بسبب سوء استخدام الأدوية نتيجة صعوبة قراءة المعلومات الطبية.
  • زيادة حوادث العمل لمحدودي القدرات على قراءة تعليمات السلامة.
  • انخفاض الاهتمام بالتعليم، مما يؤدي إلى انتقال الأمية بين الأجيال.

تأثيرات الأمية على المجتمع

تتجلى آثار الأمية على المجتمعات في النقاط التالية:

  • تأخر التنمية الوطنية؛ إذ تؤدي الأمية المتزايدة إلى زيادة الشواغر الوظيفية ونقص العاملين المدربين.
  • تراجع النمو في الناتج المحلي الإجمالي على المدى الطويل كلما زادت نسبة الأمية.
  • انخفاض مستوى المشاركة المجتمعية، حيث يجد الأميون صعوبات في فهم القضايا المجتمعية.
  • تقلص مشاركة الأفراد في الحوار الاجتماعي والسياسي بسبب نقص الأدوات الأساسية اللازمة لذلك.

توصيات لمكافحة الأمية

يمكن اتباع عدة توصيات لمكافحة الأمية بفعالية، منها ما يلي:

  • تصميم برامج تعليمية لمحو أمية الآباء والبالغين، مرفقة بحملات توعية للتأكيد على أهمية التعليم.
  • دعّم الأطفال المعرضين لخطر الأمية، وتوفير الاستراتيجيات اللازمة للحفاظ عليهم في المدارس.
  • توفير التمويل اللازم وتحديث برامج محو الأمية بشكل دوري، مع التركيز على تدريب المعلمين وتزويد المدارس بالموارد.
  • إدماج النساء والفتيات في برامج محو الأمية، إذ أن استهداف النساء يعتبر خطوة فعالة لتعزيز التنمية.
  • إطلاق حملات عالمية توعوية لمحو الأمية، لتشجيع الابتكار ودعم التعليم.
  • تطوير خطط إقليمية تعاونية لمحاربة الأمية بمشاركة جميع الدول.

الأمية وعلاقتها بالإنترنت

يميل الشباب والمراهقون عادةً إلى تسجيل نتائج ضعيفة في اختبارات القراءة، ويتم اعتبار الانغماس في الإنترنت كأحد الأسباب الرئيسة لذلك، حيث يساهم في تقليل القراءة وتركيز الانتباه. ومن الجدير بالذكر أن هناك وجهة نظر أخرى ترى في الإنترنت موارد غنية تساهم في إثراء القراءة، وتقديم أشكال جديدة من القراءة التي يجب أن يتم تقييمها من قبل المدارس والمجتمع.

Scroll to Top