الدولة الفاطمية في الجزائر
تأسست الدولة الفاطمية في مدينة رقادة، التي كانت تتمتع بأغلبية تنتمي لدولة الأغالبة التي سبقتها، والتي كانت تقع في تونس على بعد 10 كم من القيروان. من المنطقي أن تسعى الدولة الفاطمية لتوسيع نطاق نفوذها ليشمل المغرب الأوسط والمغرب الأقصى، المعروفين حاليًا بالجزائر والمغرب. وفي سنة 302 هجري، نجح الفاطميون في توسيع نفوذهم ليصل إلى مصر، حيث اتبعوا في ذلك نموذج العباسيين من خلال تشجيع الفكر الشيعي وتكوين قاعدة من المؤيدين لهذا المذهب في تلك البلدان قبل السيطرة عليها سياسيًا. واستقر الأمر لعبيد الله المهدي، الذي بويع في قصر الفتح، حيث عمل على تنظيم الشؤون الإدارية والاجتماعية وتقسيم المهام في البلاد.
نشأة الدولة الفاطمية
مع قيام الدولة العباسية، انتقل مركز الخلافة الإسلامية من دمشق إلى بغداد، بينما كانت الدولة الإسلامية منتشرة على مساحات شاسعة، مما أدى إلى ظهور حركات تمرد في بعض المناطق. ومن بين هذه المناطق كان المغرب العربي، حيث تعرض الأمازيغ، الذين يعدون جزءًا بارزًا من المجتمع المغربي، لبعض مظاهر الظلم. نتج عن ذلك صراعات بين الأمازيغ والعرب بسبب السياسة المتبعة من قبل بني أمية، وعدم إدراكهم لطبيعة العلاقات مع الأمازيغ. استغل البعض هذه النزاعات لصالحهم وأسهموا في نشوء الدولة الفاطمية في المغرب العربي بقيادة عبيد الله المهدي في رقادة.
أوضاع المغرب الأوسط (الجزائر) بعد قيام الدولة الفاطمية
يمكن تلخيص أبرز النقاط المتعلقة بالمغرب الأوسط فيما يلي:
- تكون المغرب الأوسط من قبيلتي البتر والبرانس، اللتين شهدتا صراعًا مستمرًا، فاستغل الفاطميون هذه الفتنة لتوسيع نفوذهم على المنطقة، فقاموا بدعم البرانس ضد البتر.
- ترجع هذه الشراكة بين الفاطميين وسكان المغرب الأوسط إلى أطماع الفاطميين في الموقع الاستراتيجي للمنطقة، الذي يعد نقطة وصل بين الدولة العباسية والدولة الأموية في الغرب، وكذلك سواحل أوروبا في الشمال. وعقب تصاعد شهرة قبائل صنهاجة في المغرب وتحقيق انتصارات متتالية، شجع ذلك الفاطميين على الاستعانة بهم في حربهم ضد الأمويين في الأندلس، إذ كان أغلب الولاة الذين عيّنهم الخليفة الفاطمي من قبيلة كتامة، التي تعد جزءًا من قبائل البرانس.
- من الملاحظ أن الخلافة الفاطمية اعترفت بنسب صنهاجة العربي الحِميري رغم عدم دقة ذلك، وذلك في محاولة لجذب هذه القبيلة للصف الفاطمي ضد الزناتيين الذين هاجموا الحدود الغربية للدولة الفاطمية بعد تحالفهم مع الأمويين في الأندلس، مما ساعد الفاطميين في ترسيخ وجودهم في المغرب الأوسط.
الحياة الاجتماعية في المغرب الأوسط (الجزائر) قبل الدولة الفاطمية
تميزت الحياة الاجتماعية في المنطقة بالقبائلية، حيث كانت تتشكل من قبيلتي البتر والبرانس الأمازيغيتين. كان البتر من البدو الرحل، بينما اعتاد البرانس على الاستقرار في المدن والقرى.
الحياة الدينية في المغرب الأوسط (الجزائر) قبل الدولة الفاطمية
سادت في المغرب الأوسط، كما في باقي أرجاء المغرب، عبادة الإله “آمون”، الذي يعد أحد الآلهة في الحضارة المصرية القديمة. وقد تم اكتشاف دلائل على هذه العبادة من خلال العثور على تماثيل كبش تحمل قرص شمس في مناطق متعددة من شمال إفريقيا. بالإضافة إلى ذلك، انتشرت بين سكان تلك المنطقة عبادة الإله “بعل حمون”، الذي يمثل تمازج بعل الإفريقي ذي الجذور الشرقية الفينيقية مع إله ليبي قريب من المعبود المصري “زيوس آمون”. واستمرت عبادة “العجل قورزيل” لفترة طويلة، جنبًا إلى جنب مع وجود اليهودية والمسيحية بين سكان المنطقة.